منزل هيلين بينهامو في لندن...
من خلال مفرداتها الزخرفية الخاصة، استطاعت هيلين بينهامو أن تقيم حواراً جميلاً ليس بين الأساليب والطرز فقط وانما بين العصور والحقب أيضاً. هذه المفردات التي غذتها أسفار عديدة وتجارب فريدة، كانت نتيجتها تعبيرات مميزة. المواءمة بين القديم والحديث، واثراء المشهد بخيارات بالغة الدقة من الاكسسوارات واللوحات والأعمال الفنية، اضافة الى التحف الثمينة.
كانت البداية في نيويورك حيث أسست هيلين مخزنها الراقي لبيع الأثاث ومستلزمات ديكور المنزل. ومن خلال عملها هذا استطاعت أن تنسج شبكة واسعة من العلاقات مع كبار نجوم السينما والمجتمع الراقي. هذه الشبكة من المعارف ساهمت في توسيع دائرة أعمالها، فوقعت العديد من المشاريع الزخرفية المهمة. مشاريع ساعدت في انتشار اسمها وشهرتها، لتتحول الى ضيفة على برامج الديكور في المحطات التلفزيونية المختلفة.
ولكن حين قررت هيلين أن تفتتح مكتبها الخاص، فقد اختارت لندن مركزاً له، وذلك لتوسيع رقعة أعمالها في اتجاه القارة الأوروبية. ومن أجل اقامتها في لندن اشترت منزلاً في حي تشيستر سكوير، تتجلى الهندسة الانكليزية في كل تفاصيله على امتداد طبقتين.
في البداية، رممت مساحاته وأعادت توزيعها ببراعة وذوق مرهف، مع الحفاظ على هويته وطابعه الأصيل، فأبقت بياض جدرانه، وأرضياته الخشبية الأصلية.
وفي هذا المنزل، الذي تبلغ مساحته 250 متراً مربعاً، قدمت هيلين نموذجاً معبراً لاسلوبها الزخرفي، من خلال سيناريوهات مدهشة، كرست في مجموعها طابعاً أنيقاً لتعايش التيارات المختلفة، بانسجام لافت يصعب تجاهله. وقد عززت هذا الانسجام خيارات محددة من قطع الأثاث الرصين والنادر، وتشكيلات من الأقمشة النبيلة والألوان الحيادية التي لم تغب عنها الايقاعات الدافئة والزاهية في الوقت نفسه.
ففي الصالون المتعدد الأركان والجلسات تتألق المناخات الزخرفية الناعمة بإيقاع من البساطة والأصالة، فلا تفاصيل مفتعلة ولا عناصر زينة دخيلة.
من أبرز تلك الأركان جلسة تم تنسيقها حول المدفأة التي تزينها زخرفة جميلة ولوحة زيتية بألوان من الأبيض والرمادي الغامق ومشتقاته... وقد استعيدت هذه الألوان في تلبيس أغطية الكنبات الوثيرة بقماش من المخمل الرمادي الناعم والمزين بوسائد حريرية من اللونين الرمادي والبنفسجي الفاتح. تتوسط الجلسة مناضد منخفضة مبتكرة بتصاميم طريفة. منضدة مربعة الشكل ملبسة بالجلد الأبيض، تعلوها منضدة أخرى مستطيلة الشكل من الخشب، وقد زينت هذه المناضد ببعض الكتب والاكسسوارات الناعمة الجميلة.
وتتدلى من السقف فوق هذه الجلسة ثريا ثمينة للإضاءة من ابتكار «دونغيا»، وتثمن اجواء هذه الجلسة الأنيقة خزائن من الطراز الايطالي تعود الى سبعينات القرن الماضي، وزعت عند جانبي المدفأة وقد زين سطحها بالبراويز الصغيرة والصور العائلية.
في الركن المقابل من الصالون جلسة أخرى لا تقل جاذبية، تحتلها كنبة ملبسة بالجلد الرمادي الناعم، تزينها بعض المساند الملبسة بقماش المخمل الزهري وعدد من الوسائد الرمادية والبنفسجية الفاتحة، وهي تتناغم برونق جميل مع ألوان لوحة عملاقة تزين الجدار فوق الكنبة تحمل توقيع الفنان فيليب غيستون.
وفي المكان عند جانبي الجلسة مناضد صغيرة من الخشب المطلي باللون الأسود اللامع تعود بتاريخها الى أربعينات القرن الماضي، ممهورة بتوقيع علامة «دومينيك» الفاخرة.
وتكمل رونق جلسات الصالون مجموعة من المنحوتات الفنية الثمينة المنفذة من الألومينيوم والبرونز، وهي بنسخ فريدة محدودة من ابتكار روبرت انديانا.
صالة الطعام، يطغى عليها جو فريد من الأناقة المشبعة بأجواء الماضي وذكرياته الدافئة. تتصدرها طاولة كبيرة من الخشب المطلي باللون الأسود اللامع، تعود بتاريخها الى أربعينات القرن الماضي، تحيط بها مجموعة من الكراسي المنجدة بقماش المخمل، وهي جزء من ارث عائلي، ضمته هيلين الى مجموعاتها.
