ميلانو عروس التاريخ...
من قال إنّ الجمع بين العمل والمتعة غير جائز فهو مخطئ. هذا ما برهنته مجموعة بولغاري Bvlgari الراقية، عندما نظّمت، على هامش زيارة العمل التي دعت إليها الصحافيين لإطلاق مجموعتها الجديدة من النظّارات والتي ستكون مفاجأة في هذا المجال، رحلة استكشافية سياحية في المدينة التي تنضح تاريخاً وفناً وجمالاً، ميلانو.
على الرغم من صيتها الذائع في مجال الأزياء والتسوّق، وعلى الرغم من انها العاصمة الاقتصادية والتجارية والمالية لإيطاليا، فلإستكشاف التاريخ الروماني الغني والغوص في الحضارة التي أثرت العالم نكهة خاصة تعبق بين شوارع ميلانو وأزقتها الضيقة المرصوفة بالحجارة، حيث تتنافس الصروح والقصور والمباني على إبراز إبداع الفن المعماري لعصر النهضة.
والمميز في مواقعها الاثرية انها تنتمي إلى فترات مختلفة بعضها يعود الى ما قبل الميلاد. في الوقت نفسه تنبض هذه المدينة بالحياة العصرية. انها عروس التاريخ التي تزداد شباباّ يوماً بعد يوم رغم أنف الزمان.
محطتنا الاولى كانت كاتدرائية الدومو The Duomo Cathedral
من أهم المعالم التاريخية في ميلانو، بدأ بناؤها عام 1386 مع الدوق فيسكونتي ولم ينته الا بعد خمسة قرون عندما وصل نابليون الى ميلانو وأنهى واجهة أكبر كاتدرائية في أوروبا.
يزين هذا المبنى المهيب، 3500 مجسّم ويعرف بأبوابه الخمسة البرونزية المشغولة على أيدي أهم الفنانين.
صُمّم بأسلوب قوطي، اختلط مع مرور الزمن بأساليب فنية منوّعة أعطته فرادته.
في الداخل يفصل بين ممراته الخمسة 52 عموداً تمثّل عدد أسابيع السنة. لكل نافذة ولوحة وتحفة فنية هنا قصة وتاريخ يحتاجان إلى عشرات الصفحات اذا ما استرسلت في سردها. عظمة التاريخ تتجسد امام ناظريك وتسلبك انفاسك وتشعرك بصغرك امام روعة جمالها ودقته.
غاليريا فيتوريو ايمانويلي Galleria Vittorio Emanuele II
هو الشارع-السوق الذي يسميه الميلانيون «غرفة الجلوس» تحبباً. تصطف فيه أهم المحلات والمطاعم ذات الهندسة الداخلية المميزة.
يشق الطريق بين« السكالا» و«الدومو» متظللا بسقف زجاجي يحمي من الامطار ولا يحجب النور، وأرضية تنبسط تحت 47 مترا من السقف وتشكل لوحة فنية مرصعة بأحجار الموزاييك التي تمثل رسوماً واشكالاً منوّعة.
أشهرها رسم الثور الذي يقصده السياح لوضع أسفل أقدامهم في حفرة في بطنه ومحاولة الدوران. فاذا استطاعوا إتمام دورة كاملة كان ذلك جالباً للحظ، بحسب أسطورة أهل ميلانو.
مسرح السكالا Alla Scala Theatro
مؤلف الأوبرا الشهيرة «عايدا» الموسيقي «جوزيبي فردي» أطلق سمفونيته «فالستاف» من السكالا.
فهذه الدار العريقة ساهمت في شهرة عدد من الموسيقيين والمغنين منذ تأسيسها عام 1778 الى ان دمرها الطيران الحربي عام 1943 خلال الحرب العالمية الثانية.
أعيد ترميمها لاحقاً لتنتهي إلى ما هي عليه اليوم من ضخامة وفخامة ومواكبة للتقنيات الحديثة. تتمتّع بتصميم هندسي فريد، كما غالبية مباني وسط المدينة. إذا كنتِ من محبيّ هذا الفن الراقي لا تفوّتي زيارة السكالا.
قصر سفورزيسكو Sforzesco Castello
أمر ببنائه «غاليتزو فيسكونتي»، أحد أفراد عائلة فيسكونتي الحاكمة في فترة ولايته أواخر القرن الرابع عشر. ثم أعطاه اسمه الدوق «سفورزيسكو» عندما كان حاكماً.
صمم هذا القصر بأسواره المهيبة ليكون حصناً ضد هجمات الاعداء في فترة الصراعات. يحمل في حناياه تاريخاً طويلاً، بدأً بالعائلات الإيطالية الحاكمة مروراً بالإحتلالات الفرنسي والاسباني والنمسوي.
دمّر مراتٍ عدّة ورمّم وتحوّل في النهاية الى متحف يحوي قطعاً فنيّة نادرة، كالسقف الذي خلّده ليوناردو دا فينشي برسومه الفذّة في «صالة البرج» sala delle asse بين عامي 1495 و1497.
