طفلي 'يحبّ' الخوف
يعشق طفلك الصغير الذئب الكبير الشرير أو مشاهدة فيلم رعب لكي يشعر بالخوف والرعب... لماذا؟ لأن هذا ضروري لتكوين شخصيته. إليك التفاصيل...
في كل مرحلة من مراحل النمو، يشعر الطفل في لاوعيه بعدد من المخاوف التي يتوجب عليه تخطيها.
إنها عملية طبيعية يحوّل خلالها الطفل قلقه إلى خوف للتمكن من السيطرة عليه بصورة أفضل، وذلك دوماً في اللاوعي.
فلكل خوف حلّ، على عكس القلق، الأكثر انتشاراً والأصعب على الإدراك.
أما القلق فهو الإحساس بخطر أو بوضع لا نعرف أصله أو مصدره. هذا هو الفرق مع الخوف الذي نحدد له سبباً: الفراغ، العتمة، الذئاب...
محاولة تخفيف حزن الانفصال بعد عمر السنتين
قرابة عمر 18 شهراً أو 24 شهراً، يبدأ الطفل حياته الاجتماعية عبر دخوله إلى دار الحضانة. وفي هذا العمر، يدرك الطفل أنه عليه الانفصال عن أهله، مما يجعله أمام مجموعة من الأوضاع المقلقة وغير الآمنة بالنسبة إليه.
لمواجهة هذا الخوف، يصرّ الطفل على سماع قصة من البابا أو الماما قبل الخلود إلى النوم ليلاً. وإذا أمكن، يستحسن أن تكون هذه القصة مليئة بالوحوش الشريرة التي نجح البطل الصغير في التغلب عليها. لمواجهة مخاوفه الخاصة، يستمدّ الطفل الأمان من القوة الموجودة لدى بطل القصة، الذي يحاول أن يجد نفسه فيه.
وتبيّن أن قصة «ليلى والذئب» الأفضل على الإطلاق في هذا المجال، وهي المفضلة عند الأطفال في هذه المرحلة العمرية. فهذه القصة تظهر لطفلك طفلة أخرى وحيدة باتت لوحدها وفي وضع خطر، لكنها تنجح في النهاية في التغلب على الشرّ والخروج سالمة من تلك المغامرة الخطرة.
دعي طفلك يختار بنفسه القصة التي يريد سماعها مساء. فهذا الاختيار يكشف من دون شك قلقاً يصعب عليه تخطيه في هذه المرحلة.
اختبار القدرات بعد سن 6 سنوات
قرابة سن الست سنوات، يكون الطفل أخرق وعديم المهارة ومتململاً، ويجدر به تعلّم استعمال جسمه وعقله اللذين لا يزالان غير ناضجين. يشعر الطفل بالقلق لأنه غير واثق من أنه على مستوى المهمة المطلوبة منه.
يلجأ الطفل إلى الألعاب في محاولة لتخطي ذلك القلق، ويحاول اختراع أخطار غير حقيقية، تبرز جسمه وقدراته. فصديقته التي تركض وراءه في ملعب المدرسة هي في الواقع ساحرة شريرة يجب ألا تلمسه أبداً، فيما حافة الرصيف تتحول إلى رافدة معدنية ناتئة من سطح ناطحة سحاب. ومع تقدم الطفل في العمر، تصبح التحديات أكثر خطورة.
وكل نجاح في المهمة التي يحددها الطفل لنفسه تكون بمثابة إثبات لذاته بأنه قادر تماماً على الخروج لوحده سالماً من الورطات التي يقع فيها. وإذا أخفق في المهمة، لا يكون الإخفاق مهماً جداً لأنها في النهاية مجرد لعبة!
حاولي تهدئة حماسته من دون إحباط مخيّلته. إحرصي على ألا يجرّب الأمور المستحيلة وألا يعرض نفسه أو أصدقاءه لأخطار حقيقية.
السيطرة على الجسم الذي يتغير بعد عمر 11 عاماً
في عمر 11/12 عاماً، يكون الجسم في ذروة التحوّل الجسدي، ويعجّ بالطاقة، ويشعر «المراهق» بنبض جديد لا يعرف كيف يديره أو يسيطر عليه.
لذا، يحب مشاهدة أفلام الرعب التي يرى فيها رجالاً يتحولون إلى ذئاب أو وحوش أو مصاصي دماء، وإنما، يتوصلون في النهاية إلى السيطرة على غرائزهم واندفاعاتهم.
والواقع أن هذا النوع من الأفلام يتيح للمراهق إيجاد خوف لتخطي القلق المرتبط بسنّ البلوغ وبالتحولات الجسدية المرافقة لذلك.
اسمحي للمراهق بمشاهدة أفلامه بهدوء، مع رفاقه إذا أمكن للإحساس بنوع من التضامن، وإنما احذري الأفلام الممنوعة على الأولاد ما دون 18 عاماً.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024