تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

"حجاب الباروكة" هل هو جائز شرعاً؟ إليك تفاصيل الفتوى

زينة وليست حجاباً 

يؤكد الدكتور صفوت حجازي، الداعية الفضائي الشهير، أن الباروكة هي حرام أصلاً فكيف تنفع حجاباً وهي زينة وهذا يتعارض مع قوله تعالي "وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ..."الآية 31 من سورة النور، لقد أمر الله بالخمار وفي تفسيرات أخرى بالنقاب وليس بشعر مستعار وإذا قال الله شيئاً فواجبنا السمع والطاعة حتى نكون ممن قال الله فيهم "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا"[الأحزاب: 36] وقد أمر الله سبحانه النساء بالحجاب والبعد عن كل مظاهر الفتنة أمام الأجانب عنهن فقال تعالى "وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى "[الأحزاب:33].

 

فتوى مثيرة

والغريب أن بعض من فعلن ذلك في العالم العربي استندن إلى فتوى للمفكر الاسلامي الدكتور عبد الصبور شاهين، الاستاذ في كلية دار العلوم في جامعة القاهرة، أجاز فيها للمراة أن تضع الشعر المستعار "الباروكة"على رأسها باعتباره نوعاً من الحجاب لأنها تقوم بوظيفته في ستر الشعر واخفاء الشعر الحقيقي الذي يحرم إظهاره لغير محارم المرأة وبالتالي يمكن أن يقوم مقام الحجاب. كما أن الأمر في مسألة وصل الشعر استناد فيها إلى الحديث النبوي "لعن الله الواصلة والمستوصلة""فإنه ليس المقصود واصلة الشعر كما يشير إلى ذلك كثير من كتب الفقه، وإنما المقصود من تقود غيرها من النساء إلى مكان ارتكاب الفاحشة أو بما يطلق عليه "قوادة"، وبالتالي فإنه ليس المقصود ما فهمه الكثيرون عبر العصور بل إن له معنى آخر

 

مصدر للفتنة

ويرى الدكتور أحمد عمر هاشم، الرئيس السابق لجامعة الأزهر، أن هذا نوع من التحايل مرفوض شرعاً لأن الحجاب الشرعي هو كل ما يجب على"المرأة"حجبه وما يحرم عليها إظهاره باعتباره محلاً للفتنة حتى لا يتسبب هذا اللباس في جذب الأنظار إليها فقد أمر الله النساء المؤمنات بالتستر والتحجب بما فيه تغطية شعر الرأس، فقال تعالى "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذلك أدني أن يعرفن فلا يؤذين"آية 59 سورة الأحزاب، والأصل أنها تلبس على الرأس حتى تستر جميع البدن فلبس المرأة لأي شيء لا يؤدي إلى منع الغير عن التطلع ومد النظراليها يخالف صريح الآية ولا شك أن بروز رأسها بالباروكة مما يلفت الأنظار نحوها وفيه إبراز لرأسها وعنقها مما يكون سبباً للفتنة وامتداد الأعين نحوها.

 

مصدر للفتنة

ووصفت الدكتورة عبلة الكحلاوي، عميدة كلية الدراسات الاسلامية في جامعة الازهر،"الحجاب بأنه طهارة لقلوب المؤمنين والمؤمنات لأن العين إذا لم تر لم يشته القلب ولم تتحرك الفتنة، ومن هنا كان القلب عند عدم الرؤية أطهر لأن الحجاب يقطع أطماع مرضى القلوب "فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ "[الأحزاب : 32]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله حيي ستير، يحب الحياء والستر"وقال صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيتها خرق الله عز وجل عنها ستره"لان الجزاء من جنس العمل . وقال صلى الله عليه وسلم: "إن لكل دين خلقاً، وإن خلق الإسلام الحياء"وقال صلى الله عليه وسلم: "الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة"وقال عليه الصلاة السلام: "الحياء والإيمان قرنا جميعاً، فإن رفع أحدهما رفع الآخر". قال الامام على رضي الله عنه: "بلغني أن نساءكم يزاحمن الرجال في الأسواق ألا تغارون ؟ إنه لا خير فيمن لا يغار".

