مئة هويّة...
إمرأةٌ بمئةِ هويّة. أُهديك إحداها عن طيب خاطر وأُخبئ عنك بحرصٍ التسعة والتسعين الباقية. اضحكُ في سرّي حين تُشيدُ بتسامحي اللامحدود بينما تُعيد تشطيبي كما تشتهي.
تُخضعني لورشة ترميم جدّية وتقول:
«على الانثى أن تكون ...»
وترغب بشدة أن تضيف «ضعيفة» ولكنك تُحجم فورا وتقرر الكذب، فتختار أن تقول بتركيز شديد لا يخلو من مُراوغة:
«مرنة».
و«أمشّيها لك «لاني أستملحُ سذاجتك. ثم أهرب بهوياتي الباقية عن ورشة تجميلك التي لا تنتهي.
هويّة واحدة من بين مئة هوية، أسمحُ لك بتشكيلها كما تشتهي، فتجعلها أكثر حياءً - كما يطيب لك أن تغمزني- وأقل صخباً.
امرأة «مُريحة»، تشبهُ سلسلة النساء اللاتي تكالبن على عائلتك كالمصائب. أو بالأحرى تكالبت عليهن عائلتك كالمصائب. سلّمتهنّ لآلة التربية الصارمة فسلبتهنّ مهرجانات الولع. علّبت أرواحهنّ كأفضل ما تكون الصناعة، ثم بفخرٍ صدرتهنّ الى الواقع نموذجيات أكثر مما تحتمل الحياة. لا ترنّ في ضحكاتهنّ أجراسُ الغواية الصافية، ولا تجري تحت جلودهن ينابيع الصبا الخالص.
تتملّى بفخرٍ النسخة المشذبة بعناية لحبيبة تكاد تحسد نفسك عليها. لن تملك والدتك الا أن تُباركها على الفور. وستفسح لها شقيقاتك الصدر من مجالسهن وقلوبهن. وستكتسح كل الاختبارات الصارمة التي ستخضعها لها عموم الخالات والعمات للتأكد من ملاءمتها لقوالب العفة والطهر اللاتي... يعتقدن أنهن يعرفنها.
«يعجبني فيك أنك طرية كالصلصال..».
أهديك ابتسامة ألطف من أن تكون حقيقية، وأُراقبك بتسامح أمومي تلطخ إصبعك الحبيبة في أوحال المكابرة. وبحماس طفولي تضع لمسات تعتقد كل مرة أنها ستكون الاخيرة.
هوية واحدة من بين مئة هوية تنشغل بها. تصنع منها دميةً تلهو بها لفترة لا يقلقني كثيرا كم ستدوم لأني أعرف جيدا أنك ستلقي بها جانباً وتهرعُ إليّ ما ان تحتاج لامرأة حقيقية.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024