والمنحوتة الأخيرة لمايكل انجلو Rondanini Pietà التي بدأ العمل عليها وهو في الثمانين، وكان المرض يمنعه من النوم فيسهر ساعات طويلة يعمل على منحوتته. إلاّأنّ المنية وافته قبل أن يتمكن من إتمام تحفته الفنية الرائعة.
أماكن تستحق الزيارة
كل ركن في المدينة يدعوك للإحتفال بعرس التاريخ والفن، كشارع via cappuccio وهو أحد أقدم الشوارع في المدينة.
يتميز بهندسة خارجية بسيطة تناقض التصميم الداخلي المبدع، المطعّم بتقنية fresco التي سادت في عصر النهضة، وهي تقنية دقيقة تقوم على تزيين الجدران والسقوف بالرسوم.
أما الكازا اوتشللي Casa Uccelli الذي يعني بيت العصافير، فتزينه القناطر وتتربع في وسطه حديقة فسيحة.
وللتنزه بين أرجائه سحر يعود بك الى زمن كانت فيه الطبقة الارستقراطية ترسل بناتها للترهب في هذا المكان، مما يسمح بتقسيم الارث على عدد أقل من الاولاد.
غزاه نابليون في القرن التاسع عشر واستفاد من خيراته وكنوزه لسنوات عدّة. اشتراه أخيراً أحد النبلاء الميلانيين وعاش فيه وهو لا يزال منزلاً خاصاً الى اليوم.
ولم لا نسرق الوقت للتمتع والتعرف على أكبر عدد ممكن من المواقع كقصر Palazzo Marino الذي بني عام 1558 ويحضن في ساحته تمثال فنان ميلانو الشهير ليوناردو دا فينشي.
وتمنحك زيارة الكنائس زاداً بصرياً تقتات به كلما شعرت بالحنين الى ميلانو بعد مغادرتها.
واللافت أنّ هذه المباني كانت تشيّد بضخامة وتزين بأرقى التحف وأثمنها، منها كنيسة «سانتا ماريا ديللا غراتزي» والتي بسبب عدم الحجز المسبق لم نتمكن من زيارتها لرؤية رائعة ليوناردو دا فيشي العشاء الاخير، وهي اللوحة التي يزورها يومياً مئات السيّاح لإلقاء نظرة، علما أنه من غير المسموح أن يتعدّى وقت الزيارة.
15 دقيقة. أما كنيسة «سان ساتيرو» التي عمل على تصميمها أحد أهم مهندسي تلك الفترة «برامانتي» فعند دخولها تشعر بالعمق تحت قنطرة تواجهك. ولكن ما إن تقترب حتى تلحظ أنّ التقنية التي استعملها بالحفر على الحائط، توهم بعمق غير موجود.
تتوسطها أيقونة للسيدة مريم تعود الى القرن الثاني ميلادي.
أما ما يميّز كنيسة «سان لورنزو» فهي الأعمدة الطاعنة التي تواجهها، وتعود إلى القرن الثالث ويقال انها استقدمت من الحمام الكبير الذي بناه الامبراطور ماكسيميان، ونقلت إلى أمام الكنيسة بعد الانتهاء من ترميمها في القرن السادس عشر.
وطالما انك في مدينة الموضة فلا تنسي أن تزوري المحلات وبيوت الماركات العالمية وخاصة «المحلّية» منها المنتشرة في عدد من شوارع المدينة كشوارع Via Della Spiga, Via Monté Napoli, Via St Andrea, Quadrilatro Doro ، فللتسوق في ميلانو نكهة خاصة، كما لو كنت تشربين المياه مباشرة من النبع.
انتهى التسوق، والتمتع بالفنون، والنهل من تاريخ ميلانو، وحان موعد العودة الى الفندق.
أوتيل بولغاري Bvlgari Hotel... بساطة مترفة
أي عنوان أفضل للإقامة في ميلانو؟ فالإسم وحده كفيل بتوفير جوّ من الرفاهية والفخامة والترف والأناقة. هذا كلّه يمتزج مع البساطة في التصميم والالفة في التعامل حتى لتشعري أنك أميرة مدللة في قصرها مع عائلتها.
على غرار تقيّد بولغاري بأفضل معايير النوعية وأكثرها دقّة وفخامة، إن في تصنيع المجوهرات والسّاعات أو الجلديّات والاكسوارات أو العطور ومستحضرات العناية بالبشرة، جاء افتتاح الفندق عام 2004 كصنع جوهرة ضخمة تتميز بالمواصفات العالية التي لا تتنازل عنها بولغاري منذ 127 عاماً، ولتدخل عالم الضيافة من بابه الواسع.
الديكور الخارجي والداخلي
يتمتع الفندق بموقع مميز في وسط المدينة. وينفرد بهندسة خارجية بسيطة يتربع على عرشها اللون الابيض مع نفحة معاصرة حيث يخترق البياض نوافذ يكحّلها الغرانيت الاسود وخشب السنديان المخضّب.
