أناقة محايدة بين خصوصية المساحة وذاكرة المكان!
تجربة جديدة، تخوضها مهندسة الديكور البريطانية «كيلي هوبان». وهي جديدة، ليس لأنها تختلف عن أعمالها السابقة من حيث التصور والإبتكار، بل لأنها المرة الأولى التي يتحتم عليها العمل من خلال «دفتر شروط». ولكي تتوضح الصورة أكثر، نقول إنها المرة الأولى التي تعمل فيها «هوبان» في فضاء محايد، حيث تنتفي خصوصية المساحة، وذاكرة المكان: فلا لوحات ولا تحف، ولا إرث عائلي أو شخصي وليس ثمة لمسات خاصة تستمد عناصرها من مزاج سيد المكان.
«هوبان» التي حظيت بوسام تقدير من ملكة بريطانيا بوصفها أفضل مهندسة ديكور وديزاين لعام 2009، لم تشأ أن تفوّت هذه التجربة الجديدة، والتي تتلخص بتكليفها من قبل إحدى شركات بيع العقارات في لندن، من أجل ترميم وإعادة زخرفة سلسلة من البيوت الفخمة، وتهيئتها للبيع.
غير أن ذلك كله لم يجرّد المشروع من حضور خاص ل «هوبان» واسلوبها الزخرفي المميز. حضور بدا واضحاً من خلال عملها على الفراغات، حيث استعانت بأحلامها الخاصة، لصياغة أجواء ومناخات جديدة.
وهكذا جاءت النتيجة أنيقة، جسورة، فاخرة، من دون غموض أو تكلف أو تفاصيل زائدة في الطرح الزخرفي. فهذا المنزل اللندني الذي انطلقت منه التجربة، يقع قرب حي «هامبستيد» و«سان جونس وود» الراقي، يتألف من ثلاث طبقات تمتد على مساحة 515 متراً مربعاً.
تضم فناء خاصاً يؤدي الى داخل المنزل المطل على حديقة كبيرة عامة.
ويلعب هذا الفناء دوراً مزدوجاً، فهو يشكل امتداداً طبيعياً لصالة الطعام نحو الخارج،إضافة الى كونه أيضاً امتداداً للخارج نحو الداخل الذي تتقاسمه فضاءات منوعة مختلفة الوظائف والأحجام يجمع بينها جو زخرفي متناغم وأنيق ساحر.
تحتلّ الطابق الأرضي من المبنى صالة للإستقبال بمساحة مزدوجة، تنفتح على صالة للطعام مدهشة.
ويحتل المطبخ مساحة واسعة من المكان وقد أُلحقت به صالة طعام عائلية لتناول الفطور والوجبات السريعة، كما يشغل جانباً من المساحة صالون خاص وحميم لاجتماعات العائلة، إضافة الى حمامات للضيوف انيقة التصميم ثرية في موادها العالية الجودة.
ويتصل الطابق الأرضي بالطابق الأول بواسطة درج خشبي جميل تزينه سجادة رفيعة من اللون البيج الناعم.
في الطبقة العلوية تتنوع المساحات والأجواء والوظائف دون ان تفقد ملامحها الأنيقة المشتركة.
فيشغل هذا الدور جناح فخم يضم غرفة النوم الرئيسية، وما يلحق بها من حمام خاص، وغرفة للرياضة وأخرى للملابس، اضافة الى صالة حميمة للجلوس والراحة. كما تتوزع غرف النوم بينها غرف مخصصة للضيوف ملحق بكل منها حمام خاص وركن للجلوس وصالة للملابس، مما يوفر المزيد من رفاهية العيش والراحة.
بينما تضم الطبقة الأخيرة من البناء صالة للسينما ومساحات يمكن استثمارها في خلق غرف بوظائف جديدة.
ويتوج التصميم بشرفات تنفتح على المناظر الطبيعية للحديقة العامة المجاورة. تميزت معالجات «كيلي هوبان» بلمسات مدهشة وصياغات فريدة، ساهمت خياراتها للمواد والألوان، في إعطائها طابعاً متناغماً ومثيراً، رغم المواجهة التي أنتجها التصميم بين الألوان الحيادية الناعمة واللون البني الداكن الذي خصت به الأبواب وبعض الأرضيات الخشبية وقطع الأثاث المختلفة.
