تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

إقتراحات جاهزة لمزاج المكان

فيما يتكوم الناس في المدن الكبيرة في شقق  بمساحات صغيرة أحياناً، تبدو الحاجة ملحة أكثر لفضاءات معيشة أرحب، تنتظم داخلها حياتهم براحة ورفاهية.
مع العلم أنه ليس من المؤكد أن تكون المساحات الصغيرة أقلّ جاذبية من المساحات الكبيرة.
فالضيق والاتساع مفهومان يخضعان في الأساس لعملية التنظيم والتنسيق، وليس بالضرورة التفكير في أن المساحات الصغيرة غير قابلة لذلك.
فتنسيق المساحة صغيرة كانت أم كبيرة يتطلب تفكيراً وتخطيطاً مكانياً لإعطائها بعداً جميلاً وتأثيراً حميماً.

ربما يرى البعض في ذلك الكثير من الصعوبة وتبدو له الحلول بعيدة المنال، ولكن الزخرفة الداخلية أوجدت العديد منها، عبر معالجة المساحة بأساليب مختلفة من التنسيق للإستفادة والى أبعد حدود من كل سنتيمتر، محولة  في بعض الأحيان العيوب الهندسية الموجودة الى ميزة خاصة وربما حلّ لبعض المشاكل الجمالية.

والمهم أنها حلول غير مكلفة، لإيجاد شعور بإتساع المكان أو الحدّ من إنفلات بعض أركانه، بأسلوب منطقي جميل وعملي.

فمن الممكن توسيع فضاء ما بإحداث بعض التغييرات الجذرية في المساحة الداخلية، وذلك بهدم بعض الجدران الفاصلة للسماح للنور بالدخول الى المكان مع استخدام المواد والألوان والأثاث المناسبة، من أجل توفير تأثير بصري يكتسب أهمية أكبر في المساحات الصغيرة.

غير أن المسألة الأساسية تبقى في تحقيق أقصى درجات الراحة والعملية، وأيضاً لا بد من الأخذ بالحسبان مسألة التكاليف التي قد تبدو واحدة من العقبات التي تواجه إجراء تغييرات جذرية، وتتعقد المسألة أكثر حين تبرز بعض العقبات القانونية أيضاً.

لذا لا بد من البحث عن الحلول المنشودة في إطار التقديمات التي تطرحها عناصر الزخرفة الداخلية وفي مقدمتها تأتي الحواجز المتحركة. فهذه تقدم من ناحية خيارات عديدة، من حيث الأشكال والألوان والمواد وأيضاً الأسعار. ومن ناحية ثانية توفر الكثير من الوقت وتؤمن النتائج المرجوة.

ومثل هذه الحواجز، يمكن أن تؤمن تنظيماً جديداً للمساحة، وتحقق التوازن المطلوب بين الفضاء الهندسي وقطع الأثاث المرغوبة. وهي بالإضافة الى دورها الوظيفي، تلعب دوراً جمالياً لا يمكن إهماله.

ومن الميزات التي توفرها هذه الحواجز، أنها تبقي التأثير البصري باتساع المساحة، حيث أنها في الغالب تكون متوسطة الارتفاع، مما يسمح للضوء بالدخول دون أي عوائق. وهي بالتأكيد تشكل حدوداً فاصلة بين مساحة وأخرى أو ركن وركن آخر، ولكنها ليست مثل الجدران على أية حال.

ومن المميزات الأخرى لهذه الحواجز، أنها متحركة، وهي من هذا المنظور طيعة، تسمح أولاً بإعادة ترتيب المساحة وبشكل شبه دوري، وخاصة للذين يحبون التغيير الدائم، ومن جهة ثانية تمكن من إستثمار باقي المساحات في حال الضرورات الموقتة مثل مناسبات الاستقبال أو الأعياد.

وفي بداية ظهورها. كانت هذه الحواجز تنحصر في شكل برافانات يقتصر حضورها على غرف النوم. ثم توسع استخدامها لتدخل الصالونات. ولكنها في جميع مراحلها السابقة كانت تعتبر كقطعة زخرفية الهدف الأول منها إضافة لمسات جمالية إلى المكان، من دون التعامل معها كقطعة لها وظائف وأدوار.

ومع تنوع أساليب الديكور وطرزه، وتغير أنماط الحياة، ودخول عناصر جديدة وكثيرة على مفهوم الزخرفة الداخلية، وأيضاً متطلبات الحياة المعاصرة، إنضمت هذه البرافانات الى قافلة المبتكرات الحديثة للحواجز المتحركة وأصبحت تشكّل حلولاً جمالية ووظيفية لمشاكل المساحة وقيود الأمكنة...


ولعلّ التعامل معها على هذا الأساس، أتاح لمخيلة المصصمين إبتكار نماذج رائعة تلبّي كل الأذواق، وتستجيب لكل المتطلبات والرغبات، وتجعل من المكان الواحد قابلاً لصيغ متعدّدة من دون أن تفقده خصائصه الأصلية.

ويلعب نوع من أنواع المعالجات الزخرفية دوراً جذاباً في مكانه المناسب، فالحواجز المعدنية المفرغة الجميلة الأشكال قادرة على تحديد المساحة برونق أكيد دون أن يخسر أي جزء منها من خصائصه أو يفقد حميميته أو تسلل النور إليها، كما أن الستائر على أنواعها وأشكالها تعتبر واحدة من الحواجز الزخرفية القادرة على تحديد الفضاء أو إلغاء حدوده بلمسة واحدة دون أن تفقده شيئاً من مساحته، بل أنها بتعدّد طرزها وألوانها تساهم في لعب ورقة التميّز وتوفير أجواء لطيفة ناعمة.

كما أن بعض الحواجز الزخرفية المصنوعة من الأقمشة والنسيج المخرم والسيراميك والبلاستيك الشفاف والمعدن الرقيق، إضافة الى البارافانات الآسيوية ذات الطابع الزخرفي المميز أوالحديث، والمكتبات المفرغة الظهر، كل واحدة منها تقترح أنماطاً متنوعة من أساليب الزخرفة والتنسيق، وتحدث تغييراً في المكان وتمنحه هوية خاصة بطابع متكلف أنيق أو حديث بسيط أو رومانسي حالم.


هذا يعبر دائماً عن رغبة شخصية وضرورة زخرفية يفرضها واقع المكان ومحتوياته وأسلوب عيش أصحابه.

والنجاح في كل ذلك يكمن في التوفيق بين الأحجام وتحقيق التوازن بين كتل الفراغ والكتل الممتلئة، الأحجام الثقيلة والخفيفة، بين لعبة التماثل أو عدمه، وهذا فن أساسي. وعندها يمكن ترك تلك الحواجز المتحركة تلعب دورها الزخرفي بأناقة وفاعلية.

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080