تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

كيلي هوبان على ضفاف بحيرة

بينها وبين الأمكنة علاقة خاصة لا تختصرها الأساليب والطرز، ولا تكشف عنها المواد والأدوات ولا تحيط بها التصاميم والابتكارات.
كيلي هوبان نفسها لا تقول الكثير عن هذه العلاقة. ولكنها تترك لنا مساحة غير محدودة لقراءة مشهدها الزخرفي، و تمنحنا كل الوقت لتفسير التفاصيل في فضاءاته المتعددة.
فالطواعية التي تبديها الأمكنة للمسات «كيلي» تحول المساحات الى شيء جديد لم نفطن له من قبل. شيء متحرر من النمطية والتكرار.
شيء يفتح أبواب عالم الأناقة والرفاهية ويشرعها على كل الاتجاهات، لتنهمر الصور مدهشةً تتوزعها كل الزوايا والأركان.

إنضمام كيلي هوبان أخيراً الى نخبة من المصممين المعروفين لتغذية علامة Yoo بابتكاراتها وإبداعاتها، شكل علامة فارقة في مسيرتها الزخرفية.
وتجلى هذا في عملها البديع لتطوير منزل للاقامة الثانوية، على ضفاف بحيرة كوتسوولدز البريطانية.
هناك، حولت هذا المنزل الى أيقونة مميزة، من خلال صياغاتها الأنيقة والبسيطة، والتي أضفت على أجوائه نفحات من الرقة واللطافة.
فالمواد التي اختارتها لتزيين المنزل طبيعية، عولجت بشكل بارع وفاخر و بالوان حيادية ناعمة وعناصر زخرفية شرقية المصدر، تم دمجها برونق مثير مع تصاميم غربية.
وهذا ليس بجديد على فنانة متمكنة مثلها تعرف كيف تحاور الأماكن وكيف تمنح كل فضاء ما يناسبه من اجواء لا تجعله مريحا فحسب، بل اكثر أناقة وفخامة وجمالا.

استخدمت كيلي في عملها على هذا المنزل المرايا بأشكالها الدائرية أو المستطيلة، في خيارات مدروسة بدقة لأمكنتها، وذلك لخلق شعور بالعمق في ظل ابعاد المكان والوانه الصافية المحايدة.
فيتضح لنا هنا، كيف تكسر النمطية بصياغاتها الزخرفية، وبتوزيع العناصر والأشياء باساليب مبتكرة تجعل المكان مؤثرا وحالما. تختزل الأثاث الكبير الحجم، وتلطف الازدحام، حتى في الغرف الكبيرة، كما تعمد الى تنسيق بارع لما يكمله من اكسسوارات لتزيد الشعور بالحميمية.

أما المساحات الصغيرة في المنزل فتعالجها بأساليب بديعة، وذلك من خلال اللعب بالتوزيع وتمويه عيوب المساحة، بأشكال مدهشة خادعة للنظر، مما يعطي المكان شعورا بالاتساع البعيد عن الواقع.
كيلي لا تتبع قواعد متداولة، محددة و جامدة. ترسم خططها الزخرفية منصتة قبل أي شيء الى أحاسيسها، وتشرك مشاعرها في درس أدق التفاصيل. لذلك تأتي أعمالها سليمة وغير مملّة.
متجنبة أي احتمال لخطأ مكلف، خصوصا عندما يتعلق الأمر بمواءمة بين الأثاث والتكنولوجيات الحديثة مع غيرها من العناصر.
وهي تولي الإضاءة اهتماما خاصا في كل فضاء من فضاءات المنزل، صالة أو غرفة أو مطبخ، فهي تلجأ الى تنويع الإضاءات بما يتفق وكل مساحة، وبما يلائم كل طابع ووظيفة للمكان.

فالمطبخ -على سبيل المثال - لا بد أن يكون مضيئا بشكل يوفر المتعة والراحة أثناء القيام بأعمال الطهو وتحضير الوجبات.
أما ركن الطعام فهي تثريه بخيارات ذات قيم زخرفية مؤكدة، محفوفة بكل ما هو جميل وأنيق ومناسب.
فتستخدم المصابيح والشموع لخلق أجواء مثيرة للاهتمام تتلاعب فيها الأضواء والظلال، ليضفيا سحراً خاصاً على الجلسة.
اختارت كيلي لهذا المنزل عائلة من الألوان الحيادية الفاتحة: الأبيض ومشتقاته، الرمادي اللؤلؤي، وذلك من أجل إبراز العناصر والتوزيعات.
ولكنها لم تتوان عن إستخدام البني الداكن، أيضاً، لتوليد صدام دراماتيكي جميل، تتواجه من خلاله عناصر الديكور وأقمشته المتناقضة الفاخرة. فهي هنا بصدد رسم معالم جديدة لأناقة لا مثيل لها.

فصل وجمع
وتدخل الاكسسوارات في لعبة الفصل والجمع بين المشاهد الزخرفية الموزعة بايقاع مثير لا يمكن سوى التوقف عند بعض تفاصيله بالغة البساطة وبكفاءة وظيفية عالية.
فالديكور هنا لا يكفي ان يكون جميلا فحسب، بل من الضروري ان يكون بسيطا يساهم في حل الكثير من مشاكل التخزين والعرض خصوصا لبعض الاكسسوارات التي تمثل في حضورها رسائل حميمة او تكمل مسارا جماليا معينا...
انها تفاصيل تتوقف عندها كيلي هوبان بشكل كبير لتمنع أي تضارب بينها يمكن ان يؤثر على المظهر العام لصالة او ركن او غرفة.
وهي تعزز حضور الوسائد وتزينها باشرطة او ازرار، او نوع آخر من الزخارف والترصيع بهدف استعادة نغمات محددة متناقضة لخلق تزاوج بينها وبين الأبيض لونها الأساسي في كل ديكور، والذي تطرزه بنفحات من الأسود او البني الداكن او الرمادي، مما يضفي دائما على كل صورة من صور تصاميمها نفحة من الأوكسيجين الذي ينقي الأجواء ويشبعها بطابع من النضارة.
تحب الطبيعة، فتستدعيها الى كل مشروع من مشاريعها من خلال مواد كالأحجار والمعادن والخشب بكل حالاته وانواعه والوانه، وكذلك النباتات التي تفرد لها دائما مساحة من اجوائها.

هي تخرج المكان عن صمته ليحكي الأناقة بكل حيويتها وابعادها.
اناقة تفقد صفتها المريحة بغير تلك الأرائك الوثيرة والتي تملأ المكان وتحتضن اصحابه بكثير من العاطفة والدفء.

فالسر لا يكمن فقط في تكوين الجلسات وتنوعها، بين ما هو رئيسي أو عملي، بين ما هو محوري أو ثانوي.

بل يمتد الى كل المظاهر الحميمة التي تتحلق حول مكتبة أنيقة أو مدفأة صديقة، من دون أن نتجاهل ما تعكسه المرايا من أنوار طبيعية، تجعل من المكان مساحة مفتوحة للعبة الاغواء.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079