ديكور ساحر وتحف قديمة
منزل يعبق بالفنّ والجمال، يضجّ بالإبداع ويتلألأ بالتصاميم اللافتة. الأمر ليس غريباً على منزل فنان ذاع صيته حول العالم. سارولوتوركو الإيطالي الأصل انتقل منذ العام ١٩٩٠ للإقامة في تونس وتحديداً في ريف البلاد. الجولة ممتعة داخل هذا المنزل لكون مالكه مهندس ديكور ورساماً في آن واحد.
هذه المنطقة التونسية كانت قبل خمسة عقود نائية، إلى حين إختارها أعيان البلاد مركزاً للإصطياف. وأصبح هذا المكان مقصد الكتاب والشعراء والفنانين، نظراً للهدوء والطبيعة الغنّاء التي تحيط به. فسارولوتوركو يصمّم في هذا المكان لوحات رائعة ويستوحي من هدوئها تصاميمه الهندسية.
عنوان هذا المنزل مزيج من التصاميم العصرية والتونسية العريقة، فالهندسة العربية تستهوي سورولوتوركو وخصوصاً الأكسسوار الأثري الذي يعمل على إقتنائه وجمعه من خلال بحث دؤوب. فهذه القطع التي تناثرت بطريقة منسّقة في أرجاء المنزل، لها كلّها معنى خاص وتاريخ عريق.
الطرازان الغربي والشرقي يقيمان معاً تحت سقف واحد في إطار منسّق ومتوازن. فبعض الأبواب الداخلية بسيط التصميم باللون الأبيض، منها ما تداخل فيه الزجاج الملوّن بالأزرق والأخضر والأصفر وهو ما عكس ظلالاً زاهية طعّم بها بعض الصالونات ذات اللون الأبيض.
ولمزيد من الرومانسية الحالمة إنبعثت من الجص بخفر أنوار هادئة أستقرّت في أكثر من ركنٍ. كذلك أرسل الجص ثريات إنحدرت من السقف حاملة تراثاً ضارباً في القدم بألوان وأشكال إختلفت بين صالون وآخر، أجملها واحدة من الكريستال باللون الأخضر. ففي هذا الصالون توزّعت المقاعد من الخشب المنحوت، أحبّها المالك لما تمثّله من حرفة يدوية وأتى بها من البندقية كما بعض الأكسسوارات.
وهذا الركن مخصّص للمدفأة من الحجر الأبيض، تعلوها لوحة زيتية باللون البيج تجسّد مدخل أحد القصور العربية بقناطرها وحجرها. وعلى المدفأة إستلقت منحوتات من الحجر تجّسد وجوه نسوة طبعها الجمال العربي. كما أستخدمت أوانٍ من النحاس للزينة، لكنّ واحدة تعني للمالك كثيراً، تجسّد سمكة مذهّبة تجلب له الحظ.
ولأن التقليد الهندسي التونسي يقضي بتلبيس الجدران السيراميك، إرتدت بعض الجدران البيض في جزء منها أو كلّها السيراميك بألوانه العديدة، لا سيما في الجلسة ذات الدواوين العربية حيث وضعت الأرائك بقماشها التونسي على الأرض.
واستعيض لزخرفة الجدران في باقي الجلسات باللوحات الزيتية من تصميم المالك طبعاً والتي تجسّد في معظمها الحياة العربية. واللوحات الزيتية أخذت حصة وفيرة خصوصاً في الممرات، وقد وضعت جنباً الى جنب ليشكّل المنزل معرضاً دائماً للوحات المالك.
القطع الأثرية جمعها سورولوتوركو من حول العالم وخصوصاً العربية الطراز منها، أبرزها صحون مطعّمة بالعاج وفؤوس و خناجر مطعّمة بالأحجار الكريمة أعطاها قيمتها ووزّعها على طاولات من النحاس، ومنها ما علّقها على حائط خاص بها، كالصحون السوداء المطعّمة بالعاج وتحتها فازات بالنقشة ذاتها وضعت داخل قنطرة. صحيح أنّ الأكسسوارات غلب عليها الطابع الشرقي لكنّها تطعّمت في بعض الجلسات ببعض الأكسوارات الغربية خصوصاً في مصابيح في الصالون الأبيض الذي أتى بدوره مزيجاً من الشرقي والغربي، فهو بشكل ديوان ولكن من الجلد الأبيض، الذي إفترشته قطع من القماش العربي، كالسجاد الحرير. وقد قابلها على الأرض سجاد من الحرير الأحمر الداكن.
ولا بدّ من التوقف في هذا المنزل عند تصميم الحمام الذي إعتمد بالدرجة الأولى على حجارة السيراميك التي وضعت جنباً الى جنب لتشكّل لوحة واحدة متكاملة طغى عليه اللون البيج، وتطعّمت ببعض الرسوم لتكتمل اللوحة. وقمة الإبتكار هنا، في العمودين الرخاميين اللذين حددا حوض الإستحمام، وأضفيا ضخامة وأسلوباً جديداً في هندسة الحمامات.
لا مجال لمزيد من الكلام في حضرة الجمال والفخامة. ولا داعي للاسهاب في الشرح. هنا كلّ لوحة موسوعة قائمة بذاتها وكلّ زاوية عنوان للتفنّن والذوق. ولعلّ أروع ما يلاحظه الزائر أنّ هذه الدار تجمع إلى دفء الاستقبال متعة التأمل في لوحاتها بريشة مالكها.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024