تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

Renaiscience رفاهية العيش في حضور العلم

فنسان غريغوار فنان مرهف الحس واسع الإدراك والخيال، خبير في أجواء الموضة والديزاين. تتغير الأجواء من فضاء الى آخر في هذه الشقة حيث مظاهر الديكور تدور حول موضوع الطبيعة والعلوم Renaiscience.
لكن بمناخات تحمل الطابع ذاته حيث تتلاعب المواد والمظاهر الغريبة والأوهام في بعض الصياغات المستنسخة بشكل أمين من الرخام.
قد لا يتفق الجميع على الإعجاب بهذا الأسلوب الجديد من الديكور، لكن يصعب إهماله والمرور به دون توقف، بل دون تفاعل، سلبا أو إيجاباً.


نصف كهف، ونصف منزل، لعالم خيالي ونصف واقعي...

سينوغرافيا مدهشة، يحملنا فنسان غريغوار عبرها الى عوالم سحرية تتشارك فيها الأضواء و الظلال في لعبة غريبة، صادمة، محيّرة، ولكنها أيضاً فريدة.

فهل نحن إزاء قيم جمالية جديدة، مبتكرة؟ قيم لا تتلبس الأشياء ولكنها تبزع منها، من المواد والنقوش والتراكيب.
بل يمكن القول أيضاً إنها قيم تتوالد من مناخات وأجواء وتأثيرات تنتشر في المكان لتتوحد فيه، وتنثر في أرجائه الشفافية والألوان بحساسية ملحوظة، وببراعة لافتة.


Renaiscience

... ربما لا يشكل في أبعاده الزخرفية، تياراً مكتمل العناصر والشروط، ولكنه بالتأكيد يملك كل مقومات الخط الزخرفي المميز.

مناخات أبدع فنسان غريغوار بتنفيذها في شقة باريسية من أواخر القرن التاسع عشر، فجمع عناصر الأثاث والأكسسوارات البديعة الموقّعة بأسماء مصمّمين مبدعين، مولداً من تجاورها نمطاً من الأجواء الزخرفية غير المسبوقة، والتي لا يمكننا أمامها سوى إطلاق تعابير التعجب والإعجاب.

فنسان غريغوار فنان مرهف الحس واسع الإدراك والخيال، خبير في أجواء الموضة والديزاين، يرصد مناخاتهما ويسبق تياراتهما في رسم ملامحهما واتجاهاتهما المستقبلية. بل هو صياد ماهر للمواهب والأعمال الأبداعية ومستشار فني واستراتيجي لدى العديد من الماركات التي يزودها بما يكتشفه  من مبتكرات وما يتبناه من مشاريع طليعية  ناجحة.

ما يهمه هو المستقبل، لذا فهو يسعى دائما اليه من خلال الاهتمام بكل التقنيات الحديثة والمواد والمعادن التي تحمل الى حياة الناس كل ما هو إيجابي وجميل، ويساهم في تأمين الراحة ويؤمن الرفاهية.

لفت الانتباه هذا العام بصياغاته المثيرة للعديد من السينوغرافيات الطريفة الحية والتي تعيد رسم مناخات الديكور بأسلوب مستمد من أجواء المختبرات والخيال العلمي، وذلك للتعبير عن خط جديد في مجال الهندسة الزخرفية والديزاين يحمل اسم Renaiscience.

فنسان غريغوار يشرح رؤيته للأناقة والديكور ورفاهية العيش ليس من خلال العلاقة بالطبيعة فقط، ولكن من خلال حضور العلم وما يدور في رحاب الحاضر، من مغامرات خلاقة يتسيّدها العقل والمعرفة.
فهو يراقب ويحلّل ويشرح ويتعامل مع طبيعة الأشياء من وجوهها المختلفة، ليس بهدف معرفة تراكيبها ولكن للوصول الى ما يمكن أن توفره زخرفياً من عناية بالإنسان ورفاهيته. 

ينظر فنسان غريغوار الى التجارب التي تتم بواسطة انابيب الأختبار، نظرة خاصة فيها من الجمال والغرابة ما يثير الفضول.

فاندماج «قطرات» من المواد يولّد في لحظات عابرة مظاهر جمالية معقدة، ينشّط فيها قوة الحياة ويهيئها لولادة مكونات جديدة. ومن هنا نجد عالم فنسان غريغوار مشبعاً بتلك الرؤى، حيث الخيال يستفتي العلم لإنتاج خيال – علمي زخرفي، غريب وخاص جداً.

في المشهد، يلفت النظر تصميم لصالة مركزية تحتلّها طاولة كبيرة من الخشب الأسود المزين بسطح من الزجاج مرصع بدوائر مضلّعة من اللون الذهبي، وقد نُسق فوقها غرابان  مدعوان الى الوليمة.
ويتدلّى فوق الطاولة عنصر للإضاءة مصاغ من الزجاج المنفوخ، منفذ بأسلوب حرفي بالغ المهارة، يحمل اسم «نيوتن»، كتعبير عن التحدي  الذي يرفعه الأنسان في كل عمل ابداعي باختلاف موقعه حرفياً كان أو مهندساً.