 

الوقاية خير من العلاج

ويؤكد الدكتور صبري عبد الرؤوف، أستاذ الفقه في جامعة الأزهر، أن الاسلام يعمل على سد أبواب الفتنة لأنه يؤمن بأن الوقاية خير من العلاج، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم "اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء". ولا شك أن وضع المرأة لباروكة فوق رأسها بلون شعر جذاب في العادة يعد نوعا من المفاتن، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أهل النار لم أرهما بعد رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات"، فقد فسر الفقهاء"قوله "كاسيات عاريات"بأنهن يلبسن ما لا يستر ما يجب ستره من العورة ومنها بلا شك شعر الرأس الذي تعتبره المرأة تاجها وأحد مظاهر جمالها. وعن حكم لبس المراة الباروكة لزوجها كنوع من التزين له فلا شيء في ذلك.

 

نوع من التحايل

وحذر الدكتور سعد الدين الهلالي، الاستاذ في جامعة الازهر، من تزيين المعصية في استبدال الحجاب بالباروكة فمن تفعل ذلك عاصية ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى"قالوا: يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: "من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى". وقال أيضا "خير نسائكم الودود الولود المواسية المواتية إذا اتقين الله وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات وهن المنافقات لا يدخلن الجنة إلا مثل الغراب الأعصم".وأضاف الدكتور سعد الهلالي ان مجموعة نسوة من بني تميم دخلن على عائشة رضي الله عنها وعليهن ثياب رقاق فقالت عائشة: "إن كنتن مؤمنات، فليس هذا بثياب المؤمنات". وأدخلت عليها عروس عليها خمار رقيق، شفاف فقالت: "لم تؤمن بسورة النور امرأة تلبس هذا"، فكيف لو رأت عائشة ثياب هذا العصر"ووضع النساء للباروكة بزعم انها حجاب.

هل تصلح الباروكة بديلاً شرعياً للحجاب؟ سؤال يفرض نفسه بعد قيام بعض النساء باستبدال الحجاب بالباروكة لسبب أو لآخر، معتمدات على بعض الفتاوى الدينية التي أجازت ذلك. إلا أن تلك الفتاوى تشهد نوعاً من الخلاف بين رجال الدين، ولكل فريق أدلته الفقهية على موقفه. "لها"سألت رجال الدين في محاولة للبحث عن إجابة حاسمة عن السؤال: الباروكة هل هي بديل"شرعي للحجاب؟   تلجأ الكثيرات إلى استبدال الباروكة بالحجاب سواء بشكل موقت كوسيلة هروب من ضغوط معينة أو حل لمشكلة في العمل أو الدراسة، فعندما قامت الفنانة المصرية صابرين بوضع شعر مستعار "باروكة"فوق الحجاب الذي ترتديه أثناء تصويرها بعض المشاهد في مسلسل "الفنار"، هاجمها كثيرون لدرجة أن بعض المحامين فكر في مقاضاتها باعتبارها تسيء إلى الحجاب، وهذا ما جعلها تعلن أنها لم تخلع الحجاب وإنما هناك مشاهد داخل منزلها، ولذلك فكرت في وضع الباروكة فوق الحجاب. وفوجئت باعتراض الدكتورة آمنة نصير، عميدة كلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر التي اعتبرت مسألة الاستعاضة بغير الشعر الطبيعي نوعاً من أنواع التحايل.

