'فكّر... ارسم... اعرض' في جو فني كامل لمدة شهر
بهدف تعزيز الفن وإيجاد بيئة فنية متكاملة، افتتح «مجمع الفن بأبو ظبي» كأول وجهة فنية للفنانين المحليين والعالميين لعرض أعمالهم وتمكينهم من العمل داخل المركز. وقد تعاقد «مجمع الفن بأبو ظبي» مع 6 فنانين عالميين للإقامة والعمل داخل المجمع ومشاركتهم في يوم الافتتاح بمعرض شخصي لكل منهم على حدة، بالإضافة إلى المشاركة في النشاطات الفنية المقامة. وقد جاءت المشاركة السعودية في المعرض ممثلة في ستة من المشاركين من بينهم ثلاث فنانات تشكيليات هن علا حجازي ونجلاء عبد الله ونوف السماري اللواتي أقمن لمدة شهر كامل ليس لهن أي عمل سوى التفكير والرسم وعرض أعمالهن، وكذلك بقية المشاركين الستة.
وفي خطوة لمزج المجتمع وعاداته بالفن، أنهى المجمع «ليف آرت سكيب» الذي أقيم على كورنيش أبوظبي، وضم الفنانين الستة المقيمين في المجمع، وكان عبارة عن توفير فرصة للناس لمشاهدتهم وهم يبدعون ويتخيلون مدينة أبو ظبي من خلال عيونهم.
وتعليقاً على افتتاح «مجمع الفن بأبو ظبي»، قال أحمد صالح اليافعي، المؤسس والمدير العام للمجمع: «نحن سعداء بافتتاح المجمع الذي سيكون طاقة فنية تقدم خدماتها للفنانين العالميين والمحليين، وبدأ المجمع نشاطاته باستضافة معارض الفنانين المقيمين والمعرض الجماعي».
ويضاف اليافعي: «يعد مجمع الفن مبادرة خاصة تهدف إلى إثراء الفن والتراث والثقافة، وتكملة لمبادرات حكومة أبو ظبي لخلق بيئة وبنية تحتية فنيتين تهدفان إلى دعم الفن والفنانين داخل الإمارات. وجاءت فكرة إنشاء المركز من الحاجة إلى جمع أعمال عالمية تحت سقف واحد، فالمجمع لن يكتفي بكونه همزة وصل بين الفن الإماراتي والعالم، بل سيعمل على تصدير عاداتنا وتقاليدنا وتراثنا إلى كل دول العالم، من خلال لوحات فنية تحاكي البيئة الإماراتية بكل مكوناتها، ومن خلال هؤلاء الفنانين العالميين الذين استقطبهم المجمع».
وأوضح أن اختيار الفنانين المشاركين تم على أساس «التعدد في الدول والأعراف والثقافات والفنون، فكل منهم يقدم فناً مختلفاً عن الآخر، وبالتالي حرصنا كثيراً على هذا التنوع والتعدد، وقد راعينا كذلك خبرات هؤلاء الفنانين وتأثيرهم في مجالهم».
وقال اليافعي: «أصبح «مجمع الفن بأبو ظبي» مصدر إلهام لنا جميعا. ونحن واثقون من أن المجمع سيكون وجهة سياحية جديدة في أبو ظبي للباحثين عن الفن والتراث والثقافة من عاشقي الفنون بمختلف أنواعها»، مشيراً إلى أن المجمع يعد منصة لنشر ثقافة الإمارات وفنها وتراثها إلى مجتمعات أخرى من خلال وجود الفنانين العالميين الزائرين والمقيمين في المجمع، وذلك من خلال تعايشهم داخل المجتمع الإماراتي واكتسابهم عاداته وتقاليده وهو ما سوف ينعكس على أعمالهم الفنية، بالإضافة إلى نقل ثقافة الإمارات وتراثها وفنها إلى مجتمعاتهم عند عودتهم.
شباك الحرية ومشاركة سعودية متميزة
كان العدد الأكبر من المشاركات من نصيب المملكة العربية السعودية، فقد شاركت ثلاث فنانات تشكيليات سعوديات في برنامج «الفنان المقيم» لمدة شهر كامل في جو فني بحت تبنى شعار «فكر... ارسم... اعرض».