ويعكس سطح الطاولة براعة في التصميم مع رغبة في خلق صدمة بصرية من خلال رموز للرفاهية والترف، تتجلّى في أطباق وأوانٍ من البورسلين الأبيض المزخرف وبشكل وهمي بكمية من حبيبات الكافيار هذا المنتج النادر والثمين، والذي بدا كأنه يطفو عند جانبي الإناء مما يثير وبشكل عفوي الرغبة بمد اليد والتقاطه باطراف الأصابع.

قد لا يتفق الجميع على الإعجاب بهذا الأسلوب الجديد من الديكور، لكن يصعب إهماله والمرور به دون توقف، بل دون تفاعل، سلبا أو إيجاباً.


إعجاب ودهشة

فهل يمكننا رؤية تلك الوسائد المتنوعة الأحجام والتي تزين بعض الجلسات، فتحمل إليها من خلال نقوشها وألوانها أجواء الفضاء والكواكب والنجوم، أو نغمة من ألوان قاع المحيطات وأجواء الجزر الإكزوتيكية البعيدة، هل يمكننا رؤيتها من دون أن تبدر منا مظاهر الإعجاب والدهشة؟

وكيف يمكننا أن لا نتوقف عند تصميم لجدار ملبس بورق مبتكر للجدران بنقوش متماوجة، تبدو كأن صورتها قد التقطت من قطار سريع قد مر في لحظة بارقة؟

وبروحية الأجواء ذاتها، نسجل حضوراً زخرفياً مكثفاً لحبيبات وهمية من الكافيار الذي لم يقتصر على تزيين الأكسسوارات وقطع الأثاث، بل انه إعتلى وببراعة جدراناً زينها أيضاً مع علب للتخزين متعددة الأحجام على شكل سلال ملبسة بالقماش، تبدو كأنها منحوتات تسللت على غفلة لتساهم وبأسلوب مثير للفضول في تظهير جمالياتها.

فوق الجدار نُسقت رفوف من اللون الأزرق، محمولة بواسطة اجنحة، وهي من المبتكرات الجديدة التي انتجتها ماركة «موستاش» وصُنعت من السيراميك الملبس بالمينا والتي يمنح مظهرها الإنطباع بأنها مصنوعة من رغوة الألوان...

تتغير الأجواء من فضاء الى آخر في هذه الشقة، لكن بمناخات تحمل الطابع ذاته حيث تتلاعب المواد والمظاهر الغريبة والأوهام في بعض الصياغات المستنسخة بشكل أمين من الرخام، بألوان تقارب ألوانه الطبيعية.
كما تبرز عناصر مدهشة من جذوع الخشب الملبس بدانتيل من السيليكون، بصياغة مثيرة للإعجاب بدقة تفاصيلها وملمسها الناعم.

ويلفت الأنظار في هذا الفضاء، ركن للجلوس تتقاسمه منضدة صغيرة نسّق سطحها ببعض الشمعدانات بلون مائل الى الفضي، ومنفضة عملاقة للجيب بتصميم طريف من اللون الأصفر المائل الى الأخضر.
وهي تتميز مع غيرها من الأكسسوارات بخطوط سلسة واستدارات ناعمة، إضافة الى الأشكال المستطيلة التي تفيض بها أجواء الشقة.

وقرب المنضدة، مقعد كلاسيكي مريح ملبس بقماش من الصوف الرمادي، تزينه وسائد طريفة ملونة ومزخرفة بموتيفات من حبيبات الكافيار بألوان متدرجة.

فهذا الكافيار حاضر دائما وفي كل ركن  نجده وبكمية مذهلة يغطي مقعداً ومسنداً للقدمين، فيوحي مظهره بأنه حقيقي.

جماليات أخرى نادرة، يستحضرها الديكور ملمحاً الى طبيعة أعماق البحار وكل ما تحويه من كنوز وكائنات حية، تجسدها مجموعة من الأواني الكبيرة الحجم والمصاغة على شكل اصداف اللؤلؤ، يتماوج بريقها بسحر بارع يشبه في تأثيره مظهر الأصداف الطبيعية، ويتكامل كل ذلك مع نماذج أخرى من المزهريات والأوشحة الملونة وسطوح طاولات القهوة، المصممة من وحي عالم البحر لتستعير في الكثير من مظاهرها وألوانها أجواء عالمه وألوانه.

تنقّلنا في فضاءات الشقة يكشف لنا المزيد من التصاميم المثيرة والأشكال الغريبة والمناخات الصادمة، ملامح لعالم يحاول فنسان غريغوار رسمه بشكل مختصر من خلال مزيد ومزيد من الأكسسوارات التي تستعير أشكالها من الثعابين وقناديل البحر أو نقتفي آثارها مثل العناكب من خلال ماتحيكه من خيوط حول بعض الأكسسوارات المنزلية وخصوصاً أعمدة الإضاءة. وقد اختار فنسان اللون الأرجواني الداكن كخلفية للديكور في بعض الفضاءات، لتكثيف الغموض وتظهير بعض رموز الموضوع وقيمها الجمالية.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079