المحافظ المالية الوهمية ليست قاصرة على الرجال
إماراتية عمرها 26 عاماً وخريجة الجامعة الأميركية تحتال على صديقاتها بمبلغ 40 مليون درهم!!
«جريمة نيولوك» مسمى يطلق على نوع جديد من جرائم النصب وهي «المحافظ المالية الوهمية» مخترعوها امتلكوا قدرة كبيرة على اقناع ضحاياهم، وخرجوا بحصيلة وصلت إلى مليارات الدراهم. مؤخراً تورط في الإمارات عدد من الأشخاص من الرجال في إدارة مثل هذه المحافظ، وأشهرها محفظة «البوم» في دبي، و«قبلان» و«الشندقاوي» في أبوظبي، وثالثة في مدينة العين وغيرها، والتي تصل في مجموعها إلى مليار ونصف المليار درهم إماراتي، وضحاياهم حالياً حيارى بين أروقة المحاكم لا يعرفون كيف يستردون أموالهم، وبعضهم معرض لدخول السجن لتراكم ديونهم. الغريب أن ينضم الجنس الناعم إلى سلسلة مرتكبي تلك الجرائم، لنجد فتاة في الـ السادسة والعشرين عاماً خريجة الجامعة الأميركية، وحاصلة على درجة الماجستير تتورط في إدارة محفظة مالية وهمية، وتخلف وراءها ضحايا كلهن من الصديقات وأقاربهن، بعد أن حصلت منهن على مبالغ مالية وصلت إلى نحو 40 مليون درهم بحجة استثمارها في العقارات مقابل ربح شهري يدفع للمستثمر يقدر بنحو 30 % شهرياً من إيداعاتهم. هكذا استطاعت «مريم» أن تجذب ضحاياها لمدة أربع أعوام... وفجأة توقفت عن دفع الأرباح، فلجأ الضحايا إلى النيابة العامة في دبي، التي أمرت بالقبض على مريم وتوقيفها والتحقيق معها في ما هو منسوب إليها، ومريم حالياً نزيلة سجن النساء في دبي على ذمة أكثر من 60 بلاغاً مقدماً ضدها ولا يزال التحقيق معها مستمراً. لها تكشف اتهامات متبادلة بين مريم وضحاياها.
حكاية مريم
في مقابلة مع «مريم» داخل سجن النساء بدبي كانت هي المبادرة الى الحديث عن تجربتها وأول جملة قالتها «أنا لست مدانة فكيف تثق نساء متعلمات ومثقفات بفتاة عمرها لا يزيد عن 26 عاماً ويضعن في يدها مبالغ بالملايين! تقول مريم: «تخرجت من الجامعة الأميركية عام 2005 بعد أن درست إدارة الأعمال، وفي العام نفسه حصلت على بكالوريوس لغة عربية من كلية الدراسات الإسلامية والعربية، ومن ثم تم تعييني في وزارة اتحادية مسؤولة شؤون الموظفين في الوزارة. وتضيف أثناء عملي في تلك الوزارة تعرفت الى زميل من الجنسية العربية كان يعمل بالتجارة والعقارات، اخبرني انه يستثمر الأموال في العقارات، وان الفائدة لمن يضع أموالاً لديه تصل شهرياً إلى 30 % من رأس المال! وتقول: «اعجبتنى الفكرة فهو زميل ملتزم ومشهود له، وسارعت بتجميع مبلغ 500 ألف درهم وأعطيته إياها لاستثمارها خصوصاً أن أرباحها غير محددة، وبذلك أخرج من شبهة الحرام من الفوائد».
وتؤكد مريم أنها خلال 3 أشهر استطاعت أن تحصل منه علىأرباح وصلت إلى ضعفي المبلغ الذي وضعته، فكان يمنحها ما بين 150 إلى 200 ألف درهم شهريا مشيرة إلى انه عندما سألته عن العقارات التي يستثمر فيها ابلغها أنها في بلده. وتؤكد مريم أن الربح كان كبيراً- وعلى حد قولها «أردت أن أفيد صديقاتي مثلما استفدت، وبادرت بإبلاغ إحداهن وهى مديرة مدرسة، وكانت وقتها تقوم ببناء بيت جديد، وتحمست مثلى وقامت باعطائى مبلغ 250 ألف درهم، سلمته بدوري للشخص نفسه، وبعد أن حصلت على فائدة شهر وجدتها تجلب آخرين مقابل حصولها على نسبة من ربحهم». وتشير مريم إلى دهشتها عندما وجدت أن من يدفعون مبالغ بالملايين لا يسألون أين تستثمر؟ ومع من؟ ولا يريدون رؤيتي ولا رؤية الشخص الآخر، ولا يريدون أية ضمانات، فقط هم سعداء بالربح الشهري، ومرت شهور والأمور تسير على ما يرام، والكل يحصل على أرباحه بانتظام، ولكنى فوجئت بصديقتي ذات يوم تخبرني أن المودعين يطلبون ضمانات، فقمت باستخراج دفتر شيكات باسمي، ومنحت كل مودع شيكاً بالمبلغ الذي أودعه، إلى أن جاء شهر حزيران/يونيو عام 2007 إذا ابلغني الزميل العربي أن المبالغ المودعة لديه قد خسرها بالكامل وانه سيتوقف عن سداد الأرباح، وفجأة سافر وأنهى عمله، وبدأت استدين من البنوك لأدفع للمودعين، إلا اننى لم استطع تلبية كل المتطلبات، وتوقفت عن الدفع أيضاً بعد أن قمت بسداد ما يقارب 6 ملايين درهم للمودعين.
