تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

شقة من عمل آنا دودونوفا

من أوكرانيا موطنها الأصلي، حملت في وجدانها بذور الشرق وتشبّعت روحها بفنونه الفاتنة.
ومن ألمانيا حيث أمضت طفولتها، اكتسبت الدقة والأهتمام بالتفاصيل.
وفي لندن حيث استقرت بعد أن اكتشفت ميولها الزخرفية، واختارت أسلوبها الخاص.

إن خبرة آنا دودونوفا في مجال التصميم الزخرفي والإعلاني، جعلت منها الأكثر انتشاراً وطلباً في مجالي الديزاين والديكور وذلك بشهادة مدينة الضباب، حيث أتمت دراستها للهندسة الداخلية والديزاين، وفي هذه المدينة أسست صالة فخمة لعرض مبتكراتها من قطع الأثاث والأكسسوارات الراقية.

وليس أكثر دلالة على هذا الانتشار، من تكليف إحدى العائلات التي تعيش في جدة.
آنا أن تنجز ديكور شقتهم الصغيرة في شمال شرق حي سانت جونز وود اللندني الراقي.

فهذه الشقة التي يسكنها أصحابها خلال فترات الأجازة في لندن، أرادوا لها أن تكون بسيطة، أنيقة ومريحة، من دون أن يعني ذلك تخلّيها عن لمسة من الغلامور الفاخر.
والشقة تتمتع بكثير من الميزات الهندسية الجميلة، فهي تقع في مبنى حديث البناء، ولكنها مع ذلك لا تخلو من عيوب واضحة، مثل انخفاض السقف، ومساحات الغرف الصغيرة.
لذا فقد شكلت رهاناً فريداً، نظراً إلى ما يتطلّبه الأمر من معالجات ذكية، لإضفاء بعد جديد آخر عليها، يمنح الشعور باتساع المساحات ورحابتها.

راعت آنا في عملها على هذه الشقة، فكرة رئيسية تمحورت حول المواءمة بين الطابع الجمالي والوظيفي في آن واحد، مع الحرص على صياغة أجواء خصوصية ناعمة.
فمنحت الإضاءة دورا أساسيا في التصميم من أجل خلق بيئة طبيعية مشرقة.
ومن أجل ذلك اختارت تشكيلات مميزة من قطع الأثاث والمواد والعناصر الزخرفية والألوان المتناقضة والمحايدة.

سيناريوهات عديدة وحيل زخرفية خادعة للنظر أضفت على التصميم لمسات فاخرة ثمنت فضاءات المكان ودفعت أصحابه الى نسيان مشكلة ضيق المساحة.
فهذه المهندسة المولعة بالتفاصيل و دقة توظيفها، لم تتوانَ عن استخدام أي عنصر زخرفي باستطاعته خدمة المشهد وإعطائه حيوية.
فأشبعت الفضاءات بلمسات جسورة وأفكار خرج بعضها عن المألوف بتعبير زخرفي طريف أو باروكي غير منتظر، طرزته أكسسوارات وتحف رائعة نفذتها أيدي حرفيين مهرة من بلدان مختلفة، وقد برز بينها زجاج المورانو والفضيات وعناصر الإضاءة المدهشة.

استعانت آنا في تصميمها بالعديد من المرايا الكبيرة المؤطرة تارة والمزخرفة بأشكال جعلت منها أقرب الى الحواجز الزخرفية، وذلك بهدف إعطاء إحساس باتساع المساحة، مبتكرة أيضا العديد من قطع الأثاث المتفردة والتي منحت كلاً منها دورا مميزا يرتبط الى جانب مظهره الجميل بوظائف مختلفة، تؤمن رفاهية الحياة في تلك الشقة.

فالمدخل الذي عملت على تغطية أرضه ببلاط من اللون الأبيض الكريم، يتقاطع بشكل جميل مع أرضية صالة الجلوس المنفذة من خشب السنديان المطلي باللون البني الداكن.

ويؤدي هذا المدخل الى صالة الجلوس، وقد تصدرت جداره الجانبي، مرآة كبيرة الحجم، نسق تحتها خزانة منخفضة من الخشب الداكن، زين سطحها بعنصر مبتكر للإضاءة من مجموعة Creazioni.
صالة الجلوس، وهي الفضاء الرئيسي في الشقة، مصاغة بأسلوب مثير للدهشة، وهي تغري بأجوائها الناعمة بتمضية ساعات طويلة فيها، والاستمتاع بمشاهدة التلفزيون أو الاسترخاء في جو من الهدوء والراحة.

