تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

منزل مهندسة الديكور كيلي هوبن في لندن

منزل كيلي هوبن في الحي اللندني الخلاب نوتنغ هيل إن لم يكن محطة لرهان جديد فإنه بالتأكيد فعل يتجاوز عتبة المستحيل. وإذا عرفنا أن ترميم هذا المنزل كان جزءاً من المهمة، الى جانب التصور البارع الذي وضعته كيلي هوبن من أجل أعادة تنظيم المساحات الداخلية وتأهيلها وتمكينها من إستقطاب المزيد من النور الطبيعي، وما تطلبه هذا الأمر من إزالة بعض الجدران والحواجز، فإن الأشهر الخمسة التي إستغرقها العمل كله، تجعلنا ندرك أن لهذه المهندسة الشابة قدرات سحرية في التعامل مع الأمكنة والمساحات.

خمسة أشهر فقط منحت هذا المنزل صورته الجديدة، وحولته من مكان كئيب مغلق الى مساحات مفتوحة تتواصل بشكل أنيق وعملي، دعمتها خيارات ذكية من المواد النبيلة والآلوان المدروسة، مما أضفى على المكان جواً من خصوصية حميمة، لم تفتقر الى لمسات جسورة تمثلت في تضارب لافت بين اللونين الأبيض والبني الداكن. الجدران والسقوف والأرضيات الخشبية اكتست باللون الأبيض، رصعتها بعض المساحات البنية، لتتلاءم مع الوان بعض قطع الأثاث والأبواب في المنزل.

 تميل كيلي هوبن الى استخدام أسلوب مميز في الكثير من مشاريعها الزخرفية التي تطعمها دائماً بلمسة من الجسارة والبذخ لإثراء فضاء المكان بأنواع مثيرة  من الأقمشة والتحف النادرة وبعض الأكسسوارات من تصميمها. كل ذلك بهدف خلق بيئة زخرفية مميزة بتأثيرات متفردة ومفردات تتقن صياغتها. ولذا لا نراها تتردد كثيراً في المزج بين الأساليب والعصور من أجل تظهير المشهد العام ومنحه طابعاً مثيراً. ومع تركيز هوبن على التفاصيل، إلا أنها لا تهمل الطابع الوظيفي للمكان والأشياء، لأن الزخرفة في رأيها لاتعني تكديس قطع الأثاث والتحف الجميلة في المساحات، بل هي صنع حالة من المواءمة الجميلة والإنسجام بينها وبين واقع المكان وحياة سكانه. مواءمة وانسجام، يكادان أن يكونا عنواناً معبراً لأجواء منزل كيلي هوبن الجديد الذي يكشف أسلوب تصميمه ملامح أخرى من أجواء عالم صاحبته وأحلامها.فلمساتها الأنثوية البارعة تسكن كل التفاصيل وتنمّ عن رؤية فنية قادرة على سبر أسرار المكان وإضافة آفاق جديدة إلى فضاءاته الكامنة.في مدخل يغرق في الهدوء، نسقت مرايا قديمة واسعة النطاق بأطر من الخشب المزخرف، عمدت الى ترتيب بعض الأرفف تحتها، زينتها بأواني الأزهار والتحف وبعض الأكسسوارات الجميلة. بينما تصدرت الجدار المقابل للمرآة، صورة فوتوغرافية عملاقة  للملاكم الأميركي محمد علي كلاي، وهي تعتبر من نوادر فن التصوير.المطبخ، وهو من الفضاءات المهمة التي طالها التغيير.فقد وضعت كيلي هوبن لتصميمه تصوراً خاصاً يقضي بإعادة توزيع المساحة بشكل يجعل منه نقطة محورية تدور حولها الكثير من النشاطات في المنزل.
ويتميز هذا المطبخ الذي نفذته شركة Boffi المتخصصة في صنع المطابخ، بخزائنه الأنيقة المصنوعة من الخشب المطلي باللون البني اللامع والتي نسقت بشكل عملي مدهش، لتحتل المساحة عند جانبي الممر المؤدي الى غرفة الطعام، مشكلة بذلك وحدة مركزية يندمج فيها الفرن والبرادات وغيرها من مستلزمات المطبخ. بينما تتوسط في جانب آخر من المكان وحدة الطهو، مدمجة مع مسطح عمل بالغ الاتساع، وزعت حوله بعض الكراسي المرتفعة المصنوعة من معدن الأينوكس والمغطاة بجلد أبيض اللون.  تتعدد مصادر الإضاءة في المطبخ فبعضها مباشر يأتي من السقف وآخر ينبعث من اماكن خفية، لخلق المزيد من التأثير الجميل. أما بالنسبة إلى إضاءة المسطح، فهي تأتي مباشرة من مصابيح تتدلى من السقف بأشكال كروية معدنية، تحمل بمظهرها ملامح من أجواء سبعينات القرن الماضي.
نتجاوز المطبخ  الى صالة الطعام من خلال الممر الصغير المنسق بالخزائن والذي زينت أرضيته بسجادة قوقازية رائعة الألوان، أضفت على هذا الجزء من المطبخ رونقاً خاصاً.

