بين فرنسا وإيطاليا...
لا تزال مدينة الأنوار باريس تحتفظ بسحرها لإجازة صيفية لا تُمحى ذكراها، تدخل زائرها في متاهة نمط حياتها بعفوية، ليجد نفسه يتقمص أدوار سكّانها ويطيب له أن يتبع طقوسها.
ونمط الحياة الباريسية قد ينسي الواحد منّا أنها وجهة سياحية رائعة لكل أفراد العائلة.
فالمدينة لم تخسر يومًا معناها الخيالي، واكتشاف تفاصيل جديدة من باريس مع الأبناء يشحن ذاكرتهم بصور جميلة لمدينة تعرف كيف تشغل حواس زائريها بغض النظر عن سنهم.
صحيح أن ديزني لاند الباريسية لا يمكن تفويت زيارتها وتمضية يوم رائع فيها وسط عالم ديزني الساحر بشخصياته وألعابه، لكن في باريس أماكن أخرى تنافسه روعة.
فالإجازة العائلية في باريس لا تكتمل من دون زيارة متنزهات المدينة، مثل متنزه لوكسمبورغ ومتنزه القرميد Jardin des Tuileries اللذين يرحبان بالأطفال.
إذ في كلا المتنزهين يوجد مواقع للمراكب الصغيرة التي يمكن للزائرين استئجارها ودفعها في الينابيع المركزية، وتتطلب المراكب أن يكون صاحبها سريعًا في دفعها ليصل إلى الجهة الأخرى من الينبوع مما يجعل الأطفال من كل الأعمار وحتى الراشدين الذين يحتفظون ببعض طفولتهم يعيشون وقتًا من المغامرات الطريفة.
كما يوجد في المتنزّهين جناح لألعاب الملاهي لا سيّما مضمار الخيل الدوّار.
ففي متنزه القرميد يعود مضمار الخيل إلى القرن التاسع عشر ويوفر خيولاً ملونة بألوان زاهية ترافقها الموسيقى التقليدية للمضمار.
أما في متنزه لوكسمبورغ فيحاول الأطفال التقاط الحلقات المعلّقة بواسطة العصي وهم يركبون مجسّمات الخيل الدوّارة.
ومن نشاطات المتنزهات البدنية إلى مسرح الدمى الباريسي غينيولGuignol الشهير.
فمشاهدة المسرح بشخصياته الطريفة وألوانه الزاهية تتخطى اللغة لتدخل إلى قلوب الأطفال المشاهدين الفرح فتتعالى ضحكاتهم من دون توقف.
ويقدّم هذا المسرح عروضه في معظم متنزّهات باريس.
وبعد المسرح لا بد من وجبة خفيفة، وليس أفضل من الكريب الباريسية.
لذا الإستراحة في أحد مطاعم الكريب تمثل لحظة من الإسترخاء حيث يراقب الأبناء كيفية تحضير الكريب.
وينتهي النهار الباريسي بتجربة 4roues sous 1 parapluie أي أربع عجلات تحت المظلّة.
وركوب سيارة سيتروان 2cv التي يمكن الاستغناء عن سقفها، حينها يعيش الأبناء تجربة التجوال بسيارة لا تتعدى سرعتها ال50 كلم والاستمتاع ببانوراما باريس المحتشدة معالم تاريخية يغلّفها عالم باريس العصري.
البندقية مغامرة ترميك وسط عالم لا يأبه لتأرجح الماء
عندما نذكر البندقية نستحضر صور الغوندول وهو ينساب بين الأروقة المائية لمدينة تهمس أبنيتها العتيقة بمغامرات كازانوفا أشهر عشاق التاريخ.
ولايختلف اثنان على أن هندسة البندقية المدنية فيها من الروعة ما يجعل اكتشاف أزقتها الضيّقة الملاصقة للماء مغامرة ترميك وسط عالم لا يأبه لتأرجح المياه الراقدة تحته مثل ساحة سان ماركو الرئيسية التي يغط فيها الحمام ويتبختر، وجسر دل أكاديميا Dell Accademia المعلّق فوق القناة الكبرى.
وفي إمكان العائلة الزائرة ركوب الحافلة المائية للإبحار نحو جزيرة مورانو المشهورة بحرفة نفخ الزجاج. فيدخل الأبناء في عالم إيطالي يضج بالفن والثقافة والتاريخ والإبتكار.
روما وفلورنسا مدينتان تستقبلان العائلة على طريقتهما
روما وفلورنسا مدينتان إيطاليتان لا يمكن تفويت زيارتهما.
فكلاهما اشتهرت بجمالها المتجسد بروائع فن عصر النهضة المحتشد في كل زاوية من زوايا هاتين المدينتين.
تمنحك روما شعورًا غريبًا يجعلك لا تشعر بالتعب اثناء التجوال فيها، بل تتمنى لو أن تستعير من الوقت وقتًا حتى ترى كل ما تخفيه هذه المدينة من كنوز، فكل يوم تفاجئك بمعلم تحفة معمارية مثل الكولوسيوم وكاتدرائية بطرس.
أما فلورنسا فكل حكايات عصر النهضة تجسدت فيها تحفًا معمارية يعجز الخيال العصري عن تصور تفاصيل ابتكارها، فأعمال مايكل أنجلو وبوتشيلي تطغى على المدينة، وما عليك سوى تسلّق قمة قصر بيتي Palazzo Pitti أحد أكبر قصور المدينة للإستمتاع بمشهد عز نظيره، أو التوجه إلى جسر بونتو فيكيو Ponto Vecchio وارمِ مفتاحًا في نهر أرنو، فبحسب الأسطورة أن الحب يدوم إلى الأبد إذا رميت مفتاحًا في هذا النهر.
أما في روما فمن الضروري تذوق «الجيلاتي» أي الآيس كريم.
اللافت في المدن الإيطالية ترحيبها بالأطفال واحترام حقوقهم، ففي فلورنسا هناك ممرات خاصة بالأمهات اللواتي يجررن عربات أطفالهن، وفي المطاعم المغلقة والمفتوحة يمنع التدخين لحماية الأطفال الذين يرتادونها مع أهاليهم.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024