شقة في لندن من أعمال ربيع الحاج...
من المدخل الى الصالون وغرفة الطعام وغرفة النوم وصولا الى الحمام تلفتنا الفضاءات بأناقتها المثيرة.
والمرونة الفائقة في مزاوجة الأساليب والمواد والألوان ترقى بالديزاين الى أعلى مراتبه دون ان يخلو من الطرافة في بعض المعالجات.
التوازن بين القيم الجمالية والقيم الوظيفية ليس مسألة إستثنائية في هذه الشقة الوادعة بل صفة من الصفات التي تلتصق بأسلوب ربيع الحاج لتظهر في كل أعماله ومشاريعه التجارية والخاصة.
وإذا كان صحيحاً أن التوازن بين الجمالي والوظيفي هو من أبجديات الديكور الداخلي الناجح، فإنه مع ربيع الحاج يكتسب ليس فقط حضوراً طاغياً في كل مساحة وفي كل ركن وفي كل تفصيل، وإنما يتجدد من خلال أبعاد ومنظورات تلحقه بأسرار مهنية وبحساسية خاصة يصعب تعميمها.
يتلخص أسلوب ربيع الحاج في التصميم الداخلي بابتكار المناخات الصافية المدهشة التي تتوحد من خلالها المساحات وتتواصل، مشكّلة بذلك البيئة الهندسية المثالية للمشروع، والذي يحتضن ما يبتكره الحاج من أثاث خاص واكسسوارات زخرفية. وكل ذلك في أجواء مستمدة من روحية الديزاين والحداثة.
وفي الوقت الذي يساير في تصاميمه أجواء العصر، إلا أنه يديرها من خلال أحلام الكثيرين من عشاق البساطة والتعابير الأنيقة الملونة. وهي هنا لا تكتفي بأن تكون مشاهد إبداع وجمال، بل على العكس فإنها تعمق مفاهيم وظائفها لتعكس أبعادا ثرية تنصهر فيها العلاقة بين فضاء المكان وانماط اجوائه الزخرفية.
يعتبر المهندس ربيع الحاج أن دور المصمم في ابتكار الصور وطرح الأفكار الزخرفية المناسبة يشبه الى حد ما ما يقوم به ذلك الفنان الذي يمشي فوق حبل مشدود ويحرص على إبقاء التوازن قائماً.
والجمالية في التصميم لا تتطور وينمو تأثيرها خارج حدود الوظيفية ومعاييرها فهما يتكاملان فوق المساحة بكثير من الألفة والأنسجام.
في تصميم هذه الشقة الصغيرة في لندن، تظهر هذه «الأيديولوجيا» بشكل لافت، وذلك من خلال تلك الصياغة الناعمة للمساحة التي تعكس جوا حميميا ناعما تعشّش فيه الألوان الزاهية.
فمن المدخل الى الصالون وغرفة الطعام وغرفة النوم، وصولا الى الحمام، تلفتنا الفضاءات بأناقتها المثيرة، رغم ما تلبسه من حلّة بسيطة، فلا مغالاة في الزينة ولا افتعال في تفاصيل لا لزوم لها. كل شيء يسير في خط من التناغم التام الذي يخدم في كل مساراته فكرتي الرفاهية والراحة، رفاهية تأخذ مظهرا عصريا وتستمد حضورها الفاخر من رونق المواد النبيلة واصالتها، من اقمشة طبيعية وخشب، اضافة الى ما يتكامل مع أجوائها من مواد أخرى، لا تقل نقاء واصالة.
نشعر في المكان الذي توقعه مخيلة هذا المهندس الفنان بالكثير الكثير من الأمان، فلا مفاجآت زخرفية صادمة، بل ايقاع موزون في كل نغماته من خطوط والوان مشرقة زاهية، حيث اللون الأبيض يوقع حضوره من خلال نغماته المشرقة والتي تستدعي اليها، وبشيء من الحنان، الكثير من الألوان الدافئة مثل الوان الخشب الطبيعي وبعض اقمشة قطع الأثاث والستائر والأكسسوارات الملونة.
فهنا في هذه الشقة نجد اختزالا موزونا لقطع الأثاث لا يتجلى فقط من خلال غياب التكرار، ولكن أيضاً من خلال الاستقلالية الممنوحة لكل مساحة ولكل ركن، مما يمنحنا الشعور بوجودنا داخل لوحة تشكيلية مدروسة بمرونة كاملة في كل جوانبها.
ويظهر هذا الأمر جلياً في الصالون المزدوج الذي يضم أكثر من جلسة، تتواصل وتنفصل بشكل انيق في ما بينها مسطّرة في كل مرة مشهداً زخرفياً فاخراً.
بينما تغرق غرف النوم في أحلام وردية تحمل الكثير من الأبعاد لكنها لا تغير شيئا من الرؤية التي تمثلها هذه الشقة التي تنتمي في هويتها الى الألفية الثالثة بمظهر عصري فاخر. فالمرونة الفائقة في مزاوجة الأساليب والمواد والألوان ترقى بالديزاين الى أعلى مراتبه، دون أن يخلو من الطرافة في بعض المعالجات.
تنسيق ودمج واعادة تشكيل وتوزيع بمهارة قل نظيرها دون ان نشعر معها بعيوب في الفراغات او المساحة التي يتلبسها اللون الأبيض الكريم الشاحب، تطرزه في كل مكان أعمال فنية مدهشة، مشحونة بألوان زاهية حية لتشكل نقاط محورية، تنطلق منها أو تتلاقى فيها كل المشاهد الآسرة، تعززها تلك القطع المميزة من الأثاث والتي تحمل توقيع ربيع الحاج وروحية أسلوبه.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024