تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

منزل في الجنوب الفرنسي...

صحيح أن هذا المنزل الريفي الواقع في الجنوب الفرنسي هو متوسطي الروح والقامة، غير أن تعدد النكهات التي تعبق في أركانه و تسكن في زواياه تشي بروحية جديد تتسع بأبعادها المتعددة لكل قادم من أقاصي القارات وما وراء الحدود.

روحية تستحضرها معالجات بارعة وفريدة لم نكن نعهدها من قبل في أسلوب المهندسة البريطانية الشهيرة كيلي هوبان.
كيلي معروفة بميلها إلى أجواء النيوكلاسيكية وإستحضارها للألوان المحايدة، أو المطعمة بنغمات من الألوان المغايرة، لدفع المواجهة الى واجهة المشهد الزخرفي وتطعيمه بالاكسسوارات التي تجيد اللعب بورقتها، من أجل تكريس التناغم... خصائص عرفناها في معظم مشاريع كيلي هوبان.
هنا لم تستطع هذه المهندسة الشابة القادمة من ضباب لندن أن تقاوم الضوء المبهر، فكانت الألوان المختارة بعناية ودقة، مشبعة بلمسات أنثوية لا تخفى منذ المدخل الرئيسي لهذا المنزل.
وهذا ليس العنصر الوحيد لتأثير الجنوب، بل إن كيلي استطاعت أيضاً، وبصياغات متفردة، أن تحافظ على المناخ الريفي داخل المنزل وترفده بخطوط مميزة لتأمين رفاهية مطلوبة في الاجازات التي يشكل هذا المكان ملاذاً مثالياً لها.
فهنا تحلو تمضية الاجازات في اجواء تعبق برائحة ازهار الحقول، ودغدغات النسمات الطرية، حيث ينسل الوقت بخفة وسرعة، فلا نشعر به، وسط اجواء تحتضن الحلم وتمارس بفن بهجة الاسترخاء وفعل الكسل.
يعكس الديكور بكل هذه الأجواء روحية جديدة، ولكن لا تتردد كيلي في استدعاء عناصرها المفضلة لتطعم بها المشهد الزخرفي، هنا وهناك.
فهي كعادتها، تلعب ورقة الاكسسوارات لتعزيز التناغم بين البيج والبني والأسود والكاكي والأبيض.
ألوان تستعذبها كل الأذواق وتؤمن دعوة مفتوحة لاستثمار الوقت في الراحة والاسترخاء.
تتعامل كيلي في تصاميمها للفضاءات الداخلية مع سيناريوهات مختلفة، و بمقاربات تراعي من خلالها الكثير من التفاصيل، وعلى الأخص تلك المتعلقة بميول اصحاب المنزل واحلامهم في العيش داخل مكان يخرج في طابعه عن الكلاسيكية التقليدية.
هذه الأحلام التي تحولت الى ما يشبه الشروط، أوجدت نوعا من التحدي تجاوزته
كيلي باسلوب مميز، وبمهارة فائقة، ومن ثم بنتيجة مذهلة.
لقد مهدت لها احاسيسها المرهفة للجمال وفهمها العميق لطبيعة المكان وذوق سكانه، لابتكار حلول رائعة لكل المسائل الزخرفية.
حلول ساهمت في اعادة تشكيل المساحات واللعب على «نبرات» لونية فيها البارد والحار، تمتزج بضوء النهار المتسلل عبر النوافذ الكبيرة، مولدة بذلك بيئة زخرفية مدهشة، تتجسد فيها الأناقة والرفاهية بشكل بسيط، رشيق وغير مفتعل.
هنا تتكامل العناصر وتتواءم التفاصيل دون ان تترك مكانا للزوائد التي لا تخدم الجانب الجمالي في الديكور لا الطابع الوظيفي العملي فيه.
لم يتطلب التصميم القيام بتغييرات جوهرية على الهيكلية الهندسية للمكان، بل اكتفى بابراز جماليات طابعه وتثمينها، مانحا بعدا جميلا للنوافذ العملاقة التي يتمتع بها بناؤه الجميل، حيث عززها الديكور وركز عليها كمصدر لتدفق النور الطبيعي خلال النهار الى داخل الصالات والغرف في المنزل.
نور كان له الفضل الكبير في ابراز جماليات الألوان وتثمين المشهد الزخرفي في كل فضاءات المكان.
وكيلي التي تعشق الاكسسوارات الجميلة والقطع الفنية، فتزرعها دائما في كل مشروع من مشاريعها، لم تبخل هنا في استحضار تلك الأجواء الثمينة التي تحبها، من خلال خيارات ذكية لأنواع أقمشة المفروشات والستائر وكذلك قطع الأثاث والاكسسوارات، والتحف الفنية التي وزعتها ببراعة ملحوظة في ارجاء المكان، ناسجة حول مناخاته هالة من السحر الذي يضاعف الاحساس بالرفاهية والراحة والأمان.
من المدخل الى الشرفة الخارجية للمنزل تتبدل المشاهد بتتابع انيق ندخل معه اجواء الإجازة.
حيث يحيطها التصميم بكل اهتمام، فيخلق مساحات حميمة لجلسات ناعمة تجمع بين اصحاب المكان والأصدقاء.
ففي الجانب المسقوف من الشرفة الخارجية، نسقت طاولة رحبة من الخشب الأبيض لتجتمع حولها الأسرة والأصدقاء لتناول وجبات شهية.

