ألوان بيوتنا
الألوان لغة. يقول البعض إنها أقرب ما تكون إلى الموسيقى، فهي لغة عالمية. لغة تفهمها الشعوب كافة وتعبّر عن فرح وحبّ كما تعبّر عن حزن وألم وغياب. ولأن الطبيعة نفسها هي المتحدث الأكبر بهذه اللغة، يقولون إنها لغة كونية.
ولكن موضوعنا هنا ليس عن الألوان كعلم، أو تاريخ. بل عن الألوان وجمالياتها، تقديماتها وأثرها في حياتنا اليومية، وفي المنزل على وجه الخصوص. إختيار ألوان المنزل ليس مسألة هامشية، بل على العكس. هو يفصح عن ذوقنا، عن أسلوبنا في الحياة، وأيضاً عن مزاجنا.
والألوان في المنزل هي التي:
١- تحدد المساحات.
٢- تؤثر على شعورنا بالرفاهية.
الألوان والمساحات
بداية اللون يولّد المنظور، يؤثر على الطول والعرض والارتفاع والعمق. بمعنى أدق يؤثر على الحجم، حجم الغرفة. ومن هنا، ينبغي عند اختيار الألوان لغرفة ما أن نأخذ في الاعتبار مجموعة عوامل مختلفة تتيح لنا نتيجة رائعة: المقاس، الشكل، التوجيه، والاستخدام.
المقاس
وهو ابعاد الغرفة، طولها وعرضها وارتفاع السقف والعمق. وبإستخدام الأل ¤ وان يتاح لنا اعطاء الانطباع بإتساعها اذا كانت ضيقة، عبر استخدام ألوان ناصعة، أو اللون الأبيض، واعطاء الانطباع المعاكس اذا تم إستخدام الألوان الداكنة أو الألوان الحارة.
الشكل
هل هو مربع، أم مستطيل، أم ثمة شكل هندسي خاص؟ وهنا يأتي دور الألوان في تحديد الشكل ومنحه معطيات بصرية تناسب تصوراتنا للديكور. فإذا ما كانت الغرفة مثلاً مستطيلة بشكل مبالغ فيه، يمكننا استخدام لونين - مثلا - للجدران المتقابلة. أو اذا كانت غرفة بأكثر من أربعة جدران حيث يمكننا استخدام أكثر من لونين. وإذا كانت مستديرة، فيمكن إستخدام لونين بشكل افقي.
التوجيه
هل تقع الغرفة في الجهة الشمالية أم في الجهة الجنوبية؟ فإذا ما كانت في الجهة الشمالية -مثلاً - حيث الاحساس بالبرد أكثر شدة، سيكون من المناسب استخدام الألوان الحارة (الأحمر والأصفر ومتغيراتهما) وإذا ما كانت في الجهة الشرقية، فيفضل عندئذ استخدام ألوان منعشة ولطيفة (الأصفر الشاحب، أو اللون العاجي، أو لون قشرة البيض) وفي الجنوب والغرب، يفضل إستخدام الألوان باردة طازجة (مثل الأخضر أو الأزرق).
الاستخدام
هل هي صالون، غرفة نوم، غرفة طعام أم غرفة أطفال أم مكتب؟ وعلى أساس الاستخدام يمكننا اختيار الألوان المناسبة، فإذا كانت غرفة مكتب يفضل إستخدام ألوان حيادية (اللون الرمادي أو واحد من تدرجاته)، بينما لغرفة الطفل سيكون من المناسب استخدام ألوان أولية، ويفضل أن تكون من لوحة «الباستيل » لهذه الألوان لكي لا تبدو صادمة، وتقترب من أجواء الروك. اختيار الألوان مع الأخذ في الأعتبار لهذه العوامل، يساعد ليس في حل المشكلات التزيينية فقط، وإنما يساعد في «إستثمار » الغرفة على أفضل وجه. وما ينطبق على الغرفة الواحدة، ينطبق على البيت كله. بمعنى أن ألوان الغرف هي التي تشكل العائلة اللونية لمنازلنا.
وحين نتحدث عن عائلة لونية، فإن ذلك يعني وجود مجموعة من العائلات اللونية التي تم تصنيفها، لأسباب جمالية وأسباب عملية. فهي من الناحية الجمالية توفرالتناسق والتوازن والانسجام بين مساحات المنزل، عناصره ومحتوياته. ومن الناحية العملية تسهل عملية الاختيار تبعاً للذوق والمزاج والوظيفة أوالضرورة. وعلى هذا الأساس يمكننا ملاحظة هذا التصنيف على الشكل التالي:
الألوان المنعشة، الألوان الحية، الألوان الدافئة، الألوان الهادئة. ويشمل هذا التصنيف لوحة ألوان لكل صنف بتشكيلات غير محدودة. تلبي كل المقاسات والأشكال والتوجهات والاستخدامات.