وقد تحدثت كل من الفنانات الثلاث علا حجازي، ونجلاء عبد الله، ونوف السماري، عن تجربتها الجديدة، ومدى استفادتها منها، مُعرفة عن نفسها وآخر أعمالها ومعارضها.
علا حجازي بدأت حديثها معرفة بنفسها قائلة: «أنا فنانة تشكيلية سعودية، ويعد هذا خامس معرض لي، بعدما كانت لي معارض في جدة والرياض ومدينة الملك عبد الله الاقتصادية وفي باريس، إلى جانب معارض عدة في الكويت والدوحة وأبو ظبي ودبي وألمانيا، كَوني عضواً في جماعة الفنانين الأوروبيين، وكل عام نجتمع ونقيم المعارض، ودائماً ما أشارك بعرض لوحاتي في كل مكان».
وعن كيفية اختيارها للمشاركة قالت: «بصراحة كنت منشغلة بالتحضير لمعرضي الخاص الذي كان من المقرر إقامته نهاية العام، وفجأة تلقيت بريداً إلكترونياً من القائمين على المجمع هنا يدعونني للمشاركة في برنامج الفنان المقيم لمدة شهر كامل، يقام بعده معرض خاص لكل فنان، فقررت المشاركة. ومن حُسن حظي أنه لم تكن لدي ارتباطات، فقبلت التحدي وخوض التجربة على مدى شهر كامل».
وأضافت حجازي: «وجودي في أبو ظبي يحدث احتكاكاً جميلاً بين الفنانين السعوديين والإماراتيين واندماجاً ثقافياً كبيراً، والأمر الثاني أنني أعرض أعمالي خارج حدود السعودية، فكلما عرضت أعمالي في أكثر من دولة خرجت من دائرة المحلية. كل ما أسعى إليه من خلال مشاركتي هذه أن أخرج بإضافة ما وبشيء جديد، وليس مجرد المشاركة وعرض الأعمال، فكل مكان أشارك فيه أعده إضافة وانتشاراً لي».
وأوضحت: «أقمنا ورشة عمل على كورنيش أبو ظبي، وزرنا أماكن متفرقة في عاصمة الإمارات، وعرضت أعمالي في أكثر من مكان ليتعرف الناس أكثر على أعمال التشكيلية السعودية علا حجازي، وهذا أمر مهم، لأنه يبعدني عن إطار اللوحة الواحدة أو المدينة الواحدة».
وعن آخر وأحب لوحة إلى قلبها قالت: «آخر لوحة رسمتها هي لوحة «شبابيك» التي أود من خلالها إيصال رسالة مفادها أن شباك الحياة والحرية لا بد أن يكون مفتوحاً، ومهما حاول البعض إغلاقه لا بد أن نقوم نحن بفتحه ونرسم ونلون عليه يومياتنا، لا أن ننتظر الظروف لتفتح لنا شباك الحرية المغلقة، فمهما كان إغلاقها محكماً فبيدنا نحن وبقراراتنا نستطيع فتحها نحو حرية بناءة، تعطي وتضيف لنا، لا لمجرد اكتساب حرية بمعناها العادي لدى البعض، والتي قد يستخدمها البعض بطريقة خاطئة.
أما أحب لوحة فإني أحب كل لوحاتي، إلا أن هناك لوحتين أحبهما كثيراً وهما «أنا أحب»، لأنه لا بد للإنسان دائماً أن يبحث عن الحب في أي مكان يعيش فيه، حتى ولو لفترة قصيرة. أحسست بأن هاتين اللوحتين تخاطب كل منهما الأخرى عن كل أمورهما الحياتية، وفي النهاية قررت أن أصالحهما مع بعض وجعل كل منهما تحب الأخرى».
جو فني بحت.. و«لبيك» أحب لوحاتي
من جانبها، قالت الفنانة السعودية نجلاء عبد الله: «أنا فنانة سعودية ومدربة ومنظمة معارض وملتقيات فنية، ولي العديد من المشاركات في المعارض الكبيرة والشخصية، وهذه أول مشاركة خارجية لي. أيضاً أنا سفيرة القيادات الشابات في مركز الأمير سلطان بن عبد العزيز».
