سنغافورة
يخيّل لنا أحيانًا أن الهروب من ضجيج المدن ، يعني أننا نبحث عن الاسترخاء في أقصى حدوده. ولكن يحدث أحيانًا أننا نتوق إلى العودة إلى مدن تلهب مخيلتنا لنعيد اكتشافها، وكأنها المرّة الأولى التي نزورها، فنقع أسرى حركتها ونتوه في أروقة عوالمها لتتكشّف لنا وجوه لم نلمحها في المرات السابقة، فنحدّق إليها وننقب في حفريات ذاكرتها لنحشد في حقيبة أسفارنا صورًا لمدن تخرق قانون الأبعاد الثلاثية وتجعلنا نعيش خارج الزمان والمكان، فنعيد ترتيبها في ألبوم ذاكرتنا لنفاجأ بأننا عرفنا شيئًا عنها وغابت عنا أشياء، مما يحملنا على توضيب حقيبة السفر إليها. وفي العالم مدن رغم أنها تعرف بـ"كليشيه" الوجهات السياحية فإن في كواليسها ما يجعل تكرار زيارتها محاولة لإشباع فضول التعرّف إليها أكثر.
سنغافورة. تعدّدت الأسماء التاريخية لهذه الجزيرة السابحة في المحيط الهادئ في جنوب غرب آسيا،ولكن الغلبة كانت للأسطورة التي تقول إن أميراً من أمراء سري فيجايا كان يجول في هذه الجزيرة، فلمح حيواناً حسبه أسداً فكان الاسم سنغافورة ويعني " مدينة الأسد". والطريف في الأمر أنه لا يوجد في هذه الجزيرة حيوانات متوحشة.
رغم أن كل شيء في سنغافورة عصري تطغى عليه أنوار النيون، تحتفظ الجزيرة بسحر آسيوي عتيق يمزج بين التقاليد الصينية والماليزية والهندية.
في المنطقة الصينية تنشغل الحواس في رحلة إلى عالم صيني فريد، تصدح في فضائه موسيقى الأوبرا الصينية وتتجاور في أسواقه المغلقة متاجر تبيع التذكارات الصينية وأخرى الأعشاب الصينية التقليدية. وفي حي العرب أو "كامبونغ غلام" يندهش زائر الحي بقصر السلطان الذي يجاوره مسجد السلطان بهندسته المعمارية الإسلامية العربية المطّعمة بلمسة آسيوية فريدة. في هذا الحي تبدو التقاليد العربية الإسلامية حاضرة بقوة، فالأذان يرفع في مواقيته وتغلق المتاجر أبوابها يوم الجمعة ليؤدي أصحابها صلاة الجمعة، وتسمع تحية "السلام عليكم" أينما سرت أو إذا دخلت دكاناً... وهنا تعرض حوانيت الأحجار الكريمة وتبيع أخرى المأكولات التقليدية. تبدأ في شهر حزيران/ يونيو التنزيلات الكبرى في سنغافورة.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024