Matali crasset للديزاين...
فرادة في التعبير ببساطة وشعرية معاصرة، تتجاوز من خلالها كل المعايير الزخرفية المألوفة للوصول الى صيغ جديدة مبتكرة تحمل في خصوصياتها بعضاً من أشكال التحدي الزخرفي.
إنها مصممة الديزاين الفرنسية متالي كراسيه Matali Crasset العالمية الشهرة.
في أسلوبها الزخرفي المثير للفضول، خطاب بيئي مميز، مشحون بالأفكار الجديدة والصياغات البارعة اللافتة التي تؤسس لرفاهية حقيقية بأجواء ملوّنة تنصاع لها المشاعر والحواس.
فكل ما تبدعه مخيلتها الخصبة من مظاهر وأشكال تجريبية غريبة، تسير في اتجاه معاكس لتيارات الموضة الدارجة، محاولة من خلال ذلك تأكيد اختلاف نهجها بكل ما يحمله من قيم جمالية ومقاييس فريدة للأناقة.
أناقة لا تجسدها التصاميم الزخرفية والسينوغرافية فحسب، وانما تطال أيضاً كل الاكسسوارات المنزلية التي تحمل توقيع «متالي كراسيه» وتتسابق الشركات المنتجة والناشرة لمبتكرات الديزاين على إنتاجها وتسويقها.
«متالي كراسيه» ولدت عام 1965 في مدينة شالون Chalon الواقعة في منطقة Champagne في الشمال الفرنسي، وأتمت دراستها الزخرفية في المدرسة الوطنية العليا للفنون والابتكار الصناعي في l'ENSCI في باريس حيث نالت منها عام 1991 دبلومها.
بدأت بتميز نشاطها المهني، بعد ان قامت بالبحث والعمل لإيجاد بدائل عن الأساليب المتبعة في مجالات الديكور، والتي تخضع لإملاءات قوانين الموضة ومفاهيمها التقليدية التي تحكم حياتنا ورفاهيتنا اليومية في داخل المنزل وخارجه،
فعملت على إعادة تنظيم أفكارها ومبادئها واحتواء شبكة تشعباتها بمرونة.
وفي عام 1992 تعرفت على المصمم الإيطالي الشهير Denis Santachiara دنيس سانتاكيارا وتدربت على يديه وكان معروفاً بأسلوبه المميز في التصميم الذي يجمع بين جماليات الأشكال والتكنولوجيات المعاصرة، والتي كان يسلّط عليها الضوء لإبراز ما تتمتع به من إمكانيات شعرية مدهشة.
وقد تأثرت «متالي كراسيه» بطريقة أسلوبه الذي بدا واضحا من خلال مقارباتها المختلفة للمشاريع الزخرفية وتحليلها للمشاهد.
كما أضاف تعاونها مع المصمم العالمي للديزاين Philippe Starck فيليب ستارك حيث شغلت منصب مديرة فنية لمكتبه خلال خمس سنوات متتالية، خبرة ثمينة الى خبراتها، مما ساهم في إنضاج أسلوبها وتظهير هويتها الزخرفية، لتستقل بعد ذلك في عام 1993 وتؤسس شركة خاصة بالتصميم الزخرفي والإنتاج حملت اسمها.
فانهالت عليها العديد من المشاريع والتي تنوعت بين الهندسة الداخلية والديزاين، اضافة الى تصميم العديد من قطع الاكسسوارات المنزلية وأدوات المطبخ، كاشفة
في كل من هذه المجالات عن رؤية بارعة وموهبة مثيرة في الصياغات المتقنة، وتشكيل الأجواء الزخرفية والمفيدة بأساليب غير مطروقة ساهمت في توسيع دائرة نشاطها وانتشار أعمالها في تلك المجالات، على امتداد خريطة العالم.
فمن تصميمها لعمود «جيم» Jim الذي يلتف حوله وبشكل أنيق فراش يتم استخدامه في الشقق الضيقة، لإستضافة صديق للنوم، حيث ينفرد الفراش ويتحول الى سرير مريح مزود بعنصر جميل للاضاءة، ليعود ويأخذ بعد استخدامه شكله السابق محتلا مساحة صغيرة في زاوية من المكان لا تزيد مساحتها عن 35 سنتيمترا.
الى تلك الأريكة المعروفة باسم Dynamic Life والتي تدعو من خلال تصميمها الطريف للتغيير في طريقة نظرتنا الى الأثاث، فهذه الأريكة القابلة لاعادة التكوين بأشكال مختلفة ومستمرة تتماشى مع وظائف مختلفة مثل الجلوس والاستراحة والنوم كما انها تساهم في خلق أجواء ومظاهر متغيرة في فضاءات المكان بطابع عملي أنيق يستجيب احتياجات الحياة اليومية ومتطلباتها المتغيرة دائما، والتي لا تعرف الجمود.