وعن مشاركتها قالت: «هذا بلا شك سيكسبني خبرات كبيرة جراء الاحتكاك بفنانين آخرين، كما أن الجو فني بحت، ففكرة أن تقيم شهراً كاملاً في مكان تعمل فيه على فنك فقط تجربة رائعة، ولطالما تمنيت أن تعرض أعمالي في الإمارات. وقد أقمت هنا ورشة عمل، وألقيت محاضرة في تاريخ الفن في دبي».
وعن كيفية اختيارها للمشاركة قالت: «في العام الماضي طلبوا مني أن أدير ورشة عمل هنا، وعندما قرروا بدء برنامج الفنان المقيم تم اختياري لأكون ضمن الفنانين المشاركين الذين اختيروا من بين مجموعة كبيرة من الفنانين العرب والعالميين».
وعن آخر معارضها وأحب لوحة إليها قالت: «آخر معرض أقمته كان قبل حضوري إلى الإمارات بأسبوع، وكان في مدينة الخبر السعودية. أما أحب لوحة فلا شك أن كل لوحة لها ذكرى ومنزلة خاصة، وتمثل فترة معينة عشتها، وإذا تحدثت عن الفترة الحالية فإن لوحة «لبيك» التي أنجزتها أخيراً في العيد الوطني للسعودية أعتز بها كثيراً، لأنها تعكس التراث الوطني السعودي، فهي عبارة عن تلفزيون صغير إذا نظرت إليه ترى صورة مكة المكرمة. أردت من خلال هذه اللوحة إيصال رسالة إلى الأجانب عن الإسلام عن طريق المشاهدة لا الكلام».
تجربة ممتعة لنقاط التلاقي
من جانبها، قالت الفنانة السعودية نوف السماري: «ما عملت عليه في معظم لوحاتي هو إبراز الثقافة المشتركة ونقاط التلاقي بين السعودية والإمارات في الجوانب التراثية والقيم والعادات والتقاليد. أحببت تقديم تراثنا بطريقة عصرية، بحيث لا تظل الفكرة عن التراث أنه متحجر، أو التعامل معه على أنه شيء معلّب وممل، بل يمكن إعادة تأهيله بروح معاصرة».
وعن مدى استفادتها من مشاركتها قالت: «التجربة مختلفة وجديدة عليّ تماماً، فهذه المرة الأولى التي أعيش في مكان من أجل الفن فقط طوال شهر كامل، فقد شاركت من قبل في معارض وملتقيات من أجل العرض فقط، أما هنا فالأمر مختلف، فنحن هنا نفكر ونرسم ونعرض في الوقت والمكان نفسهما، وكل المطلوب منا أن نتفرغ تماماً للفن. وأشكر المجمع على استضافتنا وإتاحته الفرصة لنا لخوض هذه التجربة الممتعة».
وعن آخر معارضها وأحب لوحة إليها قالت: «آخر معرض لي كان في مدينة الخبر، وكان معرضاً شخصياً. أما أحب لوحة لي فيصعب عليّ تحديد لوحة معيّنة، وعندما يريد أحد مني التقاط صورة مع إحدى لوحاتي أقع في حيرة شديدة، لأن لكل منها منزلة خاصة ولا أميّز إحداها عن الأخرى».
مجمع الفن بأبو ظبي
قدم «مجمع الفن بأبو ظبي» العديد من النشاطات والبرامج الفنية المتنوعة، منها معارض لفن الرسم على الجدران، ومعرض كل شهر مخصص لبلد معين على حدة، ونشاطات فنية خيرية، وجولات فنية لتلامذة المدارس لحثهم على الإبداع، وبرامج الفن في الصحراء، ومعارض للصور الفوتوغرافية وورش عمل فنية متنوعة.
كما عمل المجمع على تقديم نشاطات تهدف إلى دمج المجتمع ومشاركته في أحداث فنية متنوعة، مثل لقاء للتعريف بتاريخ الفن وتطوره، والمعارض الفنية التفاعلية على شبكة الإنترنت، وأعمال الرسم والنحت، ونشاطات مخصصة لعرض الأفلام، وأخرى لعرض الأعمال الفنية للأطفال، وأحداث فنية لعرض الأعمال الفنية لتلامذة المدارس وطلاب الجامعات.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024