وتقول مريم: «أبلغت صديقاتي بالأمر، إلا أنهن بدأن في تهديدي وإجباري على تحصيل شيكات جديدة بقيمة مبالغهن كاملة مع الفوائد الجديدة، وبأعلى من السابق وإلا سيقمن بالإبلاغ عني، واضطررت لاستبدال تلك الشيكات بأخرى جديدة رغم أن الجميع حصل على أمواله المودعة مضاعفة من خلال الأرباح التي دفعت إلا أن الجميع ينكر ذلك». وتؤكد أن المبالغ المودعة لم تكن تزيد عن 20 مليون درهم وقد كتبت لهم شيكات بمبالغ تصل إلى 40 مليون درهم، وأنها لا تعلم أسماء ولا عدد المودعين، لان كل الأمور كانت تتم عبر صديقتين لها، والشيكات كانت تحرر بالدفع نقدا لحامله، إلا أنها فوجئت بعد القبض عليها بأسماء المشتكين وعددهم، وفوجئت أيضاً بأن هناك أشخاصاً أودعوا مبالغ وصلت إلى 4 و5 ملايين وأخر يطالبها ب 16 مليون درهم مع الأرباح!! وتقول: «بمجرد أن علم اهلى بالأمر تم تجميع مبلغ 6 ملايين درهم من الأهل والأقارب، وتم دفع مبالغ للمودعين حتى لا يقوموا بالإبلاغ عنى، وحتى لا يضيع مستقبلي، إلا أنهم بعد أن حصلوا على تلك المبالغ تقدموا ببلاغات أيضاً».
وتشير مريم هنا إلى مثل شعبي «لما طاح الجمل كثرت سكاكينه » وتؤكد أن هذا المثل ينطبق عليها بالفعل، وكما تقول «في الأول كانوا أصدقاء ويرمون بملايينهم لفتاة صغيرة لم تبلغ ال26 من عمرها دون السؤال عن مصدر الأرباح، ولا حتى ضمانات لأموالهم، واليوم الجميع يتهمني بسرقتهم، حتى صديقاتي المقربات»! وتواجه مريم حاليا تهماًً بالنصب والاحتيال على أكثر من 55 شخصاً، وتواجه أيضاً شائعات بأنها اشترت بمبالغ المودعين جزيرة في إيران، وتمتلك العديد من الشقق في عجمان ودبي وسيارات فارهة، وأنها كانت قبل حبسها لا تتناول غداءها أو عشاءها إلا في فنادق دبي الفخمة. وتؤكد مريم أنها لا تملك أية عقارات سوى أنها شاركت صديقتيها في أربع عقارات ثلاثة منها في دبي وعقار رابع في عجمان، ودفعت فقط مقدمات تصل في مجموعها إلى 100 ألف درهم فقط، وليست ملايين كما يدعون، والآن الأمر تم تجميده بعد التوقف عن سداد الأقساط.
وبالطبع تلقي مريم باللوم على المودعين وتؤكد أن طمعهم أعمى عيونهم عن السؤال عن أموالهم أين ستذهب؟ وتقول: «أنا بالطبع واحدة منهم، ولكن أنا اعترف بأني حصلت على أرباح فاقت المبلغ الذي أودعته وهم أيضاً، وأتمنى أن يواجهوني بهم، ولن يستطيع أحد منهم الإنكار بأنه حصل على ماله وأكثر، كما أنهم لم يهتموا بالحصول على عقود تضمن حقوقهم». وتؤكد مريم أنها أغبى شخص في العالم، لأنها خسرت كل شيء، السمعة والأصدقاء، والحرية، والعمل، وورطت أهلها في أمور لم يكونوا على علم بها وترى، أن السجن تجربة لن تنساها ولا تعرف متى ستخرج منها؟ لأنها في كل يوم تواجه ببلاغ جديد يقدم ضدها، والسؤال الوحيد الذي تسمعه كل مرة تذهب للتحقيق أين الملايين؟ وتؤكد أنها لو كانت تمتلك الملايين لكانت وكلت محامياًً يدافع عنها إلا أنهم جميعهم- وتقصد المحامين- يطالبون بنسبة من المبالغ التي يشاع أنها حصلت عليها، ولا تدري ماذا تفعل.
الضحايا يتهمون
وفى المقابل كذب عدد من أصدقاء مريم والمودعين روايتها وأكدوا أنها كانت تحصل على الأموال منهم بشكل شخصي، وأنها أوهمتهم باستثمارها بالعقارات في عمان وإيران وسوريا، وأوهمتهم أيضا بأنها ليست محفظة مالية، وادعت أنها تستثمر في «بيزنس عائلي» فالصديقة «أ» تؤكد أن لمريم أسلوباً خاصاً في إقناع ضحاياها، فهي شخصياً دفعت لها نحو 10 ملايين درهم، حصلت عليها من زوجها رجل الأعمال وعدد من أقاربها وتقول: «الأرباح التي حصلت عليها في البداية كانت وراء تحمسي للدخول في مزيد من المشاريع التي كانت توهمنا مريم بها بمجرد دفعها الأرباح، وأنا اليوم بين نارين، نار مال زوجي الذي دفعته وأوشك على الإفلاس، ونار مطالبات أقاربي بأموالهم التي دفعت البعض منها بعد التقدم ضدها ببلاغات أمام نيابة الشارقة. أما «ع» تاجر فيؤكد انه يعرف مريم جيداً، واستطاعت أن توهمه بمشاريع العقارات، ودفع لها مايزيد عن 6 ملايين درهم بعد تجميعها من أشقائه، ويقول: «أعترف بحصولي على أرباح، ولكن ليس كما تدعى مريم اننى حصلت على ضعف أموالى فهي لا تزيد عن 20 % مما دفعته لها!! ويؤكد: ذكاء مريم فاق التوقعات، ولا يوجد لها اى شريك عربي، بل أن شركاءها هم من ذويها
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024