قصر عريق في قلب الجبل
إنّه المنزل اللبناني بامتياز في قلب الجبل اللبناني والطبيعة الصافية.
أراد مالكوه المغتربون أن يعيشوا الحياة اللبنانية بكلّ تفاصيلها عندما يزورون في الصيف وطنهم الأم.
وقد جسّدوا كلّ الميزات والتفاصيل التي تخدم هذا الجوّ، موظفين كلّ وسائل الرفاهية والفخامة على هذه المساحة الشاسعة شمال لبنان.
من بعيد، يستدعيك مشهد أخّاذ عناصره قناطر شاهقة الإرتفاع ومشربيّة غاية في الأناقة وقرميد يتوّج هذه اللوحة النادرة.
الفرادة تعلن عن نفسها من المدخل الرئيسي العريض، المرصوفة أرضه بالحجارة المربّعة الأنيقة، والمؤدي إلى بركة دائرية ضخمة كلّلت بالعشب.
المساحات الخضر المحيطة بالمنزل أكسبته هالة من الفخامة، حتى بدا كأنه جزء مكمّل من الطبيعة الغنّاء المحيطة.
عشب أخضر افترش المساحات الشاسعة يميناً ويساراً، زينّته تارة الأشجار المنسّقة وطوراً الورود بألوانها العديدة.
ويزيد المكان روعة، تنوّع الجلسات الخارجية في فيء الأشجار الباسقة. هنا طاولة من خشب تحوطها الكراسي، وهناك طاولة أخرى تطلّ على مشهد بانورامي ساحر.
على أن هذه الجلسات الخارجية لا تقلّ روعة عن نظيرتها تحت فيء القناطر التي شكّلت إطاراً خارجياً للشرفات وأعطت هذا المسكن صفة العراقة وميزته الشرقية بإمتياز.
وقمّة العراقة تجلّت في الديوان الشرقي على إحدى الجلسات الخارجية التي تطالعنا ما إن يفتح الباب الخشب المنحوت من الخشب والحديد، ذو القيمة التاريخية الكبيرة الذي يضفي جمالاً على الخارج كما الداخل المشرف على الصالونات.
الداخل فسيح، جماله بكبر مساحته التي تعطي المكان رونقاً خاصاً، وبتنوّع الجلسات.
الصالونات جمع بينها الطراز النيو كلاسيكي ووحدة الألوان في كلّ ركن خاص.
أحد الصالونات البيج وضعت عليه أرائك باللون السومون، وشغلت أحد جدرانه لوحة من الخشب المرسوم على شكل «بارافان».
الصالون الثاني القرميدي عبارة عن مقعدين متقابلين بالحجم والشكل، مع أربع «بيرجيرات» ظهرها من القشّ ومقاعدها كما الأرائك باللون البيج.
وشغل زاويتي هذا الصالون مصباحان على ركائز عالية.
والقاسم المشترك بين كلّ الصالونات هو الثريات من الكريستال الفاخر، وقد اتسمت بكبر حجمها، والأكبر وضعت فوق الطاولة في غرفة الطعام ذات الطراز الكلاسيكي البحت.
واللافت في غرفة الطعام لون الطاولة من الخشب الداكن اللماع.
أما المقاعد الإثنا عشر التي ارتفعت حولها، فإطارها من الخشب البيج، وقماشها من لون داكن أكثر.
وفي المساحة الفاصلة بين البابين المقببين المفضيين الى المطبخ، لوحة زيتية كبيرة لرسام عالمي، أضفت عراقة على هذا الركن.
الجلسات كثيرة في هذا المنزل، ومن الواضح أن المالكين لا يكفون عن استقبال الزوار بأعداد كبيرة، محافظين على راحتهم التامة من خلال تنوّع الجلسات التي يؤمنونها لهم.
وبالإنتقال إلى جلسة أكثر راحة وعملية، ندخل غرفة الجلوس التي تقع ضمن الجناح المخصّص للتسلية، والذي يقود مباشرة التي الترّاسات الخارجية.
في هذه الجلسة مدفأة كبيرة من الحجر وضع أمامها مقعدان قماشهما شبابيّ مقطّع إلى مربّعات بألوان نارية، تماشيا مع المقاعد الوثيرة على شكل زاوية بلونها القرميدي.
وفي هذا الجناح المخصّص للتسلية طاولات عالية للموائد، وإزدان الجدار المقابل برفوف صغيرة من الخشب عليها أوان فخارية بأحجام مختلفة، ذات قيمة تاريخية خاصة.
وفي هذا الجناج طاولة للبلياردو تكتمل معها عناصر التسلية.
ثلاث قناطر داخلية تقود من قاعة الإستقبال إلى غرفة المدفأة في الطبقة العلوية، لعب فيها الزجاج المقبّب الكبير للنافذة دور لوحة فائقة الجمال.
المدفأة تربّعت في جدار من الخشب، وزيّنت وسطه، وفوقها مباشرة مرآة إطارها من الحديد المزخرف.
وتكرّرت في هذا الركن اللوحات النادرة الفائقة الجمال، فوجه الطاولة الوسط لوحة من الرخام الموزاييك، وقد استلقت على سجادة من الحرير الفاخر كما في كلّ الجلسات، حتى بات يمكن القول إن هذا المنزل أشبه بمعرض للسجاد والكريستال والقطع الأثرية الفاخرة.
الواجهات الملوّنة من زجاج التي أضفت قيمة خاصة على هذا الطراز المعماري العريق، لعبت دوراً تجميلياً للخارج كما للداخل.
فأحد الحمامات مثلاً إزدان بها لتزيده جمالاً واتّساعاً، حتى بات من يدخله يحسب أنّه في ركن آخر مختلف تماماً، وليس في الحمام الذي خرج بهندسته عن المألوف، وبدت جدرانه عبارة عن قناطر بزجاج ملوّن .
كما أنّ الأبواب الخشب المقبّبة للشرفات أعطت رونقاً لافتاً، وتحديداً في غرف النوم التي اتّسمت بالبساطة.
السلالم الخارجية من الحديد الأسود المشغول، كما الداخلية الفاصلة بين الطبقات، زادت المساحة جمالية وزخرفة، مكمّلة المشهد الهندسيّ العام.
مزيج الهندستين اللبنانية والشرقية له سحره الخاص وعناصره المتقنة التي تجسّدت خير تجسيد في هذا المنزل الأصيل.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024