تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

منزل آل شمّاع في حلب...

إذا كان من عنوان يعطى لمنزل جان كلود ونابلة شمّاع في حلب، فهو الكلاسيكية الأنيقة والأكسسوار الفاخر والنادر. كلّ شيء هنا يوحي الفخامة، ليست تلك المعقدة والمتكلفة، بل الجميلة على هدوء، والأنيقة على بساطة. على مساحة 180 متراً مربعاً، تمتدّ ثلاثة صالونات وغرفتا نوم ومطبخ وحمّامان. إرتكز الديكور في هذا المنزل على مجموعة قطع نادرة ترقى إلى عصور غابرة، اشتراها المالكان وأعادا تأهيلها لتزيّن كلّ ركن وزاوية. فأحد الصالونات فرنسي من طراز لويس الخامس عشر من الخشب المحفور، أتى له المالكان بقماش من الساتان والمخمل البوردو، تناغم مع السّتائر من الحرير.

وفي إحدى الزوايا علقت ثلاث أيقونات يعلوها رفّ ذو قنطرة من الخشب المزخرف، يحمل ثلاثة أطباق دائريّة للديكور. وتحت الرّف إزدان المكان بمزهريّات «سيفر» ارتفعت على طاولة صغيرة. وعلى مقربة، خزانة ضخمة من حلب تتوسّطها مرآة. ومن السقف، تتدلّى ثريّا نحاسية تضفي على الجلسة إنارة دافئة، تزيد البلاط الرّخاميّ الأبيض بريقاً.

قابل هذه الثريّا مصباح من النّحاس أيضاً فرنسيّ الصنع، فوقه لوحة وضعت داخل إطار من الخشب البسيط التصميم. وإلى جانبي الخزانة الضخمة من الخشب الـ«جاردينيير» كرسيّان إطارهما من الخشب المحفور قريب الى تصميم الخزانة، كما أنّ قماشهما أتى متجانساً مع الصّالون البوردو.

وبالإنتقال إلى الصالون الثاني الذي طغى عليه اللونان الذهبي والقرميدي، تطالعنا يميناً ويساراً خزائن فريدة التّصميم تخبر لدى رؤيتها عن تاريخها العريق. وقد وضعت في داخل كلّ منها مجموعات من الأكسسوار الفريد، الذي طبع زوايا هذا المنزل وزاد الجلسات دلالة ً على إلمام المالكين بعراقة هذه القطع وتمسّكهما بالمحافظة عليها وبحثهما الدؤوب عن قطع مشابهة يغنيان بها كلّ مجموعة. 
إذاً، وفي طريقنا إلى الصالون الثاني مجموعة من القطع الفاخرة من الفضة من صحون وأوان للاستعمال وللزينة معاً، وضعت داخل فيترين متميّزة في شكلها النادر من الخشب المحفور بخيوط منسقة واجهتها من الزجاج، وتزيّنت بتماثيل من الخشب الصغيرة وضعت عليها من فوق.

ويقابل هذه الفيترين أخرى قديمة الطراز لها واجهتان عليا وسفلى، كلاهما من الزجاج المتقاطع مع الخشب، ازدانت كلّها بتماثيل صغيرة بيضاء من البورسولان المعروف بالـ«بيسكوي»، فرنسيّة الصّنع.

القطع الأثريّة الموجودة هنا لم تطغ على جمال غرفة الطعام وعراقتها، إذ إنها من طراز هنري الثاني في عصر النهضة. 
فالدروسوار في غرفة الطعام هو أيضاً خزانة، ومع أنّه مزخرف في هندسته، فقد وضعت في وسطه أطباق من البورسولان المزخرف باللون الأزرق.
ولم يكتف المالكان بوضع قطع الزخرفة داخل خزائن، بل علّقا مجموعة أطباق مستديرة على أحد الجدران، وعلى آخر رفّ صغير من الخشب عليه تماثيل تجسّد العرق الأسود ومعروفة بـ«بوا دو بين».

ولكثرة قطع الأكسسوار في هذا المنزل يصعب وصفها كلّها، إلّا أنّه لا يمكن المرور من دون التوقّف عند غرفة الاستقبال التي تعطي فكرة موجزة عمّا في الداخل.

هنا تطالعنا مجموعتان من القطع المميّزة، أولاهما على كونسول من الخشب تعلوها مرآة إطارها من الخشب، وقد استلقت مجموعة مؤلّفة من ثلاثة مصابيح بلونها الفيروزي الذي يستقبل الزّائر بكلّ فرح من خلال الإشعاع الذي يبعثه في ركن الاستقبال. ومقابل الإشعاع الفيروزي، مصباحان من الأوبالين استلقيا على «دروسوار» من الخشب اللّماع تعلوه مرآة إطارها من نوع الخشب نفسه.

وما زاد نوراً على هذه الرّدهة، هو الإنارة المباشرة التي انبعثت من «سبوتات» في الجفصين إلى جانب الثريّا التي طغى عليها اللّون الذهبي، وهي من الطراز الاثريّ كما كلّ ثريّات المنزل.

هذا الطراز من الكونسول الذي تعلوه مرآة تكرّر في زاوية غرفة الطعام، ولكن وضعت عليه مجموعة من قرون العاج تماشت مع شلحة من فروة ثعلب وضعت على كرسيّ إلى جانب الكونسول. 
وعلى جدران أخرى ساعة من الخشب اتسمت بكبر حجمها، وقد اشتراها المالكان من بيروت، وترقى الى العام 1918.

أشكال خزائن العرض عديدة في الصالونات، إلا أنّ إحداها تستدعي الناظر للتأمل فيها، وهي من الزجاج المستدير، في داخلها مجموعة كبيرة من قطع الكريستال الشفّاف تجسّد أشكالاً حيوانية. 

ولم تغب المجموعات النادرة والطّراز الكلاسيكي عن غرف النوم. فقد وضعت على  خزانة صغيرة قطع من البورسولان الفاخر.

والمحطة الأخيرة في المطبخ الذي أتى مزيجاً من العصريّة والكلاسيكية على خلاف كلّ المنزل، وتميّز بالجفصين في السقف الذي راوحت ألوانه بين الأبيض والبيج والبنّي.

كلّ ركن في هذا المنزل يحمل توقيع مالكيه، إذ إنهما صمّماه من دون الاستعانة بمهندس ديكور، فجاء صورة طبق الأصل عن ذوقهما الرّفيع وتفنّنهما.

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080