الألوان وشعورنا بالرفاهية
الشعور بالرفاهية واحد من الأهداف الرئيسية للهندسة الداخلية (الديكور). ولأن المسألة تتعلق بالشعور، فإنها بالتأكيد تتفاوت من فرد لآخر، حتى بين أفراد العائلة الواحدة. هذا من جانب، ومن جانب آخر فهي لا تعني بشكل مطلق التكلفة المادية. إن بعض القواسم المشتركة في النظر الى الرفاهية تتيح لنا تحديد ملامح عامة لمفهومها. ولو كان غير نهائي. فالرفاهية، في المقام الأول هي بيئة داخلية، وهذه البيئة تشكلها عناصر عديدة، المساحة، الشكل، الأثاث، الإضاءة. وتأتي الألوان في رأس قائمة هذه العناصر. ذلك أن دورها على علاقة بكل هذه العناصر، ومن إتفاق هذه العناصر مع الذوق والمزاج واسلوب الحياة، تبدأ ملامح الرفاهية في تأكيد مفهومها.
إن انسيابية الحركة في المنزل، ووجود مساحات مناسبة لأنشطة ساكنيه، ووجود أثاث مريح عند الاستخدام، كلها عناصر رفاهية، ولكن توافر هذه العناصر ليس كافياً بذاته لتوليد الرفاهية. فمن دون الاهتمام بالألوان، قد تتحول الى معوقات لتوليد بيئة رفاهية. ذلك أن هذه العناصر هي في حقيقتها عناصر مادية -وبصرف النظر عن أسعارها- يبقى دورها محدوداً في مسألة تتعلق بالمشاعر.
وهنا يأتي دور الألوان الحاسم في تفعيل هذه العناصر ووضعها في الاطار المؤثر ومنحها قيمها الحقيقية.
ومن أجل فهم أهمية الدور الذي تلعبه الألوان في تأثيرها على مشاعرنا، سيكون من المفيد الالمام ببعض المعارف حول الألوان وذلك على الشكل التالي:
الألوان الباردة
لهذه الألوان خاصية «المسِكن»
الأزرق
لون الحدس، الهدوء والاستقرار. في المنزل، هو يشيع السكينة، وراحة البال، ويساعد على تبديد الأرق والعصبية والتوتر. فهو يخفض ضغط الدورة الدموية. وبصورة عامة فإن اللون الأزرق هو اللون الأقل اثارة لردود الفعل والمشاعر.
التركواز
لون مريح، منعش ومهديء، مناسب للأعصاب. الأخضر، يمثل الكرم، التفاهم والاستلهام، إنه لون مريح للعين، يدعو الى التوازن والاعتدال. ولكنه أيضاً يمكن أن يؤثر على التردد في إتخاذ القرارات.
البنفسجي
مهدىء للجسم، لون الوضوح والتوازن، يدعو إلى التأمل.
الألوان الحارة
ملازمة للدفء، للياقة، للمتعة والطاقة.
الأحمر
لون الشجاعة والرغبة والحب والخطر أيضاً. يسرّع إيقاع القلب. ويفعّل الأنشطة. مكثف، ويمكن أن يكون صعب الاحتمال ومتعباً.
البرتقالي
يعدل المزاج، مناسب للاسترحاء وممتع. لون بفعل الأنشطة الابداعية.
الأصفر
يمكن إعتباره أفضل الألوان للأنشطة الثقافية والفكرية.
ألوان لا لون لها
الأسود هو إنعدام اللون. يكثف المشاعر ويمتص الضوء: هو لون يسبب الضيق. الأبيض هو الاضاءة القصوى. على المستوى الكيميائي، فإنه لا يوجد لون أبيض كامل، بل مجموعة كبيرة من متغيراته. وهو لون النقاء، ينظف ويعكس الضوء.
الأبيض النقي، يمنح إنطباعاً قوياً بالوضوح، يتطلب إضاءة مدروسة بشكل جيد، وذلك لكي لا يخدش العين. الرمادي، يتنتقل من أقصى لأقصى، هو لون مريح لا يثير مشاعر قوية. يؤسس لبيئة مثالية للأفكار. يشجع على الحشرية، التفكير والتخيل (مثالي لفضاءات العمل، مكاتب ومحترفات وبالطبع لغرف المكتبات المنزلية).
وبالطبع، فإن ألوان الغرف، ستشكل الفضاء اللوني لعناصر الأثاث وقطعه وأكسسواراته، وبالتالي يستتيع هذا الأمر الدقة في إختيار ألوان الأثاث والاكسسوارات وعلى الأخص الأقمشة التي سوف تأتي العنصر الأبرز في الاختيارات اللونية، والتي ستعمل على ربط مجمل عناصر الديكور بوحدات لونية تؤمن التناسق والانسجام وربما التباين والتضاد.
وتتوقف العملية في مجملها على التصور المسبق للبيئة الزخرفية المطلوبة، والتي لا بد وأن تتسق مع مزاج سكان المنزل.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024