السجاد الحديث....
النظر الى السجاد على انه مجرد اكسسوار يأتي الاهتمام به في مراحل لاحقة، يسلبه الكثير من أهميته كعنصر أساسي في المشهد الزخرفي. فهو يشكل علامة بارزة في تحديد أسلوب وطراز هذا المشهد، ويضفي عليه شرعية فنية وجمالية يصعب إستبدالها بشيء آخر. وحين نقول السجاد الحديث. فإن ذلك يعني تجنب الحديث عن السجاد الكلاسيكي المعروف والذي يحتل المنازل والقصور منذ أزمنة قديمة.
وإذا كان السجاد الكلاسيكي يعكس الثراء والتراتب الاجتماعي، فإن السجاد الحديث يعكس الذائقة الفنية، ويعبر بشكل أكثر أمانة عن شخصية أصحابه ومزاجهم وميولهم.
وتوفر الأسواق أشكالاً وألواناً وموادَّ تلبي كل الأذواق، وتناسب كل الطرز والأساليب، وتلعب دوراً أساسياً في أضفاء الأجواء المطلوبة على الداخل.
وتتسع مروحة السجاد الحديث لكل الأصناف، بدءاً من المتقشف والبسيط وصولاً الى الفاخر بمواده الأكثر نبلاً. ولكنه في كل تنوعاته يشكل عنصراً أساسياً في المعادلة الزخرفية التي تمنحه مساحات ملحوظة في تركيباتها.
تتعدد المواد وتتنوع الحياكات، فمن السجاد ذي الوبر الطويل الطري الذي يستعمل غالبا لغرف النوم التي لا تتعرض لحركة مرور كثيفة، مروراً بسجاد الغرف الأخرى بكل تنويعاته، وصولاً الى سجاد السلالم أو باقي مساحات المنزل التي يتم إختيار سجادها في الغالب تبعاً لوظائفها وإستخداماتها.
وإذا كانت المصانع تضخ الكثير من الأنواع والأصناف والأشكال، المشغولة بطرق عديدة ومبتكرة و بالغة الأناقة، فإن السجاد المصنوع يدوياً لا يزال يحتفظ بموقعه المتقدم على غيره. وفي حين أن خيوط الصوف والحرير هي الأكثر استعمالاً في حياكة السجاد واكثرها نبلاً ومتانة، فإن التكنولوجيا الحديثة سمحت بإستخدام مواد أكثر تعقيداً وتكلفاً، بحيث أصبحت الخيوط والألياف الصناعية أو تلك التي تنتج عن مزيج من ألياف صناعية وطبيعية، مصدراً رئيسياً لحياكة سجاد مميز وبالغ الدقة والاتقان.
ويعتبر الأكريليك النسيج الصناعي الأكثر قرباً من الصوف، فهو يشبهه من حيث الشكل، لكنه اقل مقاومة ومرونة. أما السجاد المصنوع من الصوف الغليظ، يمتاز بجدائل مفتولة باحكام، تمنحه مظهرا بسطح كثيف من الوبر القصير، وهو يصلح للسلالم والأمكنة المعرضة لحركة مرور كثيفة، نظراً الى قوته ومتانته. وهذا ما يدفع بالمصممين الى العمل وبشكل دؤوب على ابداع الأشكال والنقوش والألوان الجميلة، حيث صياغاتهم خصب مخيلتهم وتياراتهم المختلفة، تذهب بعيداً في إبتكار كل ما هو مدهش وآسر.
لا يمكن حصر أهمية السجاد في الديكور بمزاياه الدافئة والأنيقة، والتي تثمن المظهر الزخرفي وتمنح الأثاث بعداً مدهشاً. انه اسلوب من أساليب التكامل مع الصور الزخرفية، على اختلاف ابعادها وطرزها وانماطها.
فالزخرفة التي تزين السجاد على اختلاف انواع خيوطه ومواده، تدخل في صميم اللعبة الزخرفية من حيث تنوع معالجاتها والوانها. فالسجاد الحديث بتشكيلاته الأنيقة الناعمة وبرسومه المتعددة، كفيل بتلبية الكثير من متطلبات التصاميم.