ومع بداية أحد الاعوام الدراسية في تركيا، بادرت العديد من الفتيات المحجبات في الجامعات والمدارس التركية، بعد أن رفضت السلطات دخولهن المدارس بالحجاب، إلى وضع "باروكة"رديئة الصنع وغير جذابة تبدو كغطاء للرأس أكثر منها شكلا من أشكال الزينة للبعد عن لفت النظر وذلك عوضًا عن الحجاب. كما ارتدت الفتيات ملابس تستر الرقبة وتنورات واسعة لتحقيق الشروط الشرعية للزي الإسلامي، وظهر "حجاب الباروكة"بناءً على فتوى عدد ممن يعرفون في تركيا بـ"شيوخ الشباب"من أئمة المساجد والوعاظ في اسطنبول وذلك بعدما فشلت آخر حيلة بتوشح العلم التركي كغطاء للرأس والصدر."  الواقعة الثالثة كانت بسبب تزايد السخط وسط بعض المطربات في دار الاوبرا المصرية لعدم السماح لهن بالمشاركة في الحفلات إلا بعد خلع الحجاب، واعتزمت بعضهن رفع دعوى أمام القضاء أسوة بمذيعات التلفزيون المحجبات اللواتي نجحن في الحصول على حكم قضائي باعادتهن الى العمل. وكان الحجاب قد انتشر بسرعة بين عضوات الفرق الغنائية التابعة لدار الأوبرا والتي تحظر ظهور أي مطربة إلا مكشوفة الرأس.

ولجأت بعض المطربات إلى حيلة أدهشت الكثيرين وذلك بوضع باروكة فوق الحجاب للتحايل على الحظر الذي يحول دون ممارستهن الغناء، بعد أن حصلت بعضهن على فتوى من أحد المشايخ أجاز فيها أن تضع المرأة باروكة فوق الحجاب وذلك استناداً إلى ما يعرف بـ"فقه المضطر"، اذ إن المطربة إذا لم تستجب لشروط الوظيفة سيتم فصلها وبالتالي سيقع منكر أكثر من المنكر الذي حاولت التصدي له حينها تصبح عاطلة عن العمل ولا تجد قوت يومها. وعقب أحداث أيلول/سبتمبر وزيادة الهجوم على المحجبات سواء بالعدوان البدني أو الفصل من العمل أو الطرد في الدول الغربية، أفتى بعض الفقهاء بجواز وضع الباروكة بدلاً من الحجاب تفاديا للهجوم عليهن، وفي الوقت نفسه فإن الباروكة تستر الشعر كالحجاب.

 

غير جائزة للمسنات

وعن مدى جواز وضع المرأة المسنة الباروكة محل الحجاب باعتبارها ليست محلا للفتنة، قال الدكتور عبد الله النجار، عضو مجمع البحوث الاسلامية: "عمل الاسلام على الحفاظ على المرأة حتى ولو كانت غير فاتنة وذلك بسد أبوب الفتنة فقال الله تعالى "وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ"[النور:60] لكن تحجبهن أفضل وأحوط لقوله تعالى "وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ"ولأن بعضهن قد تحصل برؤيتها فتنة من أجل جمال صورتها وإن كانت عجوزاً غير متبرجة بزينة أما مع التبرج فلا يجوز لها ترك الحجاب. ولا شك أن وضع الباروكة هو خطوة من خطوات التزين التي يعقبها مظاهر أخرى من وضع المساحيق والعطور. وهوالتجميل الزائد وهو ليس من أجل إزالة العيب بل لزيادة الحسن وهو محرم ولا يجوز لأن الرسول: "لعن النامصة والمتنمصة والواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة".

 

ويؤكد الدكتور صفوت حجازي، الداعية الفضائي الشهير، أن الباروكة هي حرام أصلاً فكيف تنفع حجاباً وهي زينة وهذا يتعارض مع قوله تعالي "وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ..."الآية 31 من سورة النور، لقد أمر الله بالخمار وفي تفسيرات أخرى بالنقاب وليس بشعر مستعار وإذا قال الله شيئاً فواجبنا السمع والطاعة حتى نكون ممن قال الله فيهم "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا"[الأحزاب: 36] وقد أمر الله سبحانه النساء بالحجاب والبعد عن كل مظاهر الفتنة أمام الأجانب عنهن فقال تعالى "وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى "[الأحزاب:33].

 

 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079