رموز لاكروا تشرق شموساً فوق أقمشة المنازل!
بعد أن بقي في الظل ثمانية عشر عاماً أمضاها الى جانب المصمم الفرنسي كريستيان لاكروا ها هو المصمم ساشا والكهوف يظهر للمرة الأولى تحت الأضواء. ولكن لكل ذلك حكاية جديرة بأن تروى.
ولد ساشا والكهوف و ترعرع في شرق مدينة لوزان السويسرية، ورغم أصوله الروسية فإنه لم يزر روسيا أبداً. وقد برع ساشا خلال عمله الطويل الى جانب المصمم الشهير كريستيان لاكروا في مجال الألوان، مزجها وإختيارها، مما دفع بلاكروا الى تكليفه مسؤوليات أساسية طوال سنوات عمله في الدار الفاخرة، تشمل الاهتمام بخطوط الملابس الجاهزة والاكسسوارات.
وهكذا بعد سنوات طويلة في دار لاكروا ها هو ساشا يحمل الشعلة، ليتابع مسيرة واحد من أهم رموز الابتكار في الموضة والأناقة الفرنسية.
إنها مرحلة جديدة يكشف فيها هذا المصمم الشاب عن مواهبه الكثيرة التي تسلّلت من عالم الأناقة والموضة الى الديكور، وذلك من خلال اول مجموعة من اقمشة المفروشات والاكسسوارات المنزلية التي تحمل علامة دار كريستيان لاكروا، متعاونا في تحقيق هذا المشروع مع واحد من أهم ناشري الأقمشة وهي الدار البريطانية الشهيرة Designers Guild.
عمل ساشا على الحفاظ على روحية الدار التي انشأها كريستيان لاكروا وعمل هو فيها كمصمم رسام متخصص في أقمشة الحياكة.
وقد عمد الى تطوير نشاطات الدار من خلال إضافة ترخيص يتعلّق بأقمشة المفروشات واكسسوارات الديكور رغبة منه في مواصلة الابداع، مرتكزا في خياره على ما تفيض به محفوظات الدار من كنوز رائعة أولها أزياء الخياطة الراقية واكسسوارات الفانتازيا المذهلة والتي ترتكز على جذور ثقافية قوية، حاول استلهام بعض أجوائها مع ترك مساحة خاصة للتعبير تترجمها المفاجآت المدهشة.
تصاميم المجموعة الأولى من الأقمشة كانت بمثابة تكريم لإسلوب دار كريستيان لاكروا الأصيل، وذلك من خلال الألوان الحية الضاربة بشاعرية حاضرة دائما وفي كل تفصيل.
فارتفعت لوحات بانورامية من القماش يزيد ارتفاعها عن الثلاثة امتار منسوجة بشكل كامل، تزينها مشاهد مؤطرة لمدينة آرل الفرنسية في القرن التاسع عشر، اضافة الى بعض من الخطوط الجديدة غير المتوقعة، مصاغة بروحية عصرية ومطبوعة رقميا، وهي تدعو، جميعها، الى الحلم والفرح. Feria, Paseo, Vuelta, Forum Riviera, Tempera...
أسماء تحمل إيقاعا موسيقيا ناعما، يحوّل الحروف الى أشكال ونقوش ملونة مدهشة تنقلنا بإيقاعاتها الى أرض الجنوب، وبالتحديد الى مدينة آرل التي سكنت دائما قلب لاكروا وأزهرت طبيعتها فوق أقمشة أزيائه الراقية والجاهزة واكسسواراته الرائعة.
ولأن دار كريستيان لاكروا كانت دائماً تبتكر أقمشة مجموعاتها من الخياطة الراقية والجاهزة، فلن يبدو مستغربا أن تسير باتجاه جديد يتمثل في ابتكار الأقمشة التي تعنى بالزخرفة الداخلية للمنزل، خصوصا مع وجود شريك بأهمية «ديزاينرز غيلد» المتخصص في هذا المجال والذي يضم الى مجموعاته العديد من الأسماء والماركات الشهيرة.
وقد استلهمت المجموعة الجديدة التي تحمل اسم مدينة آرل الجنوبية، مواضيع خطوطها من ثراء الجنوب وتناقضاته بأصوله المتعددة وتقاليده المتنوعة، فجاءت تصاميم خط أقمشة «باسيو» تجسيداً لذلك بصياغاته المنفذة من المخمل وخيطان الذهب، وكذلك خط أقمشة «فيريا» المصنوعة من الكتان والتي زينت بنقوش واختام ريفية تستعيد بروحيتها أجواء المنطقة وتاريخها.
اما اقمشة «تالغيا» المصنوعة من التفتا، فقد كشفت زخرفتها وتصاميمها عن بعض من ملامح التطريز باسلوب لافت وخادع للنظر.
الحرير كان له نصيب وافر في هذه المجموعة وقد تمثل من خلال خط «سومبرا ايسول» بخطوط مقلّمة متراتبة ونقوش تتقاسمها ألوان متباينة زاهية، يلعب فيها الأسود دوراً أساسياً ومشتركاً.
ولم تحيَّد التقاليد الجنوبية الغنية بالعادات والرموز عن أجواء هذه المجموعة من الأقمشة، ومنها عادة الاحتفال بمصارعة الثيران والتي كان يلقى على المصارع باقات من الأزهار في نهايتها، باقات بدت مشلوحة ومتناثرة فوق القماش بازهارها الملونة النضرة والزاهية.
بينما استحضرت مجموعة أقمشة «فوروم» وبشكل مذهل، بعض المعالم الأثرية في مدينة آرل تعود بطابعها الى القرن التاسع عشر والتي اتخذتها مجموعة اقمشة لاكروا رمزا لها.
واخيرا وفي إشارة الى الحياة الجميلة العذبة في الجنوب الفرنسي، جسد خط «تامبيرا» بعض معالمها، وذلك من خلال لوحات تعيد رسم الأفق عند غروب الشمس بالوان زاهية حية.
ثم مجموعة أقمشة «ريفييرا» التي احتضنت بين خطوطها المتعرجة البديعة، ألف دعوة للتغيير والابتكار، لتصورات جديدة للديكور الداخلي تتناغم بأسلوبها وأجوائها مع كل مزاج من طبائع الناس وشخصيات أصحابها.
وبفضل التقنيات الحديثة، ها هي أقمشة لاكروا تستحوذ على مساحات جديدة من عالم الديكور، وتشعل فيها شمسا جديدة.
شمس تشبه في بريقها شمس آرل مهد هذا الابداع وملهمة حرارة مزاجه، مما يثبت في النهاية ان ساشا وتريسيا غيلد شريكته في تحقيق هذا المشروع هما في النهاية فنانان تتغلغل في قلب كل منهما رموز لاكروا. وأكثر من ذلك فهما مثل لاكروا ينتميان الى عائلة واحدة.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024