الكلاسيكية الفاخرة تقيم في منزل آل رزقو
منزل يعبق برائحة الكلاسيكية الفاخرة في منطقة حلب السورية. إنّه لرولا وعمّار رزقو الذي كان المهندس الخاص لمسكنه، فسكب في كلّ زاوية منه عصارة فنه وخلاصة أسلوبه في التصميم، مشبعا إياه بكل أنواع الفنون الهندسية.
لطالما رسم مالك المنزل هندسة منزله. فمنذ أن كان هيكلاً بعد، قرّر أن يكون المهندس الخاص له، مستعيناً برغباته وأهوائه التي نفّذها بحذافيرها. فمسكن عمّار ورولا رزقو شقة داخل مبنى عائلي، في الطبقة الأرضية المطلّة على الحديقة، يضمّ حوض سباحة مغلقاً ومفتوحاً على الحديقة في آن واحد، من خلال واجهات الزجاج.
الكلاسيكية حاضرة هنا بقوة وبأدق تفاصيلها. وقد أطلق المالكان العنان لها من خلال القطع الفاخرة ذات القيمة التاريخية. وما أن يطأ الزائر عتبة قاعة الإستقبال حتى يتلمّس ذلك. كونسول مذهّب ومزخرف فرنسي الصنع مصنوع من الخشب والجفصين، مغلّف بورق الذهب، إلى جانبيه مقعدان إطارهما من الخشب ذاته ومقاعدهما من القماش باللونين الأزرق والزهر.
وفوق كلّ مقعد علّقت لوحة من العمل اليدوي بإطار مزخرف شكله بيضوي، طغى عليهما اللون الزهر. ولشدة حرص المالك على المحافظة على القيمة التاريخية لهذه القطعة التي تعود إلى مئة وخمسين عاماً، لم يرمّمها، بل تركها على حالها لتخبر عن عراقتها بكلّ اعتزاز.
الإطلالة الأولى على المنزل تنبئ بجولة في أجواء كلاسيكية ممتدة على 430 متراً بناءً، من دون احتساب الأمتار الخارجية حيث الشتول والأشجار موزّعة بشكلٍ متناسق، تتوسطهما جلسة تحت الخيمة من القماش وتطلّ مباشرة على حوض السباحة الداخلي.
الصالونات وغرفة الطعام ذات الأقسام المفتوحة بعضها على بعض، تبلغ مساحتها 140 متراً. قاعة الاستقبال تنفتح مباشرة على الصالونات.
الأوّل طغى عليه اللون الأحمر من طراز لويس الرابع عشر، مؤّلف من مقعدين مستطيلين متقابلين، وإلى اليمين واليسار مقعدان منفصلان من الطراز نفسه. وتوزّعت في الزوايا والوسط طاولاتٌ من الخشب منها ما تطعّم وسطه بالرخام. وإلى جانب هذا الصالون، آخر باللون الأبيض من القماش الحرير والمخمل من طراز لويس السادس عشر، طغى على طاولاته اللون الأبيض من خلال الرخام.
وخلف هذا الصالون غرفة التلفزيون التي أتت مزيجاً من العصرية والكلاسيكة.
فقد تمثّلت العصرية في المقعد المستطيل من الجلد البني، وطاولته أيضاً عصرية بتصميمها. في هذه الجلسة اكتملت وسائل الراحة، فإلى جانب التلفزيون ذي الحجم الكبير، مدفأة إحتلّـت وسط الحائط بلونها الأبيض، توسّطت جدارها مرآة، وتزيّنت بقطع من الأكسسوار المذهّب. وفي زاوية هذه الجلسة طاولة صغيرة حولها مقعدان عاليان وآخران صغيرا الحجم.
وخلف هذا الركن «فيترين» من الخشب البني ضمّت مجموعة من القطع المميّزة.
أما السقف فلم يشذّ عن قاعدة الكلاسيكة، وهو من الجفصين المعتّق والمذهّب برسوم وزخرفات ناعمة. وتدلّت منه في وسط كلّ جلسة ثريا، لا تشبه إحداها الأخرى، لكن كلها من النوعية نفسها.
واللافت في الأكسسوار سيوف باللونين الاحمر والبرونزي، فرنسية الصنع علّقت على العمود الفاصل بين الصالونات وتعود إلى مئة وخمسين عاماً.
غرفة الطعام عريقة بامتياز، فرنسية الصنع. رفع عنها المالك غبار السنين معيداً ترميمها ومحافظاً على عملها اليدوي المتقن. ارتفعت حول الطاولة مقاعد من الخشب المشغول إرتدت الجلد البني. وعلى أحد جدران غرفة الطعام آلة البيانو، علّقت فوقها لوحة من القماش من العمل اليدوي وضعت في إطار مذهّب.
واتسمت الستائر بتصميمها العصري الذي يُفتح بطريقة عمودية بخلاف بقية الستائر المنسدلة من الحرير الأبيض في بقية الصالونات.
وقبل الانتقال إلى غرف النوم لا بدّ من التوقّف ملياً أمام هندسة المطبخ المتعدّد الاستعمالات والذي يغني بتصميمه عن دخول سائر أجزاء المنزل. فهو مطبخ وغرفة طعام وقاعة جلوس وقاعة مدفأة في آن واحد، عصري في كلّ الوسائل الإلكترونية المستخدمة، وفي الصالون الجلد البيج الذي فصل بينه وبين المطبخ الفعلي حائط المدفأة. أما الطاولة والمقاعد من الطراز الكلاسيكي، فإطارها من الخشب المزخرف.
وبالانتقال إلى جناح غرف النوم المؤّلف من ثلاث غرف، يرافقنا الطراز الكلاسيكي في إحدى الغرف التي أتى سريرها وخزانتها من الخشب المزخرف. أما الغرفة الثانية فهي مزيج من العصرية والكلاسيكية معاً، إطار سريرها من القماش الاحمر، أما الخزانة والمقاعد فمن الخشب المشغول.
ولا بد في منزل الكلاسيكية أن يأتي الحمام من الطرز نفسه. وقد اتسم بكبر مساحته وبالجاكوزي ولون بلاطه من الأزرق والأبيض معاً، وتميّز بالإنارة في السقف التي انبعثت من داخل الجفصين على طول مساحة الحمام.
هذا نموذج عن منزل في حلب مطبوع بالنفحة الشرقية.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024