وقد صف حول الطاولة مجموعة من الكراسي المصنوعة من الحديد المطوع، تزينها وسائد بيضاء تزيدها رونقا.
كما تساهم الثريات المزخرفة التي تتدلى من السقف الخشبي فوق الطاولة في اضفاء جو لطيف وجذاب على الجلسة.
في مقابل الجلسة وعلى امتداد الشرفة نسقت جلسة بسيطة الطابع تزينها مجموعة من الوسائد المبتكرة التي تحمل توقيع كيلي هوبان، تتقدمها طاولات منخفضة من الحديد المطوع تعلو أسطحها ألواح زجاجية.
في الداخل تتعدد الأركان والمناخات الجميلة، فتقودنا حيناً نحو طاولة صغيرة مستديرة من الخشب المطلي باللون الوردي الزاهي، وهو اللون المفضل لأصحاب صحاب المكان والذي لم يسبق ل كيلي استعماله من قبل في أي من مشاريعها.
وللتخفيف من سطوة هذا اللون قامت بتزيين الطاولة بمزهريات من السيراميك الأبيض المشغول بعناية وحرفية عالية، مملوءة بأزهار بيضاء، مما منح هذه الطاولة حضوراً متفردا، وقد عززت هويته ستائر مدهشة باللون الزهري.

توزعت فوق جدران هذه المساحة الداخلية من المدخل بعض الأعمال الفنية، بينما تدلت احدى الثريات المزخرفة والمطعمة بالكريستال الزهري فوق الطاولة، والتي بدا انعكاس النور فوقها أشبه بعملية تواصل زخرفي انيق مثير للدهشة، تدعمه ومضات من النور الطبيعي المتسلل بنعومة عبر النافذة العملاقة.


فضاء مميّز


غرفة الجلوس وركن المدفأة، فضاء مميز يسبح في بحر من النور الطبيعي في النهار ويسهر مع التماع الضوء واللهب في المساءات الباردة.
تميز الديكور هنا بدفء طبيعي أوحت به تلك الواجهات المصنوعة من خشب السنديان والتي تحيط بالمدفأة من الجانبين وتغطي الجزء العلوي منها.
وقد نُسقت حول المدفأة جلسات تتوزعها ارائك كبيرة الأحجام يغطيها قماش من الكتان و تزينها مساند ووسائد من القماش المزخرف بازهار من اللون البرتقالي، لون نجده بخيوط دقية في قماش الطنافس التي تحمل توقيع انديا مهدافي، وكذلك في الطاولة المنخفضة التي تتوسط الجلسة وهي ملبسة بالقماش نفسه وقد زين سطحها بلوح من الزجاج.

