أسرار ومفاجآت الجلسات الأخيرة في قضية سوزان تميم!
أيام قليلة متبقية على المشهد الختامي في قضية سوزان تميم، ففي 21 آيار/مايو المقبل تنصت الآذان للمستشار محمدي قنصوة -رئيس محكمة الجنايات حينما يتلو الحكم في قضية مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم، والمتهم فيها محسن السكري ضابط الشرطة السابق، وهشام طلعت مصطفى رجل الأعمال الشهير. انتهت جميع المرافعات والجلسات بمفاجآت وأصبحت كل الاحتمالات مطروحة في الأحكام التي سيصدرها رئيس المحكمة الذي أعطى لنفسه الوقت الكافي كي يدرس بروية الأوراق قبل أن تنتهي هذه القضية الشهيرة.
شهدت القضية بعض التناقضات والألغاز في الجلسات الأخيرة ومنها أن محسن السكري تناقض في أقواله في ما يخصّ هشام طلعت مصطفى، كما أن الكاميرات التي سجّلت الحادث شهدت بعض القصور في ما يخصّ مسألة الوقت الذي شوهد فيه السكري وهو يغادر العمارة التي تسكنها سوزان تميم. مصدر قضائي له صلة بجهات التحقيق أكدأن وجود بعض التناقضات أو النقاط الغامضة في القضية له مدلول إيجابي، لأنه لا توجد أدلّة محكمة لا يوجد فيها ثغرة واحدة وإلا شكّت المحكمة أن هذه الأدلة مصنوعة لكن مسألة اتهام السكري جاءت منطقية حيث قادتنا الأدلة إلى اتهامه بعد تحديد شخصيته.
كشفت الجلسات الأخيرة من المحاكمة عن تفسير أحد ألغاز القضية حينما طرح الدفاع عن هشام طلعت مصطفى سؤالاً حول السبب الذي دفع محسن السكري للاعتراف بتورط هشام طلعت مصطفى وتقديمه مبلغ مليوني دولار لأجهزة الأمن رغم أنه كان يستطيع أن يفوز بهذا المبلغ ويحتفظ به في حالة ظهور براءته.
أكدت النيابة في مرافعتها أن محسن السكري أحسّ بأن الخناق يضيق عليه، حينها لم يجد مفراً من الاعتراف بجريمته، فقرر أن يستدرج معه هشام طلعت مصطفى وهو رجل الأعمال الشهير صاحب النفوذ، واعتقد محسن السكري أن تدخل هشام في القضية سيساهم في إنقاذه من حبل المشنقة.
شهدت جلسات المحاكمة مفاجآت جديدة حيث عدّل فريد الديب محامي هشام طلعت مصطفى استراتيجيته للدفاع عن موكله، لأن الديب حاول في البداية التشكيك في اعترافات محسن السكري، وإظهار تناقضاتها، ولكن المحاكمة شهدت تقارباً شديداً بين فريق الدفاع عن هشام وكلٍ من أنيس وعاطف المنادي محاميي محسن السكري.
تنسيق بين السكري وطلعت
حاول الديب أن يبرئ محسن السكري من تهمة القتل وأن يشكك في الأدلة التي ساقتها النيابة وشرطة دبي مما يؤكد وجود تقارب تنسيقي كبير بين السكري وطلعت، وهذا التنسيق ظهر حديثاً خلال الجلسات حينما أكد الديب أن براءة هشام تبدأ من براءة محسن السكري من تهمة القتل. قدمت النيابة العامة حافظة مستندات فيها 37 دليلاً لإدانة محسن السكري وهشام طلعت مصطفى وكأنها تردّ على كتاب سمير الششتاوي المحامي الذي أصدر كتاباً بعنوان 51 دليلاً لبراءة هشام طلعت مصطفى، وهو الكتاب الذي أحدث أزمة في المحكمة وتسبّب بإصدار رئيس المحكمة قراراً بحظر النشر في القضية والتحقيق مع مؤلف الكتاب بتهمة محاولة التأثير في العدالة.
خلال مرافعة النيابة سرد مصطفى خاطر رئيس النيابة تفاصيل أقوال 25 شاهد إثبات أدانوا محسن السكري وهشام طلعت مصطفى ومنهم ضابط في الإنتربول المصري والإماراتي وأطباء شرعيين. وطالبت النيابة في نهاية مرافعاتها بإعدام السكري وهشام بتهمة القتل العمد والتحريض عليه. وخلال مرافعة فريد الديب تم الزج بأسماء شركات مقاولات كبرى منافسة لهشام طلعت مصطفى، حيث اتهمها الديب بالتحريض على دس الاتهامات لموكله لإزاحته من السوق، وتحدث عن كلمة المؤامرة واستخدمها كثيراً في مرافعته.
حاول محامي هشام طلعت مصطفى التشكيك في أوراق التحقيقات التي باشرتها نيابة دبي، وفجّر الديب مفاجأة حيث أكد أن هناك مجموعة من الأوراق تم نزعها من تحقيقات دبي. وحاول الديب تشكيك المحكمة في تقرير كاميرات المراقبة، واتهم أجهزة التحقيق في دبي بالتدخل فيه، وشكّك فريد الديب أيضاً في تقرير الطب الشرعي الإماراتي مؤكداً اختلافه عن القيد والوصف الذي سرده الطبيب الشرعي المصري الذي تم انتدابه للسفر الى دبي لمناظرته جثة سوزان تميم والإطلاع على التقارير الطبية الإماراتية.
في ختام مرافعته أكد فريد الديب أن هذه القضية تعدّ مؤامرة على الاقتصاد وتضرب أكبر المستثمرين في سوق العقارات، وعاد المحامي الشهير ليلقي باتهامات حول تورط رياض العزاوي «الحارس» الخاص لسوزان تميم والذي اختفى تماماً ولم يظهر لمحاميه أي أثر خلال جميع جلسات القضية باستثناء جلستين فقط.
وأكد الديب وجود شكوك حول أشخاص بعينهم ومنهم أليكس كزاكي شريك العزاوي، وكذلك محمود أرناؤوط قريب سوزان تميم، وأوضح المحامي في مرافعته أن نيابة دبي لم تستوف التحقيقات حقها باستدعاء هؤلاء الأشخاص لمواجهتهم بالاتهامات المنسوبة إليهم. قررت المحكمة في نهاية الجلسات الاستماع للمدعين بالحق المدني رغم أن بعضهم اكتفى بالظهور الإعلامي وحضور الجلسات الأولى للقضية قبل حظر النشر، وبعد ذلك امتنعوا عن حضور الجلسات السرية.
ولم تخل الجلسات الأخيرة من بعض المشادات بين فريق الدفاع عن المتهمين والمدعين بالحق المدني في الوقت الذي التزم محسن السكري وهشام طلعت مصطفى الصمت ولم يعقّبا مطلقاً على اتهامات النيابة أو شهود الإثبات أو المدعين بالحق المدني، ودارت بين المتهمين وأقاربهما بعض الحوارات الجانبية أثناء الاستراحة من جلسات المحاكمة، ومنعت أجهزة الأمن الصحفيين من الاقتراب من القفص الحديدي الذي يجلس فيه محسن السكري وهشام طلعت. ولم يستطع أحد أن يتنبأ بالسيناريو المقبل الذي سيبدأ لحظة إعلان الحكم، وإن كانت هناك جولة مقبلة للسكري وهشام طلعت أمام محكمة النقض في حالة الحكم بإدانتهما.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024