القطار الأسطورة في روسيا ومنغوليا والصين
لا يختلف اثنان على أن السفر في الطائرة والتحليق في الفضاء كسب للوقت، ولكن تبقى تجربة السفر عبر القطار فريدة. فهي تدخلك في متاهات الطبيعة الخلابة، لتباغتك صور، بعضها لا تستطيع تخزينها في ذاكرتك أو ربما تبقى ولكنها تشبه الشريط السينمائي السريع جدًا الذي إذا ما ضغطت زر التشغيل تتحرك صور لا ترى منها إلا شذرات ألوان سريعة تنهال على بصرك كسرعة البرق.
تليها صور رائعة تتحرك ببطء وكأنها تعبت من سباق أزلي مع الوقت لترتاح عند محطات مدن بقيت رغم كل المتغيرات التاريخية والجغرافية متشبثة بجمالها الطبيعي لتلهب الخيال الإنساني الذي يعجز عن إدراكها. وفي مدن العالم قطارات تحوّل السفر فيها إلى أسطورة تعيشها بكل حواسك، فتتمنى لو أنك لا تنزل في آخر محطاتها.
ينطلق هذا القطار من محطة لاروسلاف في موسكو ويعبر ثلث محيط الكرة الأرضية إلى أن يصل إلى الجميلة فلاديفوستوك. ينساب القطار بمحاذة بحيرة البيكال التي تبدو منبثقة من العدم وسط غابة الصنوبر السيبيرية، ليتفرع من الخط الحديدي الرئيسي الترانس منغوليان سائرًا بمحاذاة البيوت الروسية الموسرة والغابات الخضراء الدغلية، قبل اختراق السهوب التي تبدو لانهاية لها والانسياب تحت سماء منغوليا الرحبة.
يواصل القطار سيره نحو بكين بمحاذاة سور الصين العظيم، فيعيش راكب هذا القطار مغامرة ماركوبولية يكتشف خلالها أسرار آسيا الكبرى والصغرى المتناثرة بين حواشي طبيعة خلابة. ينطلق الترانسيبريين من موسكو كل يوم ثلاثاء ويستغرق السفر فيه ستة أيام، أما سعر البطاقة فيبدأ من 650 دولارًا أميركيًا للدرجة الثانية.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024