تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

'ويك إند' عائلي في المنتجع الأسطوري ATLANTIS...

اختفت المدينة أو القارة، طمرها بركان أو انزلقت تحت الارض أو ابتلعها البحر. كلها احتمالات رجّحها أفلاطون تعود الى 9000 سنة قبل الميلاد. لم تكن أتلانتس مدينة عادية بل عرفت بحكمة شعبها وحضارتها وثقافتها وعلومها المتطوّرة، حتى أنّ أكثر الاساطير تطرّفاً تقول إن الشعب الأتلنتي لم يندثر بل أكمل حياته كأمة تحت الماء. طال البحث عن هذه المدينة المفقودة وتعددت المواقع المفترضة ولكن لا شيء مؤكداً الى اليوم. أما «أتلانتس النخلة» في دبي، فهي حقيقة نُسجت من خيوط  الخيال.  تجربة عشتها مع عائلتي في هذا المنتجع القائم فوق هلال جزيرة النخلة جميرا كانت أشبه بلعبة فيديو افتراضية تتألف من مراحل عدة كما وصفها ولداي. 

 
نفق تحت الماء
كان مستوى الحماس قد بدأ يتصاعد لدى ولديّ غبريال (7 سنوات) ودانيال (4 سنوات) عندما وصلنا الى مطار دبي. استقلينا السيارة الخاصة بمنتجع الاتلانتس لتوصلنا الى هناك.
كانت الطريق هادئة وعادية الى ان دخلنا نفقاً بعد انطلاقنا بحوالي عشرين دقيقة.

ليخبرنا السائق بأننا نمر في نفق شُقّ في جوف الماء، وهنا بدأت الاثارة وبدأ معها سيل الاسئلة عند الولدين، فأخبرناهما أن جزيرة النخلة صناعية شيّدها الانسان بقوة عزيمته وذكائه ومخيّلته الخصبة. خرجنا من النفق وظهر أمامنا صرح عظيم أشبه بقصور القصص الخرافية التي أقرأها لولديّ. أسرني مبنى الاتلانتس  بهندسته وضخامته ولونه الذي استعاره من رمال الصحراء والطبيعة الخضراء التي تلفه وهدوء ورحابة البحر أمامه.

 ردهة الاستقبال
ردهة الاستقبال برحابتها وأسقفها المقوّسة العالية واللوحات الجدارية التي تزينها تمنحك شعوراً دافئاً وتحرّك حواسك كلها، فخريرالمياه المتساقطة في البركة يمتزج مع وقع الاقدام والانظار التائهة علام ترسو الى ان تتجمد أمام تمثال الزجاج المتربع في وسط البركة والذي يجعلك تتساءل أو بالأحرى تدرك كم ان خصب خيال الانسان ينافس في بعض الاحيان الجمال الطبيعي.
تحفة فنية تنقل ألوان البحر ومخلوقاته من أزرق وأخضر وبرتقالي وأحمر على شكل قطع من الزجاج المنفوخ تبلغ 3000 قطعة.
رصفت بطريقة فنية بعضها فوق بعض على ارتفاع مترين، واستغرق تنفيذها عامين.

جولة على أجنحة المنتجع
كانت غرفتنا في الطابق 13. ورغم أن غالبية الناس تتشاءم من هذا الرقم فأنا اعتبره رقم حظي.
غرفة واسعة في الجناح الملكي ذات تصميم عربي وديكورات ما تحت البحار كما في كل ارجاء الفندق، شعر ولداي داخلها بانهما أميران من أمراء قصص الخيال التي اعتادا سماعها والتماهي بها، واخذا يستكشفان كل زاوية من زواياها لعلّهما يجدان كنزا مخبأً أو فانوسا سحريا يخرج منه مارد ليحقق أمانيهما. يتميز هذا الجناح بناد خاص تابع له يقدم بعض الخدمات المميزة لنزلائه.

أما أجنحة الجسر Bridge suites، فتصل اليها عبر مصعد خاص ينقلك الى الطابق 22 حيث يتمتع النزلاء بأقصى درجات الرفاهية وبرؤية المناظر البانورامية التي تخطف الانفاس.

أما أجنحة الغرف المفقودة Lost chambers suites  فهي المكان الذي يترجم رؤية المنتجع حيث جدار الغرفة عبارة عن اكواريوم يعج بالمخلوقات البحرية التي تختال على انقاض الاتلانتس، فيحس النازل بأنه  جزء من عالم ما تحت البحار.
 
