شقة المصمم 'جان آلت' في برلين
يصعب وصف المشاعر التي تختلج في النفس عند الدخول الى شقة جان آلت، ذلك أن لهذا المكان روحاً تحوم في كل فضاءاته، في كل زواياه، وفي كل تفاصيله.
فهذا المصمم الشاب في مؤسسة " زويبريتر " الألمانية الراقية، يعرف تماماً كيف يحول الحنين الى شعور بالراحة والفرح.
ومن خلال معالجات ذكية وبسيطة، إستطاع جان آلت أن يجمع في شقته هذه البالغة مساحتها ٢٥٠ متراً مربعاً كل الدروس المستعادة، وأن يختصر كل المعاني التي أنجبتها سنوات السبعينات من القرن الماضي، ليؤسس مشهداً زخرفياً غابت عنه التفاصيل المركبة، دون أن تسيء الى التكوين الزخرفي المشتهى.
يعرف جان آلت كيف يلعب ورقة البساطة والرصانة والجاذبية. ويعرف أيضاً كيف يصون الأنسجام بين فضاءات المكان كلها، والتي يلعب كل منها دوره الوظيفي بالتمام متكاملا مع غيره من الأركان من حيث الأناقة والتناغم.
من المدخل تبدأ زيارة الشقة بسؤال عن هذه التشكيلة الغريبة من الأعمدة المعدنية المطلية باللون الأسود.
ويأتي الجواب معززاً الرؤية الجمالية لهذا المصمم الشاب الذي إختار هذه التشكيلة من الأعمدة التي تضفي جواً من الغموض الآسرعلى يناء حاجز يخفي خلفه تمديدات نظام التهوئة.
والواقع أن إسناد مهمة زخرفية -الى جانب مهمتها الوطيفية - لهذه التشكيلة من الأعمدة يحتاج الى جرأة لا يبررها سوى المشهد الكلي للمكان.
هكذا تواجهنا في الصالون مجموعة من المقاعد القديمة المستعملة التي اعاد جان آلت صياغتها وتنجيدها باقمشة ملونة وزينها باكسسوارات مثيرة من اغطية ووسائد ملونة مصنوعة باليد وبأسلوب حرفي بارع.
اجواء متنوعة يجمع بينها الديكور وابتكارات مختلفة منفذة من أقمشة الخيم والحرير إختار بعضها من مجموعات «زويبريتر».
والمكتب تحتله طاولة اجتماع كبيرة من تصميم «زويبريتز» تحيطها كراسٍ مستعادة من السبعينات تحمل علامة «كنول»، وقد توزعت فوق الأرضيات في كل مكان من اركان الشقة بعض قطع من السجاد المصاغ من جلد البقر.
فالطابع العملي والخفة يطبعان كل مكان في هذه الشقة التي تتناسق فيها مكعبات من الخشب وطنافس منجدة بالجلد الذهبي اللون مع وسائد من الكشمير.
وركن الطعام تحتله طاولة كبيرة من الخشب الفاتح صممت حسب الطلب مرفقة بمقعد خشبي طويل، وتدلى فوقها عنصر اضاءة مستدير الشكل كبير الحجم، مصنوع من الياف الزجاج من ابتكار بيرجان بوت. وقد اكدت هذه العناصر الزخرفية الجميلة هوية الديكور وفرادته.
و تحيط بالمائدة من الجانب الآخر مجموعة من الكراسي التي يحمل تصميمها طابع سنوات السبعينات، وقد عثر عليها صدفة في سوق الأنتيكة فأعيد توضيبها لتبدأ في اطار هذا الديكور حياة ثانية.
اراد جان الت تحقيق وحدة في هذه الشقة المصاغة بديكور عصري، فابتكر مطبخا رصيناً ومليئاً في الوقت نفسه بأثاث واكسسوارات حديثة. فهذا المطبخ الذي يقع بين الصالون والمكتب في شقة يحتل فيها الديزاين المكانة الأوسع. كان لابد من العمل على ايجاد اساليب التوافق والأنسجام بينه وبين فضاءات الشقة.
لذا عمد الى تنسيق بالكثير من العناصر المصنوعة من الأينوكس مثل الثلاجة الأميركية كما استعان بعدد من الخزائن المنفذة من الخشب المضغوط والمطلي باللون الناشف والتي جمعت كلها في اطار يجانب الجدار.
كما ألبست ارضية المطبخ مربعات من الأسمنت الرمادي المغطى بطبقة من الرزين، اللامع الخفيف والذي اضفى على مظهر الأرضية رونقا جميلاً.
ومنح اختيار اللون الرمادي الفاتح للأرضية والأينوكس والخشب الأبيض الناشف المطبخ حضورا ناعما، يذوب في المشهد الديكوري العام.
من جهتها، تفيض غرفة النوم بتذكارات السفر التي جمعت في رف خزانة منخفضة قديمة، مع إضاءة مدروسة تبرز جمالية المعروضات باناقة تامة. بينما استخدمت للسرير أغطية تحمل توقيع " زويبريتز".
الحمامات في الشقة مفصولة بالواح من الزجاج الأبيض الرملي المؤطر بالألومينوم المصقول، وكذلك الأبواب.
اما المغاسل فمصنوعة من الرخام المستعاد برفوف مع رفوف من الخشب «الوينغي».
ودرة هذه الشقة، هي التراس الكبير الملحق بها. فقد غطيت ارضه بالواح من الخشب، ونسق بجلسات لطيفة وسط النباتات الطبيعية، وقد زين بعضها بوسائد من جلد الخراف. بينما تسللت الى اجواء الجلسة بعض المقاعد الصغيرة باشكالها البيضوية، وهي من تصميم هنغاري يعود تاريخها الى عام ١٩٦٨. وتوسطت بعض هذه الجلسات مناضد مبتكرة مصنوعة من جذوع شجر البلوط، يزينها شريط من الصفيح المتعرج.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024