تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

مملكة الجمال...

هنا مملكة الجمال والفخامة، وهنا ولدت الذائقة الفنية في الهندسة، وتبلور الإبداع في التصميم. إنها كلمات لا بد أن يردّدها كل من يطأ عتبة هذه الفيلا في منطقة قنابة برمانا شمال بيروت. والتي تولت الإعتناء بتفاصيلها مخيلة المهندس جان بارود.

نحن في منزل في ثلاثة منازل. هكذا يمكن وصف هذه الفيلا المؤلّفة من ثلاث طبقات. فالفخامة والرفاهية اللتان ترافقاننا منذ ردهة الإستقبال تواكباننا حتى الطبقة الثالثة التي استخدمت غرفة نوم للمالكين. البناء الذي تزيّن بالحجر الطبيعي وتطعّم باللون القرميدي، زاده جمالاً الخضار وتنسيق الشتول المحاطة به.
أوّل ركن يطالعنا ليس جزءاً من الصالونات، بل ردهة الإستقبال الخارجية. كلّ عناصر الرفاهية موجودة فيها من الرخام المطعّم بألوان وأشكال هندسية إلى لوحة الموزاييك على الجدار الأمامي والمزخرفة بأحرف فينيقية، فيما الجص في السقف تخلّلته أعمدة الخشب، كما في تصميم سقف الطبقات الثلاث. فردهة الإستقبال تعتبر نموذجاً يعبرّ بوضوح عن مكنونات هذه الفيلا التي اتسمت بالطابع الكلاسيكي.    
باب الصالونات من خشب السنديان، يخال من ينظر إليه أنه الباب الرئيسي، لضخامته والتفنّن في الخيوط الهندسية التي تخلّلته، وأبرزها الزجاج المتعرّج. وقبل أن ندلف إلى صالونات فسيحة، تأبى غرفة الجلوس لجهة اليسار إلا أن تشدنا بحميميتها وألوانها الدافئة وتصميمها المبتكر ذي الهندسة الدائرية.

حتى السقف بدا متماهيا، إذ لبس حلة من الجبس المستدير، تخللته خيوط مماثلة من الخشب. وصولاً إلى الصالونات الخمسة، تفتح لنا الفخامة ذراعيها، وتستقبلنا الذائقة الفنية المرهفة بكلّ عناصرها. كأن أذواق الدنيا كلّها اجتمعت هنا، وسكبت الجمال على شكل مقعد هنا وكنبة هناك وطاولة هنالك.
العنوان الطاغي هو الدفء في الألوان، إنطلاقاً من البيج وصولاً إلى البني الترابي، مروراً بالبوردو. وعادة ما يترك المهندس بارود لأصحاب المنزل أن يختاروا الألوان، وهو ما تقصّد فعله في هذه الفيلا حيث تعاون مع المالكة في تنسيق الألوان الترابية الأحب إلى قلبها. ويقول في هذا السياق: "لا أتدخّل عادة في انتقاء الألوان لأنّ أصحاب المنزل هم الذين سيسكنونه، وأفضّل أن يرتاحوا إلى ألوان أثاثهم والديكور. أتدخّل فقط عندما تزعجني أمور نافرة".
يتصدّر الجلسات، صالون مخصّص للمدفأة تميّز عن غيره من الأثاث بالجلد الهافان، فتقابلت كنبتان متشابهتان بالشكلّ والقماش، وفصلت بينهما طاولة. أما المدفأة، فهي من الحجر الطبيعي تخلّلته قطع من الخشب. وقبالة هذا الصالون جلسة مخصّصة للبيانو، أحد جدرانها من الحجر المقلّم باللونين البني والبيج. وتزيّنت الجدران الأخرى بلوحات فنية قيّمة. والّلافت أن الجبس في السقف اختلف تصميمه من جلسة إلى أخرى. فمنه ما تخلّله الخشب، ومنه ما انبعثت منه إنارة مباشرة وغير مباشرة.
وتوزعت في زوايا الصالونات مصابيح قديمة ذات قيمة تاريخية، احتفظت بها المالكة وأعاد المهندس بارود ترميمها لتتماشى والأثاث.

ولأن كل شيء في هذه الفيلا يوحي الفخامة والضخامة، صمّمت غرفة الطعام لتتسع ل22 كرسياً، وتدلّت فوقها ثريّتان من الكريستال الفاخر والنادر. وإكتملت لوحة الرفاهية مع الستائر الحرير التي طغى عليها اللونان البيج الذهبي والبوردو بالتصميم نفسه لكلّ الأبواب، إلى جانب السجاد العجمي الذي أتى به المالكان من أسفارهما العديدة. كما اشترت المالكة من أفريقيا مرآة حمام الضيوف لتتماشى مع طرازه، علماً أن مغسلته الحجرية استلقت على طاولة من الخشب وكأنها كونسول يصلح وضعه في الصالون.
الطبقة الثانية مخصّصة لغرف نوم الأولاد، وعددها أربع، إلى جانب غرفة مخصّصة للضيوف، وصالونات وغرفة جلوس.

وفي هذه الطبقة فجوة في السقف من الزجاج الملوّن تشكّل جسر تواصل مع الطبقة الثالثة، ومطبخ صغير لتحضير القهوة، وللإستعمال السريع كي لا يتكلّف قاطنو هذه الطبقة عناء النزول إلى الطبقة السفلية حيث المطبخ الفسيح الذي طغى عليه الأبيض والأسود. هدوء الألوان الذي رافق الطبقات الثلاث طبع غرفة نوم المالكين، أو بالأحرى الجناح الخاص بهما. فغرفة النوم هنا امتدت على مساحة ثلاثمئة متر مفعمة بالرفاهية والذوق الرفيع والراحة التامة.

فبعد الخروج من المصعد البانورامي تستقبلنا قاعة فسيحة تضمّ جناحاً خاصاً بخزائن الثياب، نصل بعدها عبر عمودين من الخشب  إلى قاعة الجلوس التي تشكّل إمتداداً لغرفة النوم وضمّت مدفأة عن يسار المدخل، إطارها من الخشب. أما عن يمين المدخل فعلّق جهاز التلفزيون على قاعدة متحرّكة بحيث يمكن توجيهه لجهة السرير أو الصالون وقاعة الجاكوزي.
وبعد الصالون لوحتان من الزجاج المزخرف والمرسوم توزعتا يميناً ويساراً تقودان إلى الغرفة المخصّصة للجاكوزي الكبير الحجم والمغسلتين اللتين إستلقتا على خزائن من الخشب. وانبعثت الإنارة فوق الجاكوزي من الجبس وقطع الخشب المستطيل. وتزيّن السقف أيضاً بالزجاج الملوّن المستطيل الذي أدخل شفافية إلى المكان. الأرض لا تقلّ جمالية عن السقف، فقد تخلّل الخشب، بعرض السرير وعلى طول الغرفة الفسيحة، الرخام الايطالي الذي زيّن الجانبين. وتناغمت الستائر الحرير المنسدلة، لوناً وشكلاً مع أثاث الغرفة وأكسسواراتها.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079