 
متاهة الغرف المفقودة أو Lost Chambers
هنا قلب الاتلانتس حيث تكتشف أطلال المدينة المفقودة تحت الماء. غاصت عيوننا في مشاهد عزّ نظيرها في العالم تجتمع في مكان واحد، فعشنا مغامرة فريدة وسط متاهة كانت تدهشنا كلما انتقلنا في أروقتها.

الاكواريومات تمتد على طول المتاهة، فيها الاسماك المتنوعة والحيوانات البحرية بالمئات تعيش في المياه التي تفترشها اثار الاتلانتس. أين الحوريات؟ سأل ابني الأصغر. أبتسمت وأجبته انها اسطورية وغير موجودة. فالتبس عليه الأمر، فالأتلانتس اسطورة ونحن فيها الآن، فلم لا نرى الحوريات؟...فعلاً لم يبق سوى رؤية حورية حتى نصدق أن هذا المكان خيالي.

لم نعد نشعر بالزمن ولا بالعالم الخارجي، فقد انصهرنا مع هذا المكان ودخنا في دوران لذيذ كان يقودنا من مكان الى آخر الى أن وصلنا الى متجر التذكارات حيث اختار ولداي ما يعجبهما من دمى على شكل دلفين الى قبعة بحرية وقميص واقلام وكلها طبعا تحمل اسم اتلانس مطرزا عليها.

 إطعام أسماك الراي Ray's Feeding
للمزيد من الدهشة والاحساس بأننا خارج الزمن وفي مكان أسطوري تعرفنا الى المسؤول عن مرافقتنا الى حوض إطعام أسماك الراي وكان اسمه «علي بابا»، أليست مفارقة مذهلة؟

اختلط الامر من جديد على ولدي، ضحكنا جميعا واستغلينا الفرصة لطمأنة ولدي اللذين كانا قلقين بعض الشي من هذه المغامرة، وقلنا لهما ان علي بابا سيستدعي الأربعين لصاً للمساعدة في حال الخطر!

قدّم لنا علي بابا  المغربي الاصل شرحاً بسيطا عن طبيعة هذه الاسماك وكيفية إطعامها، وذكر لنا ان بعض أسماك القرش موجودة معها في الحوض نفسه ولكنها غير مؤذية.

اخيرا نزلنا الى الحوض برفقة الشخص المسؤول واختلطت دقات قلبي مع دقات قلبي ولديّ ولكن سرعان ما عادت الي الطمأنينة، فهذه المخلوقات غير مؤذية واكتشفنا لذة لم نتوقعها في إطعامها واستمتعنا جميعا بهذه التجربة الفريدة.

خليج الدلافين Dolphin Bay
انها المغامرة الاحب الى قلبي...لقد أغرمت بـ«لينوكس» الدلفين ذي السنوات الثلاث الذي كنا نتشارك معه أجمل الاوقات. بدأت هذه التجربة عندما طلب منا نزع الساعات والمجوهرات وارتداء بذلة الغطس التي زودونا بها.
توجهنا الى صالة حيث تم عرض فيديو وصورعن الدلافين وشرح مفصّل من المسؤولة عن كيفية عيشها وسلوكها وبنيتها الجسدية وتفاعلها مع البشر. بعد هذه المعلومات المفيدة توجهنا الى الخليج موطن الدلافين، ومن جديد تم تزويدنا ببعض الملاحظات حول كيفية تعاملنا مع «لينوكس» من قبل المدرب المختص وبدأ العرض والتفاعل.

كان مذهلا ذكاء لينوكس، فهو ينفذ كل ما يطلبه منه المدرّب ويتفاعل معه بحركات رشيقة وإصدار أصوات مختلفة. علاقة وطيدة نشأت بيننا وبين هذا الدلفين الذكيّ، قمنا بحركات متبادلة وقام هو بالقفز عاليا والغطس، وكان يرد على المدرب كلما سأله شيئاً بالنفي او الايجاب بايماءة من رأسه يمينا ويساراً او صعوداً ونزولاً. لمسنا لينوكس وعانقناه وقبّلناه، وقد أوجدت كل هذه الامور تقارباً عميقاً بيننا.

قفزات «لينوكس» العالية أبهرتنا ورقصة Lenox Jackson، كما سماها المدرّب، كانت الاكثر ابهاراً فأكثر من ثلثي جسمه كان منتصبا فوق الماء يؤدي حركات راقصة نافس فيها مايكل جاكسون. لهو وتفاعل واندهاش وفرح اختتمها صديقنا الدلفين باستعراض بهلواني مشترك مع دلفين المجموعة الثانية.
ففي هذا النشاط يقسم المشتركون الى مجموعتين لا تتعدى الواحدة عشرة اشخاص.

