طمع الزوجة قاد الأسرة كلها إلى السجن!
كان المشهد مثيراً. الأسرة كلها تتجه إلى أبواب السجن الزوجة والأبناء الثلاثة الذين لم يتجاوز أكبرهم عامه الخامس. انتقلت الزوجة إلى سجن النساء وزوجها إلى عنابر الرجال، لكن الزوجة منى نظرت بعتاب إلى زوجها ولسان حالها يقول «أنت السبب في كل ما حدث»،
وكأن الرسالة وصلت إلى الزوج الذي أومأ برأسه وكأنه يعتذر أو يعلن ندمه ولكن بعد فوات الأوان لأنه غامر بما لا يصلح المغامرة به، وقامر بمنزله وأسرته وعرض زوجته لمصيره المظلم. وباسم المال وحلم الثراء ذهبت الزوجة الشابة منى إلى السجن وشاء قدر أطفالها الصغار أن ينشأوا في عنبر الرعاية الاجتماعية.. فما تفاصيل هذه القصة المثيرة؟
ساعات السجن طويلة والحياة في سجن النساء ليس فيها مرح ورفاهية كما تصورها بعض الأعمال الفنية، فالسجن هو السجن والحرية هي التاج الذي يزين رؤوس الجميع.
لم يفارق البكاء منى التي لم تتجاوز عامها الثامن والعشرين كانت زميلاتها يحاولن أن يخففن عنها مصيبتها، فالمشوار ما زال طويلاً.
ملفّ السجينة الشابة يؤكد أنها ستمضي بين جنبات السجن 12 سنة كاملة، والمشكلة أنها جنت على أطفالها الصغار الذين كتبت عليهم تصرّفات والديهما أن يرافقوهما في السجن.
تمزّق قلب منى وهي تستعدّ للإتجاه إلى السجن بعد صدور الحكم النهائي ضدها بالسجن 12 سنة. تلقت أطفالها الثلاثة من جارتها سعاد التي غلبتها الدموع وهي لا تتخيّل المصير المظلم الذي واجه هذه الأسرة.
فكرة شيطانية من الزوج دمرت الجميع. طمعه دفعه إلى استثمار زوجته أبشع استثمار جعل منها واجهة لنشاطه الإجرامي شرح سعيد فكرته لزوجته ببساطة وبدأ معها بداية تحبها كل إمرأة: من لا يحب المال ؟ من يرفض مليون جنيه ؟ لا يوجد على ظهر الأرض من يرفض المليون جنيه. بهذه الكلمات ردت منى على سؤال زوجها الشاب الذي أدرك إنه يسير على الطريق الصحيح، فقد وجد في زوجته الأرض الخصبة التي ينثر فيها بذور الجريمة.
تقمص سعيد شخصية الشيطان وهو يتلاعب بعقل زوجته ويستغل رغبتها في طيّ صفحة الفقر التي عاشتها طويلاً وتوديع التقشف إلى الأبد. ووجد في زوجته آذاناً صاغية ونظرات فيها مشاعر تناقضية لا تخلو من الخوف.
نصائح مدمرة
الأوراق الرسمية تؤكّد أن منى متهمة بجمع أكثر من مليون جنيه من الضحايا بحجة توظيف أموالهم في الأجهزة الكهربائية، وزوجها اتّهمته المحكمة بمساعدة الزوجة في جمع هذه الأموال ولكنه حصل على حكم مخفف بالسجن ثلاث سنوات فقط.
القصة بدأت منذ سنوات وأحداثها تعود إلى ما قبل زواج منى من سعيد الموظف البسيط. كانت تريد أن تتعلق بأي أمل ينتزعها من الحياة التي كانت تغرق فيها، ولم تكن سعيدة مطلقاً وهي تعيش في جنبات منزل ضيّق مزدحم ليس فيه أي خصوصية لأي فرد.
ومن أين تأتي الخصوصية وخمسة من الأشقاء يعيشون في غرفة واحدة؟ ومن أين تأتي السعادة والفقر يكسو جدران المنزل؟ فالأب يذهب إلى عمله في الصباح الباكر ويعود إلى منزله بعد آذان العشاء منهكاً خائر القوى بعد يوم عمل شاق كافح فيه حتى يوفر لأبنائه مصاريف طعامهم فقط.
لم تكن ظروف الأسرة تسمح بتوفير مصاريف للتعليم، ولذلك تركت منى المدرسة في الأعوام الأولى من الدراسة الابتدائية... كانت تشفق على والدها من قسوة الظروف وتلعن الفقر وتتمنى أن يأتي اليوم الذي تترك فيه أسرتها حتى توفر مصاريفها وتعيش حياة جديدة.
وحين طرق أول عريس باب الأسرة ليطلب منى للزواج لم يتردّد أحد... وافق الأب فوراً وبلا شرط في مقابل أن يتنازل العريس عن أي طلبات، ووافقت منى رغم أن سعيد لم يكن فارس أحلامها الذي كانت تحلم به كأي فتاة تعيش أيام الشباب الجميلة، ولكنها في النهاية أرادت أن تخوض التجربة.
عاشت الحب مع زوجها في أول شهور الزواج رغم أنه لم يكن ميسور الحال ولكنه أحبها وأبدى استعداده أن يقدم لها أي شئ تتمناه، لكن منى كانت تتمنى الكثير ولم يكن راتب زوجها يكفي مطلقاً لتحقيق هذه الأحلام. كانت تحكي له كثيراً عن طموحاتها وتقف كثيراً عند مشاهد الرفاهية في المسلسلات والأفلام العربية وتشير إلى الفيلات التي يسكنها أبطال هذه الأعمال الفنية.
