الجدران
الجدران ليست مجرد إطار للزخرفة، ولكنها عناصر حيوية في المشهد الداخلي. وعليها تتوقف صياغة الجو العام للمنزل أو الشقة، فتملأ الفضاء بهجة أو إثارة، وتعكس على صفحاتها ميول سكان المكان وأمزجتهم.
وهي بالإضافة الى كونها حدوداً صلبة، عازلة بين المساحات وراسمة لحدودها ووظائفها، فإنها تتداخل بشكل كبير مع أساليب الديكور وترفدها بخلفيات داعمة لتأصيل هويتها.
مع تعدد الأساليب والطرز، تتعدد أوجه الجدران وتكتسب زينتها. فمن فنون «البوب آرت» أو رومانسية الأزهار، مروراً بالأساليب التقليدية الكلاسيكية الى الحديثة المرحة أو الغريبة الصادمة، تتسع دوائر مجال الإبتكار.
لكن اختيار الفكرة المناسبة يضمن نوعاً معيناً من «الشياكة» يقتضي تنفيذها دقة واعتدالاً لكي يكتسب المكان خصوصية وتأثيره الجميل. والزينة قد لا تكون ثابتة وقتاً طويلاً، بل متغيرة تتبدّل حسب المزاج ومسارات الفصول بسهولة تامة.
وهي قد تبدأ بزينة جدار واحد تتوزع فوقه تشكيلات من العناصر والمواد المتناسقة. والخيار بينها يخضع دائماً لرغبات وأساليب حياة ورؤية خاصة لمعنى الأناقة والرفاهية، فهذه الرؤية هي الأرضية الخصبة المنتجة للإبداع والأجواء الجديدة.
مزيج من الألوان الأساسية أو الحيوية الصاخبة، تلعب ورقة التناغم أو التناقض بانسجام تام، فتثير بحضورها جواً فورياً من الإبتهاج والتفاؤل.
الأقمشة، أوراق الجدران، الحصى، الخشب، المرايا والمعادن أو تلك الظلال التي تسقطها تقنيات حديثة فتخلق أجواء سوريالية باهرة، غير معقولة.
كيف يمكن تغيير المشهد الزخرفي للجدران وبأي مواصفات وخطط أكيدة؟
سؤال يطرح نفسه في غمرة الأفكار والحلول الكثيرة التي تبدأ بإطلاق حرية الخيال والإبداع لإيجاد مما يولّد في المكان حيوية جديدة. فمن خلال استحضار أجواء مستمدّة من تيارات «البوب آرت» يمكن ابتداع أسلوب من الزخرفة، دون اعتدال.
أفكار تزينية، سهلة التنفيذ، وغير مكلفة، تحول وبسرعة أجواء المكان وتمهره بطابع الديكور المناسب، مثل ملصقات الجدران االمطبوعة على الورق أو البلاستيك الشفاف أو الفينيل، وهي من أسهل اساليب الزينة والتي يمكن تحديدها بزاوية من جدار أو ركن يفتقد الى الجاذبية. ويمكن استبدالها بسهولة أو تغيير مواضيع زينتها وألوانها، مع اختلاف الفصول وعند الشعور بالرغبة في التغيير.
فالخيارات هنا واسعة بمواضيعها المتنوعة المستلهمة من عالم الحيوان والنبات أو الباروكية الأنيقة والصادمة أحياناً، بألوان من الأبيض والأسود أو المعدنية اللامعة والفضية والنحاسية والتي يحتاج استعمالها في بعض الأجواء الى شيء من الجسارة.
فهذه الملصقات الجدراية، تلاقي اليوم رواجاً كبيراً لسهولة استعمالها، فهي لا تحتاج الى صمغ، بل يكفي نزع ورقة الحماية عنها وإلصاقها في المكان المناسب..
كما يأتي ورق الجدران كعنصر من عناصر الزينة، الغنية بالأشكال والألوان والرسوم الباهرة، بعضها آت من مواسم الصيف بباقات من الأزهار والورود، أو من حدائق مخيلة المبدعين مشحونة بالخطوط والأشكال والصور.
والفن كل الفن هنا يكمن في أسلوب الموائمة بين الزينة والأثاث ومد روابط بينهما تساهم في رسم المشهد الزخرفي للمكان بأناقة مؤكدة.
وقد تدفع بعض ظروف المكان أو عيوب المساحة أو الهندسة المعمارية، للجوء الى استعمال وسيلة أخرى من الزينة القائمة على الرسم الجداري الخادع للنظر، والذي كان شائع الاستعمال في القرن الثامن عشر، ليعود
ويزدهر من جديد مكتسياً بزي العصر وروحه ومزاجه، فيتم عن طريق الرسم للتمويه الموقت أو الطويل، أو بأسلوب إسقاط منظر أو صورة أو ظل فوق الجدار بمناسبات وأوقات محدّدة.
ويأتي الطلاء أحياناً بتركيبات من الألوان الأساسية والحيوية الصاخبة، ليلعب ورقة التناقض والإنسجام، فارضاً بحضوره جواً فورياً مثيراً من التفاؤل والإبتهاج. تكمله بعض الأكسسوارات التي لها دور حاسم في اللعبة الزخرفية مثل البراويز واللوحات الفنية والصور الفوتوغرافية، على اختلاف أحجامها وطابعها، حديثاً كان أم قديماً، بسيطاً مجرد التفاصيل أو باروكياً مزخرفاً بالذهب، فهذا ما يسطر جو الديكور ويمنحه هويته.
ولا نستثني من حسابات الزينة، أهمية المرايا، هذا العنصر الأساسي في الديكور، الذي يلعب الكثير من الأدوار لتفعيل جمالياته، بقدرة عجيبة على اجتذاب الضوء ونشره في المكان برقّة ونعومة، كذلك مضاعفة الإحساس باتساع المساحة وإعطاء المكان بعداً جديداً.
تتآلف المرايا مع أساليب كثيرة من الديكور فتتصدر الجدارن فوق المدفأة أو تحتلّ مكانها فوق كونسول، أو جانباً من جدار لتكمل مشهداً من صيغة زخرفية مميزة.
أما الإنارة وعناصرها الزخرفية، فلها الكلمة الأخيرة في إنجاح الديكور وإبراز جمالياته بلطافة ودقّة في التوزيع والتركيز على بعض النقاط فيه لإبرازها وإعطائها ما تستحقّه من أهمية.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024