تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

صالة الطعام..واجبات الرفاهية

لعل أكثر المساحات الداخلية في المنازل، تأثراً بالتغيّرات التي تطرأ على أنماط الحياة المعاصرة هي صالة الطعام. وإذا كان هذا التاثير لم يمس الجانب الوظيفي، فإنه بألتاكيد أحدث ما يشبه الانقلاب في الجانب الجمالي. منذ القديم كانت هذه المساحة من أكثر فضاءات المنزل حيوية. بل كانت ذاكرته المسكونة بالصور والشاهدة على لحظات الهناء والمناسبات السعيدة حين يجتمع أفراد العائلة حول مائدة غنية بالأطباق المتنوعة الشهية. هذه الصورة لم تتغير تماماً. إلا ان تعابير جديدة أضيفت الى ملامحها الجميلة، لتعكس نمطاً من حياة العصر وأمزجة الناس وميولهم... مسائل لا يهملها المصممون الذين عملوا على ابتكارات تكرس دور صالة الطعام، وتستفيد مما وفرته الوسائل والتقنيات المعاصرة.

لعل الملاحظة الأولى التي لا بد أن نرصدها عند استعراضنا للمتغيرات، تتحدد في تحرير صالة الطعام من استقلاليتها والحاقها بالفضاء المفتوح للمنازل الحديثة. فإذا بها هنا تنفتح على باقي المساحات، لتتآلف معها وتعزز وحدة الداخل.
فالهندسة المعاصرة التي تسعى الى اختزال الحواجز والجدران، منحت صالة الطعام آفاقاً جديدة، أتاحت لها التواصل الوظيفي والجمالي مع مساحات داخلية أخرى مثل صالة الجلوس أو الصالون أو المطبخ، وصولاً الى الشرفة وربما أيضاً الى الحديقة وهذا الأمر فرض إعادة تأهيل لصالة الطعام، يتناسب والأدوار الجديدة للمنزل بشكل عام، والصلة بين فضاءاته وكسر نمطيتها ومنحها حرية أكبر، مما يعكس طبيعة الحياة اليومية المعاصرة.

هذه الطبيعة التي فرضت علينا تعديل نظرتنا الى المساحات وتكييفها، أثاثاً وتنسيقاً، من أجل ان تساهم أكثر في زبادة الرفاهية، وتعزيز الأدوار الوظيفية والجمالية لها.
سيناريوهات عديدة بمقاربات مختلفة حررت تصاميم صالة الطعام  من إطارها وقواعدها التقليدية المعتادة، ودفعها أكثر نحو معاني الاتساع والابداع والحركة والسلاسة، لتقترن بوظائف مدروسة تتجاوب مع كل أساليب الحياة في المنازل والشقق الكبيرة والصغيرة وأذواق الناس وميولهم ومتطلباتهم.
ونتج عن هذا الحراك الابداعي جيل جديد من قطع الأثاث والاكسسوارات، تتميز بمرونة الأشكال وأناقتها وراحتها، إضافة الى ما تثيره من أجواء مدهشة فاخرة. فاحتضنت الفضاءات الجديدة لصالات الطعام نماذج غير مسبوقة من خطوط الأثاث بانماطها المختلفة والتي طالتها لمسات التجديد، فاكسبت مظاهرها شباباً جديداً ورونقاً أخاذاً.
فمن الطرز القديمة الى الكلاسيكي الحديث والباروكي الغريب أو المشبع بلمسات عرقية وصولاً الى التصاميم التي تحمل طابع الديزاين المعاصر، حيث لم يتوانَ المصممون عن ابتكار رموز للجماليات الجديدة حولت بعض قطع الاثاث الى تحف زخرفية بالغة الروعة والكمال، حتى في اقصى بساطة تشكيلها، مختزلين في كل ذلك تراكم التفاصيل التي لا تخدم البنية الشكلية والوظيفية للتصميم. كما عمدوا الى تطعيم اجواء صالات الطعام أو أركانها المدمجة بعناصر زخرفية، مختارة بدقة، لتنسجم مع الجو العام للتصميم، تناغماً أو تصادماً جميلاً، مما يضيف نفحة مختلفة الى أناقة متجددة.