تحركت داخل الزوج رغبات كثيرة وأرشدته زوجته إلى هذا الطريق من دون أن تدري. وفجأة صارحها سعيد بما يدور في عقله، فأسرع وسيلة للثراء هي جمع الأموال بهدف توظيفها، فالطمع يدفع الآلاف إلى البحث عن أي وسيلة لمضاعفة المال.
شرح سعيد لزوجته فكرته ببساطة، فهو يعلم أنها طليقة اللسان ولها قدرة فائقة على الاقناع واجتذاب الحديث من الآخرين. طلب منها أن تعلن بين أهالي المنطقة التي تسكنها قدرتها على توظيف الأموال في مجال الأجهزة الكهربائية.
استمعت منى جيداً لنصائح زوجها الذي طلب منها أن تجتمع بربات البيوت من جيرانها لتخبرهم بأنها ستعطيهم عائد يتجاوز 20 في المئة شهرياً من قيمة مساهماتهم في المشروع... لم تمض أيام حتى امتلأ منزل منى بعشرات الزائرات من النساء حاملات تحويشة عمرهن، وجئن إلى منزل منى للمشاركة في هذا المشروع الرابح.
ظهرت السعادة على وجه منى وهي تحصي الأموال في نهاية اليوم. وفي صباح اليوم التالي تلقت المزيد من الأموال، وفي نهاية الشهر الأول نفذت خطة زوجها من رأس المال وأعطت عملاءها أرباحهم وكان هذا هو الفخ الذي سقط فيه المزيد من الضحايا. توافد العشرات من المودعين الجدد وجاء المودعون القدامى ليضيفوا أموالاً جديدة لرصيدهم. وعندما تجاوز المبلغ المليون جنيه أدركت منى أن حلمها تحقق وباتت تستطيع أن تعيش حياة كريمة مع زوجها وأطفالها الثلاثة، فهي منذ أيام أنجبت توأمين وتمنّت أن يعيش أطفالها حياة أفضل كثيراً من حياتها هي.
مرارة السجن
هربت منى وأسرتها من الشقة التي كانوا يقطنونها في السيدة زينب واتجهوا إلى مدينة الفسطاط الجديدة حيث لا يعرفهم أحد. وبدأت الزوجة تنفق ببذخ. اشترى زوجها سيارة واشترت ملابس جديدة لأطفالها وبدأت تترد على الفنادق الكبرى لتحضر الحفلات المسائية.
كانت تتمنى أن يظل هذا الحلم الجميل بلا نهاية لكنها كانت تفيق من نومها على كابوس كل يوم حينما تسمع طرقات على باب شقتها ويدخل عليها رجال المباحث...
وفي هذه الاثناء كانت أجهزة الأمن تعمل على قدم وساق للوصول إلى منى فنشروا صورها وصور زوجها في جميع أقسام الشرطة ومديريات الأمن بعدما تجاوزت بلاغات الضحايا 100 بلاغ...
وبدأت رحلة العدّ العكسي لنهاية أحلام منى. أحد حراس العقارات في مدينة الفسطاط لمحها أثناء ذهابها إلى سوق الخضر. فأبلغ رئيس المباحث الذي سارع للإنتقال إلى مكان الشقة. وحين عادت منى وجدت رجال الشرطة في انتظارها فألقت أكياس الخضر وانتابتها حالة من البكاء الهستيري. ألقت الشرطة القبض على زوجها الذي أكد الضحايا أنه كان يشارك معها في عمليات جني الأموال.
طلبت منى أن تصطحب معها أطفالها إلى السجن لأنهم ليس لهم من يرعاهم. ووافقت إدارة السجون على طلب الأم وتمّ إيداع الصغار الثلاثة دار الرعاية.
قول منى: «لا يوجد أسوأ من السجن كثمن لهذه المغامرة. تمتّعت بالأموال أيام عدّة وها أنا أدفع الآن باقي عمري ثمناً لجريمتي. ولكن صدقوني زوجي هو السبب، فهو الذي أوحى لي بارتكاب هذه الجريمة مستغلاً ضعف خبرتي في الحياة... أعترف بأنني كنت ضحية لطمعي ولم أحسب حساباً لأطفالي الصغار الذين ينتظرهم مستقبل مظلم لأنهم سيعيشون أجمل فترات حياتهم بين جنبات السجون وسيواصلون معي رحلة العقاب. لم أفكر إلا في المال.
واعتقدت أنني سأفوز بهذه الأموال دون أن تصل الشرطة إليّ. ولم يحاول زوجي أن يرشدني إلى الطريق الصحيح وهو الآن يدفع معي ثمن هذه الجريمة. لم تنفعنا الأموال، فحين أنظر إلى أطفالي الثلاثة أتأكد من أنني تركت لهم ميراثاً مؤلماً قاسياً لن ينسوه طوال حياتهم، بل إن زملاءهم سيعيرونهم بسنوات السجن وبوالديهم».
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024
شؤون الأسرة
اقتراحات تمييزية للتشويش على حق الأمهات اللبنانيات بإعطاء الجنسية لأطفالهن
شؤون الأسرة
عائلة حسام ورولا تنقل تفاصيل دقيقة عن الحياة في هولندا بكل صعوباتها وإيجابياتها
شؤون الأسرة