صالة الطعام صغيرة ومدهشة، بطاولتها المصاغة من جذع شجرة سنديان والتي صُقلت بمعالجة مميزة للحفاظ على لونها الطبيعي ومظهرها. وقد أحيطت هذه الطاولة بمقاعد ابتكرت خصيصاً لها، من الخشب البني الملبس بالجلد الأبيض والرمادي الفاتح. وقد تدلى من السقف فوق الطاولة مصابيح مميزة من اللونين الأبيض والأسود من إبتكار المصمم كيفين رييي، وهي تضفي على المكان لمسة غير تقليدية. وتكمل المشهد الزخرفي لصالة الطعام لوحة كبيرة تزين الجدار، مزخرفة بملصقات من الصور تحمل توقيع المصور الفوتوغرافي الشهير بيتر بيرد.الصالون يشغل مساحة واسعة من الدور الأول، ويتميز بطابعه الزخرفي المستعاد من أجواء ثلاثينات وسبعينات القرن الماضي. نسق بجلسات مختلفة، بينها ركن المدفأة الذي تتوسطه طاولة مثلثة الشكل من الخشب المطلي باللون البني اللامع، يعلوها لوح من الزجاج بلون متناسق. وتتكامل مع هذه الجلسة كنبة وثيرة ملبسة بقماش من اللون البني المدمسق ومقعدين آخرين ابتاعتهما من سوق البرغوت لتلبسهما القماش ذاته.. ويزين هذه المقاعد مجموعة من الوسائد المخملية المربعة باللونين البني الفاتح والغامق..

وتضفي ستائر الساتان بلونها الأصفر على هذا الصالون رونقا مدهشا تعززه اضواء حالمة، تنبعث من خيوط الكريستال الموزعة في المكان كشلالات من الضوء، يمكن التحكم في نورها حسب المزاج لصنع المزيد من الأجواء بتاثيرات مدهشة.

لم تهمل كيلي السلالم التي تربط بين بعض مستويات الغرف في المنزل، فلبست حواجزها بمعدن الأينوكس، كما غطت درجاتها بسجاد من المخمل الرمادي الناعم.غرفة النوم الرئيسية تنبسط فوق مساحة واسعة في الطبقة الأولى. تمحورت زخرفتها حول أحلام «كيلي هوبن» وميلها الشديد إلى الترف، فجاء تصميمها مدهشا فاخراً. تصدر الغرفة سرير كبير برأس منخفض من اللون الرمادي الناعم، وقد صُفت فوقه مجموعة من اللوحات الزخرفية البسيطة والمنفذة بتنوعات من اللون الأبيض والرمادي الفاتح والغامق... الوان تتماشى مع غطاء السرير ووسائده الرمادية والبيضاء المزخرفة.كما نُسقت عند جانبي السرير مناضد منخفضة من الخشب البني الداكن، زينت بعناصر للأضاءة، وبعض الأكسسوارات الزخرفية والصور العائلية. وتتناغم هذه المناضد مع قطع الأثاث البني، الموزع في أركان مختلفة من الغرفة، بينها «كونسول» أنيق زين سطحه بالتحف الصغيرة والبراويز والصور الفوتوغرافية االتي تتصدرها صورة فنية مميزة للممثلة الأميركية الراحلة «مارلين مونرو» بالأبيض والأسود. الحمام الرئيسي للغرفة، يتميز بمساحة واسعة ومظهر أنيق، يغلب عليه اللون الأبيض. وقد رصعت أرضيته الرخامية البيضاء بممر من الخشب البني الداكن، مما أضفى على المكان رونقاً بالغ الألق.

غرفة الضيوف تحتل مكانها في الطبقة السفلية من المنزل المطلة على الحديقة، وهي من الغرف المظلمة التي لا تدخلها الشمس طوال النهار. اكتست باللون الأبيض من أرضيتها حتى سقفها، وذلك لإعطائها طابعاً مشرقاً. كما زخرفت بخيارات أنيقة من قطع الأثاث الكلاسيكي الجميل المغطى بقماش الكتان أو الجلد الأبيض، مع لمسة بسيطة من اللون الأخضر الذي زين غطاء السرير والوسائد. وكان للون البني الداكن أيضاً حضوره الناعم الجميل من خلال بعض قطع الأثاث، مثل خزانة الملابس والمناضد الصغيرة التي أحاطت بجانبي السرير، والتي تدلت فوقها من السقف مصابيح كروية الشكل من المعدن تحمل في ملامحها نفحة من أجواء سبعينات العصر الماضي. الحديقة الخلفية للمنزل تتمتع بهندسة أنيقة مثيرة للإعجاب، بأجوائها الجميلة التي ابتكرها مهندس الحدائق المشهور كريس موس. وقد ساهمت كيلي هوبن في استكمال زخرفتها ببعض من أثاث الهواء الطلق والأكسسوارات اللازمة للإضاءة والزينة، محولة المكان الى استراحة جميلة تدعو للإسترخاء والتأمل.
كيلي هوبن ومنذ إنتهائها من وضع اللمسات الأخيرة على ديكور هذا المنزل، عمدت الى إطلاق مجموعاتها الجديدة من السجاد وقطع الأثاث والأكسسوارات وبياضات المنزل الفاخرة.

وعمل هذه المهندسة البريطانية الشابة لم يعد من الأسرار، فالمشاريع الزخرفية التي توقعها كيلي هوبن في أركان العالم الأربعة، وتنوع هذه المشاريع بين فنادق ومخازن تجارية راقية ويخوت وطائرات خاصة، بالإضافة الى المنازل والقصور، تجعل منها علامة مضيئة في مجال الزخرفة والتصميم.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079