لقد أثرت هذه المعالجات الجديدة فن الديكور بالكثير من الصور التي تناى بنفسها عن التكرار والتصاميم النمطية وتساهم في تاسيس لغة زخرفية بمفردات جديدة مبتكرة تكتنز الكثير من الرؤى الجمالية الحالمة أو الواقعية المجردة، أو الغريبة المحملة بنفحات فنتازية غير مسبوقة في رونقها وتأثيرها الناعم. مما يرفد الأجواء الداخلية  بخصوصية متفردة. هنا نجد ان التغيير يتسلل الى عمق الجو الزخرفي، بسلاسة وانسياب ناعم كانسياب الضوء الى الفضاءات الناعسة، مما يساعد على استثماره بشكل لطيف وابرازه بالشكل الأنيق والأجمل. واللافت في كل تصميم هو ذلك الحضور البارز للمواد الطبيعية التي تتوسلها معظم الماركات التجارية المصنعة للأثاث والاكسسوارات الفاخرة، ومن بينها «روش بوبوا» و«هيلستا» اللتان عمدتا الى استخدام المواد الطبيعية النبيلة مثل الخشب على انواعه ومعدن الكروم والزجاج والجلد، اضافة الى بعض المواد الطبيعية المصنعة بتركيبات مختلفة، مدعومة بأنواع فاخرة من النسيج المتعدد الحياكات والأشكال والمواصفات التقنية الفنية، والذي يتماشى بانسجام تام مع كل المواد والمعادن المستعملة.
وحين نتحدث عن الأثاث الجديد لصالة الطعام، فاننا لا نتحدث عن مروحة الطرز والاتجاهات في تصاميمه ومواده الطبيعية فقط، بل أيضاً نشير الى لوحة الألوان المدهشة والتي سطرت بحضورها الأنيق كل الأماكن، بايقاعات تناغمية مشرقة ناعمة أو تناقضية ضاربة، نذكر منها الابيض والبني الداكن، الشوكولا والأسود والأصفر الذهبي والأحمر والأخضر، والتي ساهمت في ابراز روعة قطع الاثاث، بكل مظاهرها البلورية الشفافة والحريرية اللمعان واللامعة. وتوفر أجواء تصالحية وتصادمية فاخرة غير مسبوقة.. مروحة بالغة الاتساع تستجيب كل الاذواق والامزجة.

الاختيار
اختيار أثاث صالة الطعام - مستقلة كانت أو مدمجة أو مفتوحة على مساحات تتواصل معها- مسألة تتطلب الكثير من الدقة والتركيز، الى جانب الذوق الشخصي  الذي يسمح بتفضيل طراز على آخر في زحمة هذه المبتكرات الرائعة التي تتجلى فيها طاولة الطعام وكراسيها ومقاعدها بأجمل حلة، وبتناغم بين الهياكل المعدنية المصنوعة من الكروم المسطح وسطوح الطاولات البلورية أو الخشبية المختلفة الأنواع والألوان والتي تبدو كأنها تطفو فوق هياكلها دون تفاصيل ظاهرة تحد من نقاء المظهر وجمال خطوطه.
كما يلفتنا ذلك التلاعب البارع بالتناقضات اللونية والملامس المختلفة لأنواع المواد والاقمشة المستعملة والتي تشكل تصادما زخرفيا جذاباً.
كما تكشف الكراسي والمقاعد المنجدة اوالمزودة مساند للذراعين وكذلك الارائك المركزة فوق قواعد خشبية، عن براعة مدهشة في التشكيل الذي يمنح لتلك الأرائك وظائف تخزينية انيقة.
وتندمج الأضواء مع كل هذه العناصر باشكال مباشرة تتدلى من السقف بمصابيح كبيرة، أو تنساب من بين زجاج بلور الخزائن أو من اماكن خفية لتحمل الى المكان لمسة من الذوق الرفيع والاناقة اللامتناهية.

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078