مواصفات كثيرة تتوافر في انواع السجاد المنفذ من الياف البوليستر والذي يمكن الحصول عليه بالوان عديدة او من مزيج من الصوف والفيسكوز الذي يمنح من خلال تمازجه مع البوليستر لمعانا مدهشا وتأثيرا جميلا. كما يمنح هذا النوع من السجاد انطباعا مريحا من خلال ما يعكسه من مرونة وراحة ورونق الوان تتماشى مع كلالأمزجة الزخرفية.
أشكال وألوان
ولم يقف السجاد الحديث عند تنوع المواد، بل تجاوز ذلك الى الأشكال التي نرى منها اليوم ما هو مثير وجَسور. فالمربع والمستطيل، المستدير أو المثلث الكبير أو الصغير، اللون الأحادي أو الرسوم التي يوقعها فنانون كبار. تشكيلات تثري الديكور وتمنحه آفاقاً جديدة وأبعاداً غير مسبوقة.
على أن اروع ما تكشفه الموضة هي تلك التشكيلات من السجاد التي تجمع في حبكتها بين الصوف الأصلي والحرير المتعدد الألوان والذي تبرز نقوشه تحت الضوء بتأثيرات رائعة مدهشة. ويعتبر هذا النوع من السجاد مثاليا في الأجواء الكلاسيكية، بما يحمله اليها من الوان زاهية.
اما السجاد الذي يحمل في زخرفته نفحة من الجسارة والفنتازيا، فإنه يتلاءم غالباً مع الأجواء المعاصرة، وهو غالباً تختصر فيه الألوان بلونين متناقضين أو بتدرجات من الألوان الحية الصاخبة. ولا تغيب الأشكال الهندسية عن هذا النوع من السجاد، اضافة الى بعض النقوش المجردة او الخطوط المتراتبة والتي يعيدنا بعضها الى أجواء السبعينات من القرن الماضي، بألوان تفيض تناقضاً وبهجة».
للقطن أيضاً حصة في حياكة السجاد المتعدد السماكة والمزخرف بنمط من الخطوط الملونة الزاهية، خطوط تذكر أشكالها والوانها ببعض التصاميم الزخرفية «الانكلوسكسونية».
أما محبو الأجواء الرومانسية فيجدون حظاً وفيراً من السجاد المصاغ من الصوف وبحياكة يدوية، والمزخرف بازهار كبيرة ملونة، تحمل الى المساحات التي تحتلها زهواً ساحراً في غمضة عين وأجواء مشبعة بالدهشة والحيوية...
لون واحد
كل هذه الأنواع الوفيرة من السجاد على مختلف طرزها واشكالها، لا تلغي الحضور الأنيق للسجاد الأحادي اللون المصنوع غالبا من الأكريليك، والذي يمنح خلال المشي فوقه احساسا جميلا بالراحة والرفاهية،
ويتماشى هذا النوع من السجاد مع الكثير من الطرز الزخرفية بتناسق ذكي مع ألوانها. ولعل من أبرز ما نشهده هذا الموسم من انواع السجاد، ذلك الطابع الجديد المصمم على شكل باتشورك من قطع السجاد العجمي الباهت اللون، والذي تجمع بين قطعه خياطة بارزة. ويلبي هذا النوع مزاج هواة الأجواء الأكزوتيكية.
الطبيعة التي كانت دائماً مصدر الهام للعديد من الفنون الزخرفية، تلقي بظلها فوق العديد من مبتكرات السجاد المحاك من الصوف بشكل يدوي والذي يحمل بحضوره الى فضاءات المنازل نفحة شاعرية.
أما غرف الأطفال فلها حصتها الكبيرة من اجواء الابتكار، تجسدها مجموعات طريفة من انواع السجاد المزخرف برسوم جميلة والوان مستمدة من روحية عالمهم، منفذة بالكثير من البساطة والطرافة. وهي تتكامل مع اجواء غرف الأطفال المليئة بالأحلام والحكايات الشاعرية.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024