فبدا المكان هادئاً يبعث الطمأنينة ويريح الخاطر.
أما الصالون فيغلب عليه اسلوب كيلي وروحية الوانها. يحتله اثاث بسيط اختير بعناية فائقة، وهو يتألف من كنبة من تصميم اندرو مارتن وكراسٍ سوداء مدهشة من مجموعة بيار، اضافة الى طاولة منخفضة سوداء توسطت الجلسة، تحمل توقيع كافالي.
ويكمل اجواء الديكور بعض الاكسسوارات باللونين الأسود والأبيض، اضافة الى مجموعة من المصابيح المزخرفة الرائعة.
استعادت كيلي الوانها الحيادية لزخرفة هذا الفضاء الذي يلتقي فيه اصحاب المكان الكثير من الأصدقاء على تعدد ميولهم واذواقهم الزخرفية.
وقد رأت أن هذه الألوان الحيادية ملائمة لأنها تتماشى مع كل الأذواق. اضافة الى انها تضفي على المكان نفسه جوا من «الغلامور» الساحر.
غرفة الطعام تشكل في اجوائها امتدادا جميلا لتلك المناخات الزخرفية المميزة، تنبسط فيها طاولة مدهشة تصطف حولها مجموعة من الكراسي المريحة، بينما تزين سطح الطاولة مجموعة رائعة من الشمعدانات والاكسسوارات الجميلة التي تغذي فضاء المكان برونق مدهش.
المطبخ تتصدره خزائن من الخشب الأبيض يعلوها مسطح للتحضير من الغرانيت الأسود، ويأخذ الطباخ مساحة محورية في وسط المطبخ يزينه سطح من الغرانيت الأسود، تندمج تحته خزائن للتخزين، مما يمنح لهذا الفضاء طابع انيق وعملي.
في المطبخ كما في الغرف والصالات، نوافذ عملاقة يتسلل منها الضوء والهواء النقي مما يزيد من متعة تحضير الطعام في أي وقت من اوقات اليوم.
يكتسب المطبخ رونقا مميزا من خلال اساليب الديكور الذي اتخذ من بعض الجدران مساحة لعرض التحف والأواني القديمة، عرض استعانت كيلي لتنفيذه ببعض الرفوف الطريفة الشكل والتي تظهر المعروضات بشكل جميل وتندمج معها لتمنح الديكور ملامح جديدة اكثر جاذبية.
غرفة النوم الرئيسية مصممة بشكل انيق - كما يشتهي اصحاب المكان - وقد تميزت بالوان ناعمة يتسلل اليها الأخضر الذي زين اكسسوارات السرير الغارق في الضوء الطبيعي المتسلل بكثافة من النوافذ.
بعض من الوسائد من ابتكار كيلي هوبن «.Guadarteتم توزيعها فوق مقاعد مبتكرة تحمل توقيع «
غرفة الضيوف تم تنسيقها باسلوب بارع، فريد من نوعه خصصتها كيلي بالكثير من الأعمال الفنية المختلفة التي زينت الجدران، اضافة الى الاكسسوارات المميزة والتي طرزت بحضورها اغطية السرير والمناضد حوله.
غرفة ثانية للضيوف بديكور بسيط يتوسط الغرفة سرير ميريديان فاخر توزعت فوقه بعض الاكسسوارات التي تمت معالجتها باسلوب فاخر وقد تصدر السرير غطاء من اللون الخمري الذي جعل من الغرفة مكان يحلو فيه الاستسلام للراحة.
الغرفة الثالثة تعكس في روحية ديكورها ملامح خاصة بالغة الفخامة، حيث يرتكز الديكور على اجواء سرير جيمي مارتن المصنوع من الخشب المحفور والمزخرف على شكل ازهار تندمج مع طابع الزهرة المنقوشة على الجدار فوق ذلك السرير الرائع.
تتعدد الأجواء في غرف النوم وتتنوع الألوان والتحف الجميلة والتي انطلقت كيلي في تصميمها لها من قاعدة الوانها المحايدة، التي راحت تبني على اساسها العديد من النبرات اللونية، مستخدمة لتزيين اجواءها اقمشة رائعة، وتحف فريدة وازهار، مسطرة مشروعها بعلامات تجمع بين اللطافة والدهشة.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079