منزل بتوقيع المهندس جان تركمان...
يمكن وصفه بالمنزل المتجدد. بمعنى هذه العبارة يفاخر المهندس جان تركمان عندما يتحدث عن تصميم هذه الشقة لتواكب تطوّر الحياة وعراقتها معاً، وخصوصاً أنّ المسكن يقع في قلب لبنان النابض، العاصمة بيروت. صمّم ليكون رفيق الأيام والعصور كلّها، ويظلّ ينبض بالحياة كلما مرّ عليه الزمن.
هذا كان الهدف الأساسي للمهندس جان تركمان عندما رسم خيوطه. وإنطلاقاً من هذا المبدأ أتى المنزل مزيجاً من العصرية والكلاسيكة، فهو مثال حي على النيو كلاسيكية الأنيقة والبسيطة والفاخرة معاً.
قيمته وعراقته تشهد لهما القطع الفاخرة والنادرة التي وُزعت على الجدران والطاولات. فبعد عبور قارات وبلدان، وبعدما تابعت مسيرة شعوب وملوك بكل ما فيها من عراقة، رست هنا. أبرز اللوحات الزيتية هي لرسّامين عالميين ومنها ما هو للفنّان اللبناني الراحل بول غيراغوسيان.
حتى أنّ الأثاث يحكي بدوره عراقة الحضارات، وخصوصاً تلك التي ترقى إلى القرن التاسع عشر، وقد زادها القماش الفاخر من الحرير لتنجيد الأثاث رونقاً وبصمة لافتة.
قام المهندس تركمان بعملٍ لافت في هذه الشقة، فقد عمد إلى جعل شقتين منفصلتين تبلغ مساحة كلّ منهما مئتي متر مربع، شقّة واحدة. لذا استطاع التفنّن وإطلاق العنان لأفكاره المبدعة، وخصوصاً أن الشقتين تقع إحداهما فوق الأخرى، فتألّف المنزل من طبقتين.
وقد توزّعت قاعات الإستقبال في الطبقة السفلية إلى جانب المطبخ وغرفة الطعام. وفي الطبقة العلوية غرف النوم وقاعة الجلوس. بدورها، قُسمت ردهة الإستقبال إلى ثلاثة صالونات تناغمت في الألوان والتصميم. وقد طغى عليها اللونان البيج والبوردو اللذان ساهما في مقاومة الزمن. الصالون الأوّل عبارة عن مقعد كبير من القماش البيج تطعّم بألوانٍ نارية في الأرائك من البوردو والفيروزي والبيج والبني والذهبي والزيتي.
إلى جانبه مقعد من الخشب والقماش الزيتي الذي ازدان بأرائك بوردو.
وتدلّت من السقف العالي للطبقة العلوية فوق الصالون ثريا لافتة بتصميمها، هولندية المنشأ، أرخت بنورها على الطبقتين معاً. وفوق هذا الصالون، أي في الطبقة العلوية، صمّم المهندس تركمان شرفة صغيرة حيث تربّع البيانو الكبير لينثر نغماته في كلّ الارجاء.
وقد استحدث تركمان هذه المساحة واصلاً إياها ببقية الأجزاء بجسر من الزجاج الشفاف، حيث يمكن الوقوف من علو ومراقبة أجزاء المنزل وتفاصيله في الطبقتين العلوية والسفلى معاً.
وتطالع الزائر لوحة للفنان الفرنسي أنطوان باي تربّعت في وسط الجدار، تجسّد وجوهاً وأشخاصأ. وتعمّد المهندس الإكثار من هذه اللوحات التي تجسّد وجوهاً وبورتريه لكي يحسّ الزائر كأنّ المنزل مليء بالناس، ولا يشعر أهله بالوحدة بلّ بحياة دائمة. في هذا الصالون فجوات في الحائط الذي إرتدى حلّة من الخشب الأبيض والقماش البوردو، إنبعثت من خلفه الإنارة، واستلقت على رفوفه مجموعة من الكتب أو القطع الفاخرة. الطاولة الخشب في الوسط تزيّنت بقطعة من كريستال بوهيميا الفاخر بالألوان الأزرق والأبيض والبوردو. ولا بدّ من التوقف ملياً عند مصباحين على الطاولتين في الزوايا، قاعدتاهما من البرونز تجسدان طفلاً واقفاً على قاعدة من الرخام ذات قيمة تاريخية، صمّم لهما المهندس قماشاً خاصاً.
وبالإنتقال إلى الصالون المقابل، ينتقل معنا اللون البوردو الناري لكن بقوة أكبر من الصالون الأوّل.
فقد طغى على كلّ مقاعده بلونه الموحّد للقماش، ومنه مطعّم لكن أيضاً باللون البوردو. طاولة الوسط ذات تصميم خاص ومبتكر، إطارها الأسفل عبارة عن نحاس مزخرف صمّم بهذه الطريقة لتخرج لوحة متميّزة وفريدة لا يمكن رؤيتها في منزل آخر، لكون قطع البرونز تعود إلى أحد القصور الأوروبية.
وقبالة الصالون البوردو صالون طغى عليه القماش البيج وتطعّم بدوره بألوان طغى عليها البوردو. واحتلّت أحد جدران هذا الصالون ثلاث لوحات تجسّد أشخاصاً.
أما طاولة الوسط فتداخل فيها الزجاج والخشب بشكل مربّعات على خلاف بقية الطاولات التي طغى عليها الخشب.غرفة الطعام فرنسية الطراز طغى عليها اللون البوردو في القماش على الجدران واللون الكرزي للخشب في الفتيرين والدروسوار والطاولة والكراسي. الستائر انسدلت في الصالون من الحرير البيج بتطعيم بسيط من البوردو.
أما الستائر التي تفتح عمودياً فهي من ابتكار المهندس الذي أدخل على قسمها الأسفل زخرفات من العمل اليدوي الفاخر بلونها البوردو الذي وضع على قماش بيج.
كما أنّ حديد الدرج الذي يقود إلى الطبقة العلوية من تصميم المهندس. ولا تكتمل قصة الفخامة في هذه الطبقة إلا مع السجاد القوقازي الذي إفترش أرض المنزل كلّه.
في الطبقة العلوية لمحة من التصاميم العصرية يمكن رؤيتها في الركن المخصّص للراحة والاسترخاء.
فالمكتبة ضمّت جهاز التلفزيون على أحد جدران غرفة الجلوس من الخشب والبلاستيك، انبعثت الإنارة من خلفه على خفر ليسود جوّ من الهدوء والراحة في هذا الجناح المخصّص لأفراد الأسرة.أما غرفة النوم فهي بسيطة التصميم، السرير عصري من الجلد والخشب أما الطاولتان إلى جانبي السرير فهما كلاسيكيتان.
وخلف السرير إرتدى الجدار الحجر، وعلقت عليه لوحات صغيرة من الـ «كريون إسكيس».
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024