وتندمج مع هذا الإطار الزخرفي المميز لصالة الطعام، مقاعد بظهر مرتفع، منجد بقماش من المخمل المتعدد الألوان من ابتكار سيدة المنزل.
وقد وضعت اثنين منها حول الطاولة بينما أحاط مقعدان أخران بمنحوتة فنية من الألومينيوم، تجسد حروف كلمة حب باللغة الانكليزية، من تصميم الفنان روبرت انديانا عام 1966. الحب الذي تجسده أحرف هذه المنحوتة نستشعره في كل ركن من فضاءات هذا المنزل، المشحون بدفء المشاعر والذكريات العائلية، والتي تضفي بتأثيرها على المكان حيوية خاصة وجاذبية لافتة.
تتنوع الفضاءات في الطبقة الأرضية على امتداد مساحاتها وسيناريوهاتها الزخرفية ووظائفها، فمن الصالون الى صالة الجلوس الصغيرة وركن البيانو، يهيمن جو من البساطة في التوزيع، يسلط الضوء على مكامن الأناقة والجمال في كل ركن وزاوية، مما يمنح البيئة الزخرفية حضوراً أكثر دفئاً وحميمية.
المطبخ يحتل مساحة واسعة من الطبقة الأرضية بطابعه العملي المميز وأجوائه الحديثة، يتوزعه ركنان، ركن خاص بتحضير الأطعمة تغطي جدرانه خزائن مدمجة أنيقة من الخشب المطلي باللون الأبيض، اضافة الى الأدوات والاحتياجات الخاصة بالمطبخ من برادات وفرن ولوحات للطهو وأدوات كهربائية، بينما يقتصر الركن الآخر على جلسة مريحة لتناول الطعام في أجواء مريحة صافية. وفي هذا الركن كنبة منجدة بالجلد الأبيض وعدد من الكراسي البيضاء، تتوسطها طاولة مستديرة من مبتكرات «كنول» الشهيرة.
وتفصل بين ركني المطبخ ، خزانة مبتكرة من اللون الأزرق الفاتح يندمج فيها حوض للأسماك مزخرف بأشكال منوعة من النباتات البحرية.
في الطبقة العلوية عدد من غرف النوم وملحقاتها من حمامات وغرف للملابس، اضافة الى صالة للتلفزيون وأخرى للرياضة. وتربط بينها وبين الطبقة الأرضية سلالم أنيقة بحواجز من الحديد المطوّع والمزخرف المطلي بالأسود. اما الدرجات فيغطيها سجاد من اللون الرمادي الناعم، المرصع عند الجانبين بشريط من الجلد البني.
غرفة النوم الرئيسية تلبس حلة رائعة من الأقمشة الحريرية الناعمة، والتي تغطي رأس السرير المدمج مع الجدار، كما تزين غطاءه ووسائده أقمشة أحادية اللون، مدمسقة ومتناغمة.
الستائر رمادية من التفتا، اما المقاعد الصغيرة وصندوق السرير فقد نجدت بنوع من القماش المزخرف، من ابتكار
Zimmer & Rohde. وعملت هيلين على ايجاد جو من التصادم الزخرفي الناعم مع طراز أثاث غرفتها النيو كلاسيكي، فرصعتها بخزانة رائعة من الطراز الإيطالي القديم ، زينت سطحها بمنحوتة بيضاء معاصرة.
الحمام الرئيسي، مصاغ باسلوب كلاسيكي جميل، ملبس بالرخام تزينه خزائن مدمجة من الخشب الأبيض. وقد راعى التصميم في تفاصيله توفير جو مريح فيه الكثير من الرفاهية.
غرفة النوم الثانية تتميز بديكور بسيط، يحتلها سرير أنيق برأس من الجلد الرمادي، يحيط به من كل جانب، منضدة صغيرة ملبسة بالجلد ذاته ومزينة بعنصر أنيق للاضاءة. أما مقاعد الغرفة فاكتست بقماش من المخمل الأسود، يتماشى مع زخرفة قطعة من جلد حيوان بري، زين ارضية الغرفة.
غرفة الأطفال، مصاغة بلمسة رومانسية الطابع، يتصدرها سرير أنيق، برأس مدمج في الجدار ومغطى بقماش حريري مدمسق، بألوان من الرمادي والزهري، تتناسق أجواؤها مع غطاء السرير والمقاعد والموكيت في الغرفة.
تجاور المكان غرفة أخرى، يغلب على زخرفتها الطابع الذكوري، بخيارات من القماش الأحمر والأزرق، الذي زين رأس السرير وغطاءه وبعض المقاعد، أما الستائر فقد تم تنفيذها من القماش المتعدد الألوان.
وتستمد هذه الغرفة جاذبيتها من بعض الاكسسوارات المعلقة في السقف والتي تؤكد هوية اصحابها وهواياتهم.
أما غرفة التلفزيون فاستعارت مناخاتها من اجواء بعض الأفلام الكرتونية ونفذت بصياغات طريفة والوان زاهية ومبتكرة.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024