لذلك يمكننا اعتبار مبتكرات متالي كراسيه كنوع من المقترحات، تقدمها للذين يهمهم الأخذ بها والتفاعل معها بما ينسجم مع رغبته الخاصة واحتياجات بيئة منزله الزخرفية.
فما يهم «متالي كراسيه» هو ابتكار سيناريوهات جديدة لنهج عيش يحقق المزيد من الرفاهية، وهذا بالنسبة إليها هو الهدف الأهم من المنتج وفضاء العيش ذاته.
فلهذا السبب اختارت ان تكون مصممة، وليس لابتكار منتجات جميلة فقط...
فهي تسعى دائما لابتكار تصاميم لمنتجات جميلة متعددة المهمات والوظائف، أي نوع من المنتجات الملتزمة والمثيرة للفضول لأن متالي كراسيه تتوجه في عملها بشكل خاص الى تلك الفئة من الناس التي تريد العيش في الحاضر وليس الماضي.
وهنا لا علاقة للأمر بالحنين، وانما بموضوع تطوير المشهد الزخرفي لصالح الرفاهية الحقيقية. وان المشاركين في هذا النوع من التطوير انما يعبّرون بشكل ما عن موقف.
لا تقل مشاريع متالي كراسيه وطروحاتها وتصاميمها الزخرفية للفضاءات والأماكن، طوباوية عن أجواء مبتكراتها للأثاث واكسسوارات المنزل .. بل انها امتداد لخصوصية فكرها، الذي تجسده أعمالها السينوغرافية والفنية ومشاريعها الزخرفية والتي يبرز بينها مشروع تصميمها لفندق «هاي اوتيل» Hi Hotel الذي تم تنفيذه في مدينة نيس في الجنوب الفرنسي، مبتكرة سيناريوهات مدهشة وطريفة لصياغة الفضاءات المختلفة للمكان، والتي تناولت في كل منها موضوعاً مختلفاً دار حوله التصميم، وقد زودته خيارات من قطع الأثاث المتعددة الوظائف المتغيرة، فكان الديكور تجريبيا بامتياز وصادما في الوقت ذاته.
وقد ركزت الكثير من الاهتمام على صياغات غرف النوم، التي أخرجتها من روتينية مظاهرها العادية لتلبسها حلّة ثانية مثيرة وغير منتظرة.
فكان ابتكارها لأجواء غرفة حملت اسم «وايت اند وايت» White&White نسبة إلى موضوع صياغتها وتزيينها، حيث اكتست جدرانها وأثاثها غير التقليدي بحلة من اللون الأبيض الناصع، وقد تحولت فيها الطاولة الى سرير ملبّس بالجلد الأبيض، بينما تغير مظهر السرير، ليصبح حوضاً للاستحمام يعلوه سطح من البلكسي غلاس الزهري.
فجسدت هذه الغرفة بمظهرها المتفرد الغريب ووظائف موجوداتها نموذجا من جو مميز، خصصته متالي كراسيه للاسترخاء والراحة.
أما محبّو تكنولوجيا الإتصال وعالم الإنترنت، فقد وجدوا في الغرفة الشطرنجية، التي حمل موضوع زخرفتها اسم «ديجيتال» فضاء محببا يرضي ميولهم.
فمن وحي ثقافة الإتصال، ولد هذا التصميم الطريف لغرفة لُبِستْ جدرانها بشاشات عملاقة مزودة بخلايا «البيكسل» بتناغم مع بقية الأثاث المُصَّمم من روحية انظمة تشغيل الكومبيوتر، والتي تتشكل من عدة نوافذ لكل منها مهمات مختلفة.
وقد خصصت نافذة مضيئة للعرض وتلقّي المعلومات والصور.
قد يرى البعض في متالي كراسيه انها مصممة مشاكسة، في طروحها الزخرفية وأساليب صياغتها لتصاميمها التي تعتبر اليوم كنوزا زخرفية مثيرة للبهجة، بما تحمله في ملامحها وخطوطها من نقاء هندسي غير مسبوق وغرابة وطرافة وجسارة تعكس تميز صاحبتها بخيال واسع وموهبة متفردة.
فهي التي قطعت أشواطا طويلة في عالم الابداع وثارت على الأجواء النمطية والقوانين والرموز المستهلكة، لترسم لنفسها خطا مميزا مدعوما برؤيتها الخاصة وفلسفتها التي تطرح مفهوما جديدا لعملية التغيير والتطوير في كل مستويات الابتكار بحيث لا يتم الاعتماد على الأشكال الخارجية الجميلة فقط للتصميم وانما يذهب نحو الهدف من ابتكاره لتفعيل وظيفته ومهماته بما يتماشى مع مناخاته الجديدة المتطورة، لأن الهدف من وجهة نظر متالي كراسيه يأخذ أسبقية على الرسم والأشكال.
وهي ترى أن نهج عيش حياتنا اليوم قابل للتغيير وتلقّي أفكار وحلول بديلة ملائمة لأجواء العصر.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024