المكتب المنزلي
يواكب الديكور تصميماً وتنسيقاً حركة الحياة اليومية المعاصرة، ويرصد التغيرات السريعة التي تشهدها. كذلك يعاين السلوكيات المستجدة التي تقتضيها أنماط هذه الحياة، وذلك من أجل العمل على منحها آفاقاً توفّر لها الراحة والرفاهية والإنسجام.
وبعدما كانت المكاتب المنزلية ضرروة لفئة قليلة من الناس تبعاً لأعمالهم، كان يعتبرها البعض ترفاً والبعض الآخر من الكماليات التي لا جدوى منها.
على أن التغيّرات التي طرأت على طبيعة المجتمعات، طرحت مسارات جديدة لأنماط الحياة. لذا يبدو اليوم أكثر من أي يوم مضى أن ما كان ضرورة لفئة محدودة أصبح ضرورة لمعظم الناس. فالمكتب المنزلي ليس مجرّد مكان لتدوين المذكرات أو لمجرّد القراءة والمطالعة، بل أصبح امتداداً للحياة العملية، وفي أحيان كثيرة يشكّل خطاً متوازياً معها ويساهم في دعم ميزانية المنزل مادياً وتنظيمياً.
ويمكن ملاحظة ذلك من خلال إلقاء نظرة سريعة على التصاميم المتنوّعة بخطوطها وموادها وألوانها وتركيباتها وأيضاً دقّة وظائفها. وإذا كانت المهمّات التي يؤدّيها المكتب المنزلي لا تختلف اليوم كثيراً عن المهمّات التي يؤدّيها المكتب في العمل فإن فوارق أساسية تميز بين الإثنين، ليس في الشكل أو الوظائف أو التصاميم فقط، ولكن في الجو العام الذي نسمّيه بيئة عمل.
فهذه البيئة لأنها جزء من المنزل، لا بدّ لها من أن تنسجم معه وتتآلف مع بقية أجزائه، ليس فقط من أجل المشهد الجمالي ولكن إضافة إليه، من أجل توفير الشعور بالراحة في مكان هو في الأساس مقصد لها.
ومن أجل ذلك يجب أن تكون غرفة المكتب المنزلي متسقة مع بقية غرف المنزل وأركانه، حيث الألوان ومن حيث الأساليب والطرز. ومن خلال ذلك نعمل على التأكيد أننا لم نغادر المنزل ولم ننتقل الى مكان آخر، وهذا كفيل بأن يوفّر لنا الطمأنينة ويمنحنا شعوراً بالراحة مما يضاعف قدرتنا على العمل ويجعله أقرب الى المتعة منه الى الواجب أو الإلتزام.
أما ما هي أحدث الإتجاهات في تصميم المكاتب؟ وما هو أكثر رشاقة وجاذبية من مكتب بسيط أنيق، عملي وغير مربك في حجمه وتشكيله؟
إنه السؤال الذي تصدّى له مصمّمو الديزاين ليجعلوا المكتب في داخل المنزل، أكثر أناقة وأكفأ اداء، بأساليب تتناسب مع كل الميول والأذواق وكل الأوضاع والمساحات والمواقف.
ورفدت التقنيات الحديثة أشكال المكاتب برونق جديد، وساهمت في ابتكار تصاميم تلبّي كل المتطلّبات وحاجات جميع أفراد الأسرة، من أطفال وبالغين، ونساء ورجال.
كل الأنماط والأساليب الكلاسيكية والحديثة والمعاصرة، منفّذة بمواد نبيلة أو مواد إقتصادية عصرية، وبمروحة من الألوان الباردة والدافئة والتي يحمل بعضها طابعاً أنثوياً أو ذكورياً.
وبالعودة الى المفاهيم التقليدية، أو الإتجاهات الحديثة المتنوّعة، فإن المكتب - صغيراً أو كبيراً والمصمّم بروحية وخطوط بسيطة - يدعونا هنا الى اكتشاف أنماط من النماذج الأنيقة التصميم وبتقنيات بارعة، ماهرة، متفرّدة في خصائصها التي تبرز من خلالها قدرة المصمّمين على الإبداع، والتي تجلّت في مجموعات «روش بوبوا» و«هيلستا». فهما يقدّمان لنا مرة جديدة أجواء لطيفة ناعمة ببساطة ودقّة في التصميم، مما يساعد في تحويل ركن المكتب أو غرفته في المنزل الى مكان خيالي وسحري كامل.
خشب، معدن، وزجاج وبلكسي غلاس، بأشكال خفيفة متجدّدة تسمح بتوفير المساحة والإندماج في المكان بشكل عملي جميل، ربما في غرفة نوم ليحتل المكتب جانباً من الجدار أو ينفرد في جانب من غرفة أو يحتلّ مساحة بكاملها، معززاً بأكسسوارات أنيقة تكمل دوره الوظيفي والزخرفي.
واختيار طراز المكتب ينبغي أن يخضع لشروط محدّدة، مع الأنماط العديدة المتوافرة في السوق. هذه الشروط تمليها المعرفة الدقيقة بحاجاتنا، الوظيفية والجمالية. مع الأخذ بعين الإعتبار أن المكتب ليس مساحة منعزلة عن بقية مساحات المنزل.
وإذا كان البعض يميل في خياراته الى أنماط من المكاتب الباروكية الطراز والمنفذة من الخشب والمواد النبيلة، والتي تستلهم في تصميمها - وبكثير من الحنين- أجواء العصور الماضية، نجد البعض الآخر يميل الى التصاميم التي تتّسم بطابع البساطة والعصرنة، ويتصدّر هذه الفئة عنصر الشباب وذلك لما تمثّله من مظاهر المرونة والحداثة، فهي تلبّي بأشكالها البسيطة المدروسة وألوانها وموادها كل المتطلّبات، ولا يغيب عنّا ما أحدثه إستخدام الكمبيوتر من تغييرات جوهرية في مهمة المكتب، بحيث ألغي الكثير من أساليب الإستخدام القديمة. فهو لم يحرّر فقط المساحات في المكتب، بل جعلها أيضاً أكثر رحابة وقابلية لاستعمالات أخرى.
وقد واكب هذا الأمر ظهور المكاتب بهياكل قابلة للتعديل والتمدّد والإنكماش، وكذلك الإندماج مع عناصر أخرى مختلفة من رفوف أو خزائن. وهذه كلها تتوسّل مروّجة من المواد تتنقل بين الخشب والمعدن والجلد والزجاج وصولاً الى البلكسي غلاس والرزين. مواد طُوّعت لخدمة خطوط معاصرة وإنتاج أشكال حديثة.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024