قهوة
من قرر تحميل حبة البـُن السمراء الصغيرة ذنب ابتهاجاتنا و خيباتنا؟
هي رفيقُنا حين نُقرر أن نبتهج في بدايات اليوم، وطبيبنا النفسي حين نحتاج أن نتذمر في نهايته.
هي وحدها المسؤولة بالكامل عن تخليصنا من كيلوغرامات نكنزها طوال أشهر، ثم نُقررُ فجأة أننا سنخسرها خلال عطلة نهاية الاسبوع ما أن تلوح مناسبة ما في أجوائنا الاجتماعية فنُردد بابتهال ساذج :
«قريت أمس أن القهوة السودا تنزّل الوزن»!
هي «برستيجنا» حين نحتاج أن نُطَعّم عباراتنا «المحلية» المُملّة بشيء من العالمية لعلنا نلفت انتباه الجالس على الطاولة المجاورة فنقول بسخافة للسعودي الواقف خلف الـ«كاونتر»:
«ون كاراميل ماكياتو لاتيه دبل شوت، لارج بليز...ثنك يو»
ثم نتأكد من اننا سمعنا السعر بعربية صحيحة لا شيةَ فيها.
هي ثالث ثلاثة يجلسون بصمت في مقهى ما يُحاولون أن يقنعوا قلوبهم المُجدِبة بأن حديث الحُب لم ينقطع هو فقط لا يخرج من الشفاه المشغولة بالارتشاف.
هي وسيلتنا الفعّالة للتحايل على نظام غذائي «لئيم» ولكنه غبي، يتعاطى بتساهل مع القهوة، ولا ينتبه لكميات السكر والكريمة والكاراميل التي نغافله بتهريبها في قلب كوب واحد صغير الحجم، زكي الرائحة، وموقوت الانفجار.
هي وسيطنا الروحي حين نحتاج أن نستحضر أرواحاً تُصِرُّ بعناد غريب على أن تسكننا رغم رحيل أصحابها. تتسلل الينا صورهم وهم يجلسون في باحة المنزل «يصبُّون» «فناجيل» القهوة المحلية العبقة برائحة الهيل ولون الزعفران، ويختلفون حول أمر قالهُ الرَّجل المختبئ داخل صندوق الراديو بينما نركضُ حولهم صغاراً في صباح هو البهجة المطلقة.
هي طعم «النظرة» الاولى المسروقة خلف «بارتشن» في مقهى متوار لن تشبه أيّاً من رصيد «النظرات» المستقبلية المُقررة لنا أو المُقررة علينا.
هي تاريخنا المُحمّص على نار عواطفنا المشبوبة والمطحون حتى الرضوخ تحت ثقل أقدار نعبرها مُسيّرين الى حيث نعتقد باننا نريد، ثم ينتهي بنا الى حيث نقف تتغشانا الحكمة نرتشف مرارة خيباتنا.
شاركالأكثر قراءة
أخبار النجوم
دنيا عبد العزيز توثِّق لحظات وضعها مولودتها الأولى
أخبار النجوم
تامر حسني يودّع الراحل حسن يوسف بطريقته الخاصة
أخبار النجوم
ميريام فارس تتعرّض للانتقادات بسبب الحرب...
أخبار النجوم
مصدر مقرّب من جنيفر لوبيز يكشف المستور: "مهووسة...
أخبار النجوم
بالفيديو - داليا مصطفى تعلن رأيها في دخول...
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024