تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

خدعة

هي في النهاية وحدها، مسؤولة وحدها عن قرارات مجنونة تتّخذها، ليس ثمة من يردعها أو يقول لها «امضي في تنفيذ قراراتك» أو «توقّفي، إلى أين أنت ذاهبة؟».

تبحث بين الأيام عن عقدها، تلملمها عقدةً عقدةً ثم تحاول أن تعطيَ وجودها معنى خطراً. تنتظر. تزدحم غرفة الانتظار بأجسام غريبة.
رغم الزحمة تحسّ بالبرد، لم تنتبه إلى أصابعها إلا الآن، كيف أصبحت تهمل أصابعها وأظفارها وإشارات يديها؟ ليست هنا تماماً، أتحلم بأنها سجينة غرفة الانتظار هذه؟ ربما. غادرت الغرفة. تتحرّك من دون أن تفكّر في تحرّكاتها. تمشي إلى جنونها.
البرد حنون رغم كل شيء، البرد يوزّع وعوداً بالحب. البرد صديقها. ما عادت قادرة على الانتظار. كل شيء انتهى، لا الربيع ربيع ولا الشتاء شتاء، تفكّر في أن الفصول خانت من آمنوا بها. تفكّر في كل شيء وهي تحاول الابتعاد عن المكان الذي كانت فيه قبل لحظات.
تقول لنفسها إننا بعد خيانة الربيع، تجاوزنا العاصفة إلى حدود الصدمة. وتساءلنا: من هم هؤلاء الذين سرقوا الربيع وتنكّروا بأدوار أصحاب الحق ثم ناموا؟ وكيف يقبل الربيع بأن يُسرق؟

بعد كل تلك الصفعات، عاد لا ينفع الانتظار، انتظار الأحداث، فلتحدث ولنعرف عنها مصادفة.

البرد صديقها. البرد يفهمها حين تمشي مع وساوسها، وما تستغربه هو أنّها تتعرّف إلى عقدها النفسية كلّها، ولا تعرف التخلّص منها.

لا تعرف كيف أصبحت في منتصف العمر. أين المنتصف هذا؟ تسأل، وأين الأرض؟ كأنّها تقف على ماء، كأن كلّ شيء غير ثابت ولا تمكن الثقة به. كأنّها وحدها تماماً بين جمع أقرباء الروح والدم.
تبحث عن استعادة ذلك الإحساس بأنها قوية وبأنها يمكن أن تركل العالم بقدم واحدة ثم تلطمه.

أين ستجد الطبيب المثالي؟ طبيب الخيبات على اختلاف أنواعها، العامّة قبل الخاصة. هي متردّدة، وتردّدها مرض يحتاج إلى معالجة، هذا ما قررته وهي تحاول أن تخطو إلى خارج العتبة.
أتبقى في الداخل وتنتظر أن يتغيّر العالم أم تخرج إليه كي تتوقّف عن لوم ذاتها؟ تمشي على رؤوس أصابعها كي لا يصحو العالم. ثم تقول إنها تنتظر الشمس. في انتظار الشمس، عاد لا يؤثر انتظار الأمل في تجمّع الباحثين عنه، في الميادين والساحات.
ينتصر الفقر، يقول كلمته ولا يمشي. وما الذي تنتظره هي من يوم غائم جديد؟ هل الأمل خدعة؟ ربما الأمل خدعة، فإما أن يكون حقيقة أو لا يكون.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079