الجمال في البساطة
سوف تدركين ذلك منذ اللحظة الاولى. جمال المكان في بساطة ديكوره، وجمال موظفيه في بساطة تعاملهم. يلاقونك بالترحاب، يتمتعون بمهنية عالية وألفة في التعامل. مجموعة مؤلفة من حوالي 100 موظف تحت إشراف المدير العام أتيليو مارو تعمل كخليّة نحل لإرضاء النزيل.
الديكور الداخلي يتناسق مع الخارجي ، فما ان تبدأ باكتشاف التفاصيل، سيدهشك إبداع المهندس انطونيو شيتريو حيث لمعت مخيلته وفاضت جمالاً مترفاً ومعاصراً.
لقد أراده عملا متكاملا من الصالات والغرف الى الممرات والمطعم والسبا والحديقة والاثاث وحتى أصغر تفصيل. استعمل أفضل وأرقى المواد من الرخام الاسود الى خشب السنديان والساج وأفخم الاقمشة.
صممت أكثرية الغرف لتطّل على خضرة قل نظيرها في وسط المدينة، حديقة الاوتيل ، متعة النظر. الاسود والأبيض والبيج هي الألوان المعتمدة لاضفاء جوّ هادىء ومريح. جهزت كل غرفة بوسائل الاتصال العصرية وبخزانة فسيحة للملابس وطبعاً ماكينة الاسبرسو حاضرة تحتل أحد الرفوف. باب الغرف ضخم وثخين كأنه باب خارجي صمم كذلك لعزل الغرفة عن الخارج والغوص في سكينتها.
عمل شيتريو على التنسيق بين المواد النبيلة ومواءمتها. فتجد الرخام الاسود يفترش جدران الممرات جنباً الى جنب مع أجود انواع القماش المنجّد.
أما الحديقة فهي قلب الاوتيل النابض. هي الملاذ الذي تهرب اليه كلما سنحت لك الفرصة لتتمتع بمباهج الطبيعة.
توزعت فيها الشتل بطريقة منمّقة ومنسّقة، وجهّزت بمقاعد مريحة من البامبو الاسود، واضعين في الحسبان أنّ الجلسات فيها ستطول.
تستبين فيها لمسات فنان اجتهد في إبداع خطوط والوان لوحته. أما المطعم المقابل لها فتتذّوق فيه أشهى الاطباق المعدّة بالطريقة التقليدية المتوسطية والمطعّمة بنكهة غير اعتيادية بإشراف الشيف اندريا فيريرو.
السبا Bvlgari SPA
كلنا يعلم ما للتدليك من فوائد صحية وذهنية. ومن منّا لا يتوق الى الاسترخاء من خلال جلسة تدليك على أيدي أختصاصيين وبمستحضرات راقية وفعّالة. منذ اللحظة الاولى، يدخلك بولغاري سبا في عالم آخر تعيشين هدوءه الممزوج بروائح الزيوت والمستحضرات. ففي أيًّ من الغرف الخمس المخصصة للماساج سوف تنسين العالم الخارجي ومشاكل الحياة اليومية، لتغوصي في تجربة لا مثيل لها؟ تبدأ الاختصاصية بطرح الاسئلة عليك إن كنت تعانين من أي مرض، أو من الحساسية، وما هو مبتغاك من الماساج.
هل تريدين التزود بالطاقة؟ أم الشعور بالاسترخاء؟ ثم تقترح عليك أنواعاً من المستحضرات الملائمة لحاجتك لتختاري منها، كالزيوت الاساسية أوخلاصات النباتات.
أما ماساج الوجه فيضعك في حيرة من أمرك، بسبب كثرة الاحتمالات المتوافرة، فينفلت لديك الاحساس بالجشع وتشعرين بأنك تريدينها كلّها، ولكنّ النُصح الذي تسديك إياه الإختصاصية يجعلك تكتفين باختيار ما تحتاج اليه بشرتك.
وكل علاج يجمع بين الماساج وتقنيات العناية بالبشرة، باستعمال منتجات حصريّة مطوّرة علمياً ومصنوعة من أنقى المواد الطبيعية.
إنها طبعاً مستحضرات «بولغاري جام اسنس»Bvlgari Gem Essence. جاءت هذه المستحضرات نتيجة دراسات وتجارب كثيرة استطاع من خلالها قسم الابحاث بالتعاون مع فريق الخبراء في السبا التوصّل اليها لتكون ذات نتائج فورية تلمسينها فور الانتهاء من جلسة التدليك.
لا تنسي طبعاً حمام السونا الفسيح وبركة السباحة الدافئة للاستمتاع بهما بعد الماساج، ثم التمدد بعد ذلك، على أحد الكراسي المنبسطة أمام الحوض الخارجي، مع كوب من الشاي ليكتمل مشهد الأميرة المدللة.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024