تحتلّ صالة الجلوس أريكة وثيرة على شكل زاوية، ملبّسة بقماش من اللون الأبيض.
تزينها وسائد فاخرة مزخرفة بنقوش مشتقة من اللون الأبيض والرمادي، وتتوسط الجلسة طاولات قهوة مبتكرة.
في الجهة المقابلة للجلسة، خزانة مبتكرة لاستيعاب شاشة التلفزيون المسطحة، يتخلّلها بعض الرفوف المضيئة نسق فوقها بعض التحف الجميلة والكتب.

وتجمع بين ركن الجلوس وهذه الخزانة مرآة جانبية، يزينها إطار من الخشب الأسود المصمم بخطوط متشابكة تضفي على المشهد الزخرفي تأثيرا باهرا.

تطغى الألوان المتناقضة من الأبيض والبني الداكن والأسود والرمادي على أجواء هذه الصالة التي يغطي أرضيتها سجاد من اللون البيج المزخرف بنقوش تتناغم مع نقوش وسائد الأريكة الفاخرة.
... قبالة صالة الجلوس، فضاء آخر تشغله غرفة الطعام التي تتناقض تماما مع الصالون بإيقاعاتها الكثيفة المتضاربة والتي يبرز فيها وبشكل خاص الأسود والأبيض مع لمسات من مشتقاتهما مثل الكريم والرمادي.
يلعب المقعد « العملاق » - بظهره المرتفع وقماشه المخملي الأبيض - ورقة الإثارة، ليبدو كعنصر رئيسي في مشهد غرفة الطعام التي تحتلّ وسطها طاولة مبتكرة من زجاج المورانو.

وقد عمدت آنا دودونوفا الى إبرازه كمقعد استثنائي، من خلال تلبيس الجدار خلفه بورق من المخمل الأسود، منقوش بزخرفة باروكية.
وللتخفيف من حدة لون هذا الجدار زينت الركن بكرسيين مدهشين من اللون الأبيض، يتميز تصميمهما بخطوط ذات انحناءات حسية ناعمة، وهما يحملان توقيع اندريه بوتمان.
كما أنها لم تهمل في تصميمها السقف، فزينته بثريا أسطوانية الشكل من كريستال شواروفسكي بدت وكأنها تاج معلّق في فضاء ملكي فاخر.
اختارت المصممة لهذا الفضاء إضاءة ساطعة، جعلت من الممكن معها استخدام ألوان مكثفة دون مجازفة، يمكن أن تؤثر في الأحساس بإتساع المساحات أو تشوش على تناغم المبتكرات وانسجامها.
غرف النوم لا تقل أناقة عن الفضاءات الأخرى للشقة، فهي تغرق في جو من الهدوء والنعومة، حالتان تؤكدهما خطوط المفروشات بلونها الأبيض الناعم، تتخلّله تناغمات مشتقة من اللون ذاته إضافة الى بعض الإيقاعات التي تترنح بين البيج والرمادي.

فنجد في غرفة النوم الرئيسية جواً لطيفاً بارعاً، يجسده تنسيق رشيق لسرير مريح بظهر مرتفع منجد من الجلد الأبيض الخام يحيط به من كل جانب منضدة صغيرة من الزجاج تزينها قوائم منقوشة من الفضة.

وتأخذ الخزانة في غرفة النوم مظهرا ناعما وطريفا، يتجلّى فيه الابتكار من خلال صناديق صغيرة مضيئة مدمجة، يتصدرها رمز لحذاء نسائي ومبتكرات خاصة بالرجال تشي بهوية أصحاب الغرفة. ويتقدم هذه الخزانة مقعد ظريف مغطى بقماش من المخمل الأبيض يزين ظهره المصاغ على شكل قلب نقوش محفورة ومرصعة من الفضة.
أما غرفة الأطفال فيحتلّها سرير وثير بظهر مصاغ على شكل دوائر منجدة بقماش من اللون الرمادي، يمنح مظهر الغرفة طابعاً ذكورياً تعززه أغطية للسرير وستائر واكسسوارات من اللونين الأبيض والرمادي الداكن والفاتح.

وتتوزع في هذه الغرفة مقاعد طريفة ملبّسة بقماش منقوش برسوم استوحيت من شخصيات الأفلام الكرتونية بألوان زاهية مفرحة.

ان التصور الذي طرحته آنا دودونوفا من خلال تصميمها، يلبّي رغبة أصحاب الشقة وحلمهم في العيش داخل بيئة زخرفية فاخرة دون افتعال، تنضح بلمسات رشيقة تستدعي رفاهية تشبه في حيثياتها مزاجهم وأسلوب حياتهم، مما يجعل من أيام إقامتهم في هذه الشقة اللندنية عند نهر التايمز ذكرى جميلة لرحلة ممتعة.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079