بعدها كانت زيارة قصيرة للمركز التعليمي حيث عروض الفيديو عن الدلافين وجهاز صوتي لسماع أصواتها، وبالطبع زرنا متجر الهدايا وحملنا معنا التذكارات واهمها الصور التي التقطت لنا هناك.

والجدير ذكره ان نسبة من عائدات هذا البرنامج تعود الى منظمة كيرزنر البحرية التي تعنى بحماية البيئة البحرية حول العالم. رائعة، رائعة هذة التجربة، أنصح بها، فهي ليست حصرية لنزلاء الفندق بل بالامكان حجز رحلة نهارية تمارس فيها ألعاب «الاكوافنتشر» وتقوم بأجمل تجربة في حياتك، وهي التفاعل مع الدلافين.

الحديقة المائية Aquaventure
كل مكان في هذا المنتجع يتواطأ لابهارك. فمغامرات «الاكوافنتشر» تخطف الانفاس وتسلب الالباب. بدأت عندما استقلينا سيارة الباغي buggy  التي نقلتنا عبر الممرات الخارجية التي تتوغل في الحدائق الغناء والاشجار الوارفة الى المتنزه المائي الممتد على مساحة 17000 متر مربع ويضمّ العابا جرّبنا أكثرها.

كان أولها النهر الهادئ الذي اشعرنا بهدوء قلما نحسه في غمرة الاشغال ووتيرة الحياة اليومية السريعة التي نعيشها، ولكن الأولاد يعشقون الحركة والمغامرة، فتوجهنا بإطاراتنا المطاطية الى منطقة السيول حيث الاثارة الحقيقية، فقد زوّدت هذه المنطقة بمولّدات أمواج ترفعها الى علو مترين وبقوة ضغط هائلة تدفع الإطارات المطاطية صعوداً ونزولا،ً يمنة ويسرة في رحلة نهرية شيّقة.

بعدها توجهنا الى منطقة المغامرات المائية المخصصة للأولاد التي تشمل المنحدرات والمزالق وتتدفق منها المياه بقوة وزخم كلما امتلأ الدلو الضخم القائم على قمتها.

يضخ الاثارة في عروق الاطفال الذين ينظرون التدفق.
ثم تسلق ولداي الحبال والابراج ولعبا بالمدافع المائية التي كانا يوجهانها نحونا وهما في غمرة الفرح والبهجة.

 بعدها انتقلنا الى المنطقة الهرمية المدرّجة المسماة ziggurat  حيث المزالق على انواعها: هجوم اسماك القرش او shark attack ... تبدأ المغامرة على علو 13 مترا،ً جلسنا على الإطارات المطاطية التي تتسع لشخص أو اثنين وبدأ الانزلاق سريعاً في نفق مظلم، وبعدها بطؤت الحركة لتدخلنا في نفق آخر شفاف يعبر داخل البحيرة المسكونة بأسماك القرش.

أمّا قفزة الشجعان leap of faith، فلم يجرؤ على تجربتها سوى زوجي. هبط من علو 27 متراً على مزلاق شبه عمودي، وتعد هذه القفزة أطول المنحدرات المائية وأسرعها في الشرق الأوسط، ففي ثوان معدودة هبط زوجي ما يعادل تسعة طوابق.

كانت نهاية المغامرة أفضل ذكرى من المصوّر الخاص بالمنتجع الذي التقط لنا الصور وأعطانا سواراً مشفرأ حتى نتمكن في ما بعد من شراء الصور من المكتب المخصص لذلك. فكرة ذكيّة.

نادي الأولاد Kids Club
كنت قلقة في البداية لأنني  سأترك ولديّ مع غرباء حتى ولو كانوا اختصاصيين.
لكن ما لبث أن تبدد هذا القلق عندما سمحوا لي بالدخول معهما لدقائق فقد رأيت الدهشة والفرح يشعان من عيونهما وقالا لوالدهما ولي أذهبا سوف نمرح هنا بالتأكيد...طبعا فهنا شاشات الكومبيوتر والووي Wii و Play station منتشرة في  المكان وهناك سفينة القراصنة ذات المنحدرات والشِّباك والانفاق تناديهما بالاضافة الى غرفة السينما التي تعرض أفلام الرسوم المتحركة المفضلة لديهما...ابني الأكبر أخبرني أنه أحب تجربة التسلق، فهناك جداران كبيران معدان لهواة التسلق الصغار.

