تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

جان لوي مانغي عندما ينطق الحجر

ليست فيلا مستقلّة في منطقة نائية كما يخال الناظر من الخارج، ولا شقة منفردة على أحد الشواطئ الهادئة.
إنها
ببساطة، شقة مؤلفة من مسكنين يشكّلان الطبقتين الأخيرتين من بناية راقية في وسط بيروت.
هذا
الإبتكار الاستثنائي ليس غريباً على مهندسٍ استثنائي وإسم عالميّ لامع في هذا المجال هو جان لوي مانغي.
بين
يديه يتحوّل الحجر طائعاً، متكلماً.
قبل 22 عاماً استعان المالكون بخبرات المهندس العالمي مانغي. وها هم اليوم يجدّدون التعاون معه في هندسة شقتهم السكنية.
لكن
هذه المرّة في قالب معاصر يتخطى الزمن والطراز المحدّد، بل يجاري كلّ الأزمنة على اختلاف انتماءاتها.

صحيح أن هذه الشقة من طبقتين، إلا أنّ تصميمَها الحميم يجعل منها شقة على طريقة الـ«Loft»، مريحة وعملية، وأبرز ما فيها أنها مبتكرة.
فالإبتكار هو العنوان العريض لمانغي الذي لطالما امتزج على مرّ السنين بخطّ خاص به وأسلوبٍ فريد يشقّه دوماً في عالم الهندسة.
وهذا ما يبرز جلياً بدءاً من قاعة الإستقبال.
هنا تنفتح أمامنا مساحة جمالية مترامية لا تكفي عينان للإحاطة بها والتأمل في تفاصيلها. أوّل ما يلفت الزائر هو الدرج الذي يقود الى الطبقة العلوية، فهو ظاهر وخفي في آن واحد.
ظاهر من أطراف الدرجات الرخام الأسود الفاخر المعروف بـ «الرخام الاسود البلجيكي».
وخفيّ لأن  من لا ينظر الى ما يخفيه الجدار وراءه، يظن أن الأمر مجرد زينة، إذ إختبأت الدرجات الباقية خلف جدار من المعدن المعتق بطريقة فنيّة.
وفي وسطه فجوات صغيرة برزت منها الدعسات المضاءة التي تقود الى الطبقة العلوية والتي انفتحت بدورها على بقية الأجزاء، وأتى ديكورها منسجماً مع الطبقة الأولى.
والركن المطلّ على مساحات الصالونات من علٍ، على شكل ممرّ، زيّنت جدرانه ثلاث لوحات زيتية، إثنتان على الجانبين متطابقتان، وواحدة في الوسط مختلفة بالحجم والشكل، تعجّ بالألوان النارية.
واتّسم هذا الركن المطلّ بميزة خاصة، إذ يمكن أن يلعب دور المنصة كما في القصور التاريخية.
هنا حين يتحوّل المنزل إلى مكان للسهرات والإحتفالات، يمكن للفرق الفنية أن تعرض فنها على الجماهير المنتشرة في أرجاء الصالونات الفسيحة من فوق.
الصالونات بدورها قابلة للتحرّك ولتغيير معالمها وفقاً للمناسبات الخاصة.
المقعد الكبير من سبعة أمتار ونصف متر وضع أمام الواجهة الزجاج العملاقة الملتوية، التي عكست على الداخل نوراً كبيراً ومنظراً بانورامياً خلاّباً يكشف سحر مدينة بيروت وجمالها.
هذا الركن حارّ وبارد في آن واحد، ساهمت في جعله حاراً الألوان الدافئة للأثاث من طراز الـ«Art Deco» من الرمادي والمقاعد الصغيرة المنفردة Chevalier من الجلد الأنتراسيت والأحمر.
الطاولات هنا لافتة بابتكارها وبطريقة استعمالها الفعّالة.
فهي عبارة عن طاولات صغيرة الحجم، منها الدائري وشبه البيضوي من ماركات عالمية من المعدن، بألوانها المختلفة، يمكن أن تتوزّع أمام المقاعد.
وشغلت أحد الجدران لوحة للرسّام العالمي أسادور من مشتقات ألوان الأثاث، إلى جانب لوحات عديدة تناثرت على الجدران من توقيعه أيضاً.
وفي مقابل هذه الجلسة، صالون عبارة عن مقعد واحد متصل الأجزاء من الجلد الأبيض.
وخارجاً عن المألوف، إحتلت وسط الجدار لوحة زيتية ضخمة طغى عليها اللونان الأحمر والأزرق الداكن.
أما جهاز التلفزيون فوضع على عمود من الكروم تدلّى من السقف وضمّ الأسلاك الكهربائية التي اختفت في داخله.
طاولة الوسط مبتكرة أيضاً، مقسّمة إلى أربعة مربّعات يمكن أن تنفصل في ما بينها لتشكّل كلّ واحدة طاولة مستقلّة.

وهنا، الشتول الخضر توزّعت في الجلسات الخارجية، وطغى جمالها على الداخل من خلال الواجهة الزجاج الكبيرة.
وفي آخر الصالونات ركن خاص متعدّد الإستعمالات، طاولة قاعدتها من الكروم ووجهها من الزجاج إرتفعت حولها مقاعد من الكروم أيضا، جدارها المقابل الذي ضمّ خزانة وجهاز التلفزيون، مصنوع من خشب ال»إيبين» الفاخر.
شغلت جدار غرفة الطعام الداخلية مربعات من الجلد الأخضر الأنتراسيت التي أدخلت لوناً زاهياً إلى جانب الثريا الـ«باكارا» المستطيلة باللون الأحمر، وقد أضفت فخامة وجواً حالماً في ظلّ اللون الداكن للطاولة ذات الركائز الحديد المشغول والمقاعد المصنوعة بشرائط من الجلد.
ولتكتمل أجواء الفنّ والسحر، شغلت الجدران لوحتان زيتيتان للرسام الشهير بول غيراغوسيان.  

حمام الضيوف عصري باللونين الاصفر والرمادي، وحوض المغسلة دائري من الكريستال، والخزائن من خشب الأبنوس.

الطراز العصري أيضاً هو سمة حمّام غرفة الماستر في الطبقة العلوية، والذي اكتست جدرانه كما الأرض الرخام الـ «سان لوران» من الرمادي الداكن.
في مقابل هذه المساحة الداكنة، غرفة النوم مفعمة بالراحة والسكنية، خيوطها واضحة وبسيطة، ساهمت الواجهات الزجاج الكبيرة في إدخال النور والضوء والمنظر البانورامي إلى كلّ أرجائها.

ويمكن الإطلالة من شرفتها على حوض السباحة والحديقة والجلسات الصيفية. فالمساحة الخارجية من توقيع المهندسة رنيه الخازن.

الناظر الى حوض السباحة والتراس والشكل الخارجي لهذا المنزل، يخال أنه أمام فيلا أنيقة أو مسكن خاص مستقل قائم بذاته، ولا يشكل شقتين علويتين من بناية في وسط بيروت.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079