ريشة بسام ضاهر ترسم...
لسنا أمام مشهد من القصص الخرافية ولا من أحلام اليقظة، بل في اليقظة الفعلية التي تأخذنا إلى عالم من الأحلام، في جوّ فاتن يخطف الأنفاس ويأسر القلوب.
هذا الكلام لا مغالاة فيه، وترجمته في الصور، وتوقيع المهندس بسام ضاهر خير دليل وشاهد.
غريب هذا المنزل، يرضي كلّ الأذواق. فمن يحبّ الفنّ المعاصر يجد له ملاذاً في الـتأمل بكلّ التفاصيل، ومن يحبّ العصرية وآخر صيحات الإبتكارات الهندسية، وبخاصة التكنولوجية منها، يستمتع في رحاب هذا المسكن.
ومن أحبّ اللمسات التاريخية والعراقة والأصالة، يبحث في هذه الروعة الهندسية عن ما يكمل هذه اللوحة، فيجد في تفاصيلها قطعاً نادرة وتاريخية وأواني فاخرة، كمجموعة التروس بألوانها المختلفة، والتي علّقت على جدار أحد الصالونات.
كلّ مقوّمات العراقة أو الرفاهية حاضرة هنا، مما يعطي إنطباعاً أننا في إطار خارجي، وكأننا في فندق من خمس نجوم.
فالمهندس ضاهر حوّل هذا الدوبلكس الممتد على مساحة 950 متراً مربعاً في إحدى المناطق الفائقة الرقي في قلب العاصمة بيروت، إلى واحة من الفرح ضمّت كلّ وسائل الرفاهية، ليتنعّم المالكون كما زوار المنزل بأوقات إستثنائية من الفرح والسعادة.
وقد خدمت هذا الجوّ الألوان المستخدمة وطريقة التصميم غير المألوفة عادةً للمنازل، لتخرج هذه المساحة بانسجام تامّ بين كلّ جلساتها، وبجوّ واحد: بهو أحد الفنادق الفخمة في أكثر المناطق رقياً.
الرخام الأسود إفترش الأرض التي تطالع الزائر مباشرة، لينبسط بعده اللون الزاهي للرخام بآخر ابتكاراته، فتتداخل ألوان الرخام الداكنة والزاهية معاً على امتداد الصالونالت بخطوط مستطيلة ومنسقة.
كلّ ركن اتسم بلون خاص به، وبما أنّ المساحات مفتوحة في ما بينها ومنسجمة في الألوان إلى أبعد الحدود، يرتاح الزائر الذي يجول بناظريه ويستمتع بكلّ قطعة أثاث وأكسسوار نادر ولوحة فنيّة استثنائية.
ولا بدّ للزائر أن يتوقف في لحظة إبهار وتأملّ أمام مزيج الخشب والكروم المستخدم على أحد الأعمدة الفاصلة بين الصالونات، وقد ولّد شعوراً كأننا أمام لؤلؤة من الكريستال، مما زاد الجوّ عظمة وإبهاراً.
واستخدام هذا المزيج على جدار الدرج الذي يقود إلى الطبقة العلوية، أضفى رحابة وعكس جمالية تصميم الطبقة الأولى لترافقنا ونحن صاعدون إلى الطبقة العلوية، على الدرج المبتكر الذي استخدمت فيه آخر التقنيات الحديثة، ليبدو كأنه درج معلّق في الهواء ومرتكز على قاعدة من الكروم.
وقد ساهم عبدالله، شقيق المهندس ضاهر، في تنفيذ هذا المبتكر الفريد الذي شكّل تحدياً هندسياً للأخوين وثورة جديدة في عالم الهندسة.
الصالونان المتقابلان من مشتقات الألوان نفسها، واحد طغى عليه الهافان والبني والآخر البيج.
وبما أنّ للكروم حيزّاً كبيراً في التصاميم، فقد استخدم ركيزةً لإحدى طاولات الوسط. وبين الجلسة والأخرى ركائز من الخشب عليها قطع نادرة، كأننا في متحف تعددت فيه القطع الأثرية المميزة، لكون المنزل مستوحى من الخطوط الهندسية التي ميّزت العام 1940.
ونصل إلى مائدة الطعام النابضة بألوانها الصارخة من البنفسجي والرمادي. هذا الركن مؤلّف من طاولتين مربعتين، إرتفعت حولهما مقاعد وثيرة من المخمل البنفسجي والرمادي.
وبين الطاولتين واحدة مستديرة من الكروم، عليها مجموعة من المزهريات الفاخرة. وتميّزت غرفة الطعام بالمرايا الثلاث التي وضعت داخل إطار مزخرف من الفضي. وانسدلت الستائر البنفسجية من الحرير من الطبقة العلوية الى السفلية، كما الثريا الكريستال المفككة الاجزاء والمبتكرة التصميم، والتي تدلّت من الطبقة العلوية الى وسط هذا الركن.
اللوحات الزيتية تلازم معظم الجلسات، لكن ما يجمع بينها كلّها هو النمط والأسلوب الواحد، إذ زار رسّام إفريقي المنزل ليستوحي من أجوائه ما رسمته ريشته.
وفي أحد الصالونات وضع جهاز التلفزيون داخل إطار من الخشب، ليظهر كأنّه لوحة، ولكن إلكترونية.
الخشب بألوانه وأشكاله العديدة، والذي لعب دوراً كبيراً في التصاميم، أخذ حيّزأ كبيراً في غرفة الجلوس التي ارتدى جدارها حلّة من الخشب بلونه العسلي الفاخر، إخترقته فجوتان من الخشب الداكن المربّع والمستطيل، وفي الوسط جهاز التلفزيون.
تقابل هذا الجدار فجوات زيّنت الجدار المقابل، وضعت فيها مجموعة لافتة من الأكسسوار متشابهة الأشكال ولكن بألوان عدّة. ولم تغب المرايا عن هذا الركن أيضاً، وعلّقت على الجدران من دون تكلّف.
الجوّ الفاخر والانطباع أن المالكين نزلاء فندق، يرافقاننا إلى الطبقة العلوية.
جناح الماستر فاخر وعريق.
الجفصين المرسوم والمقلّمة أطرافه بالذهبي حاضر ليخدم الجوّ المنشود، إلى جانب الخشب في الأرض والجدران والحرير في الأقمشة.
الجاكوزي مواجه للسرير ويطلّ على الخارج من نافذة كبيرة، وهو ما يضفي جواً من الإسترخاء التام.
الغرفة الثانية شبابية تعجّ بالألوان الزاهية بفضل الجدار الأحمر بطلائه اللمّاع أمامه مقعد مستطيل من الجلد الأحمر أيضاً، في مقابل غطاء السرير المقطعّ إلى مكعبات بيضاء وسوداء.
أما المكتبة فمكعّبات منفصلة.
من العام 1940 إلى عامنا الحالي محطات هندسية عدة أخذ من عصارتها المهندس بسام ضاهر لينثرها في أرجاء هذا المسكن، فكانت اللوحة الفريدة.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024