بينما إكتست السقوف والجدران وبعض الستائر والكنبات وكذلك الاكسسوارات باللون الأبيض ومشتقاته من البيج إضافة الى الرمادي الناعم. فكانت كل الخيارات موفقة تماماً في تشكيل المشاهد الزخرفية التي أظهرها التصميم بالكثير من الرشاقة والبراعة. حرصت «هوبان» في ترميمها للمكان على اختيار المواد الطبيعية من حجر ورخام وخشب ومعدن معززة بذلك الطابع البيئي، وهو نهج ارتبط دائماً بخصوصية أسلوبها.
كما قدمت نهجاً أنيقاً رائعاً للدمج بين المساحات حاملة اليها حلولاً زخرفية بارعة، ساهمت في خلق فضاءات مدهشة بالغة الأناقة متناغمة.ففي الصالون الرئيسي توزعت الجلسات حول مكتبة من الخشب البني الداكن وقد توسطها طاولات صغيرة الحجم من اللون البني، أما الكنبات التي تحمل اسم Hamptons فهي من مجموعة Modenature. وقد زينت الجلسة بعناصر فهي من مجموعة للإضاءة من ابتكار Kevin Reilly.
في الجانب الآخر من الصالون جلسات بسيطة تتوسطها طاولة مربعة الشكل منخفضة من الخشب البني الداكن، يحيط بها كنبات وثيرة ملبسة بقماش من اللون الأبيض العاجي تحمل اسم Dorian وهي من مجموعة First Time، اما أعمدة الإضاءة فهي تحمل اسم Odean من مبتكرات Modenature .
صالة الجلوس العائلية تم تنسيقها بكنبات مريحة ابتكرتها كيلي هوبان خصيصا لهذا المكان، وقد رصعت جلسته بعناصر للإضاءة من ابتكار «كيفن ريي».
الستائر شلال من القماش الشفاف الناعم الذي يسمح بتسلل الضوء من النوافذ واغراق المكان في بحر من النور.
وسائد من مجموعة «كيلي هوبان» تتوزع فوق الكنبات بألوان واشكال منوعة تتناغم مع طابع الديكور العام للمكان وأجوائه.
صالة الطعام الرئيسية تميزت بجو متفرد رائع، يتصدر جدارها موقد انيق تحيط به رفوف من الخشب البني، وزعت فوقها بعض التحف الجميلة.
بينما يتوسط الغرفة طاولة مستطيلة الشكل من الخشب البني يتوزع حولها مجموعة من الكراسي تحمل علامة Meridian ويتدلى فوقها ثلاث ثريات فخمة من الكريستال، تسقط نورها فوق سطح مزين بالنباتات الصبارية وفنون المائدة الفاخرةفي الطبقة العلوية جناح خاص بغرفة النوم الرئيسية وملحقاتها من حمام وصالة للجلوس وغرف للملابس، وقد صممت أجواء الغرفة بشكل ناعم يذوب رقة. يتصدر الغرفة سرير ملكي انيق، برأس منجد بقماش حريري من اللون الرمادي اللؤلؤي يتماشى معه غطاء ومجموعة من الوسائد المبتكرة من مجموعة «هوبان» بينما تحيط به منضدتان صغيرتان من مجموعة B&B Italie نسق فوقها عنصر أنيق للإضاءة. ويحتل المساحة القريبة من السرير جلسة ناعمة، نسق فيها مقعدان صغيران منجدان بالقماش الأبيض العاجي يحيط بهما من كل جانب عمود للاضاءة. تتماوج الستائر البيضاء خلفها فتكسبها المزيد من الألق والرونق. تتعدد غرف النوم في الطبقة الأولى وتتنوع أساليب زخرفتها وزينتها، التي تتميز كلها بالبساطة والألوان الناعمة الهادئة مع بعض اضافات صغيرة أو تنوع بالاكسسوارات وعناصر الاضاءة التي تتماشى مع طابع الديكور ولون الستائر. اما الطبقة الأخيرة من المنزل، فتحتل جزءاً من مساحتها صالة عرض سينمائية وشرفة تطل على أجمل المناظر الخارجية التي تزهو بأضواء تساهر الليل وتنعس مثله وتستيقظ مع اولى خيوط الشمس على صبح جديد.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024