أما ابني الاصغر، فأكثر ما أحبه هو فقرة الاشغال اليدوية وأهداني الطائر الذي صنعه. أما السواران اللذان صنعهما فقد احتفظ بهما لنفسه، مثلما فعل أخوه.

لم يكتف غبريال ودانيال بالوقت الذي امضياه هناك بل ارادا البقاء أكثر، ولكن موعد العشاء كان قد حان فوعدناهما بالعودة غداً، وهذا ما حصل.

يجب ألا أنسى، صالة الالعاب الالكترونية الصاخبة the zone المجاورة لنادي الاطفال، ففي اليوم التالي امضينا فيها ساعة مع الولدين مرّت كأنها لحظة.

الشاطىء والرحلة البحرية
منذ لحظة وصولنا وولداي يلحّان على النزول الى الشاطىء، فقد جذبتهما الرمال الذهبية الممتدة على مساحة ما يقارب الكيلومتر والنصف...انه مقصد النزلاء الباحثين عن الاسترخاء والهدوء بعد مغامراتهم وتجاربهم الصاخبة في مرافق الفندق المتنوعة.

وهذا ما كنا بحاجة اليه، سرح الولدان ومرحا على الرمال وتمتعنا بأشعة شمس كانون الثاني/ ينايرالدافئة ثم ركبنا قارباً ذا دواسات ورحنا نتنزه في عالم خاص لا حسيب فيه ولا رقيب بل رفيق يقابلنا دائما هو الاتلانتس الشامخ  بجماله وسحره.
خلال ثلاثة أيام عشنا الرفاهية والدهشة والمغامرة والترفيه والسحر، كانت تجربة استثنائية  في مكان استثنائي نقشت كل دقيقة منها في ذاكرتنا، فلم يتوقف ابناي عن استذكار كل مغامرة وكل أمر حدث معهما أمام الجميع وفي كل مناسبة. وعند كل مساء يسألانني: ماما متى نعود الى اتلانتس؟

 مطاعم أتلانتس... ملاذ الذواقة
مهما اختلفت الاذواق، فالمطاعم ال 17 في اتلانتس ترضيها كلّها.
مطاعم عالمية لطهاة حائزين نجوم «ميشلين» تتميز بأجواء متنوعة وفريدة. أما اكثر ما لفتني في كل المطاعم التي جربناها خلال إقامتنا فهو أنها تقدم قائمة طعام خاصة بالأولاد طُبعت عليها ألعاب ورسوم، يحتفظون بها عند المغادرة.

Ronda Locatelli للشيف المشهور جورجيو لوكاتيللي ويقدم الاطباق الايطالية التقليدية كالبيتزا والمعكرونة على انواعها في جوّ دافئ وعائلي.

Rostang بالاضافة الى ديكوره الفرنسي المميز يقدم مجموعة من الاطباق الفرنسية الشهيرة ككبد الإوز والراتاتوي والغراتان دوفينوا وأطباق ثمار البحر المعدة طبعا بالطريقة الفرنسية.

Levantine يقدم أطيب ما يمكن تذوقه في منطقتنا العربية من مازة ولحوم واسماك على انغام الموسيقى العربية وايقاع الرقص الشرقي. وتقدم التحلية في لوفنتاين بكرم زائد وعلى الزائر ان يحسب لها حسابا حتى لا يفوته التلذذ بأطيب الحلويات العربية.
Kaleidoscope اطلب وتمنَّ... كل شيء موجود تقريباً. هو مثالي للفطور ويقدم طبعا الغداء والعشاء ويضم شرفة خارجية تطل على حوض السباحة الملكي.

اتلانتس بالارقام

  • استقبل أول زواره في 24 أيلول / سبتمبر 2008
  • يتألف من 1539 غرفة استثنائية
  • يمتّد على مساحة 46 هكتاراً
  • تمتد «الاكوافنتشر» على مساحة 17 هكتاراً وتجمع اكثر من 18 مليون ليتر من الماء وفيها اعلى منزلق يرتفع حوالي 30 متراً
  • ويعيش في بحيراته 65000 من الكائنات البحرية
  • يحتل شاطئ اتلانتس مسافة 1.4 كيلومتر
  • كلّف بناؤه 1.5 مليار دولار

لا تنسوا

  • Shuiqi spa للباحثين عن الاسترخاء والدلال.
  • تجربة التسوق في Avenue حيث أفخم البوتيكات التي تعرض الماركات العالمية.
  • لمحبي السهر النادي الليلي Sanctuary بديكوره وضيافته المميزة.

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080