أظنّها قصيدة: أمل ما بعد الصدمة
أبحث عن نصٍّ، عن قصّة، وعن بطل لا أعترف ببطولته، وعن بطلة لا يُعترف ببطولتها. أبحث عن قصّة حبّ، عن لقاء عاشقَيْن، عن ذكرى ارتباطهما، عن الأمكنة التي جمعتهما.
أخترع اثنين، أيّ اثنين وأقرّر بناء قصة الحب، ثم أراهما يبحثان عن وطن، عن معنى الوطن والمواطنة. يذوب وجها الحبيبين بين الوجوه، ولا تضيع ملامحهما ولا يضيع الصوتان، أراهما بين حشود الشتاء الماضي، وأسمع نداءات الثوار الأولى، نداءات للحرية والعدالة الاجتماعية.
أسمعها واضحة دقيقة مفهومة محدّدة بالرغم من ضياعها الآن، وأتذكّر لحظات من العام الماضي، كم كان الحلم لذيذاً، وما زال حلماً، حلم تكشّفت صدمة صعوبة القتال لأجله بالرغم من كلّ ما تحقّق.
نعيش ونتعلّم، نقرأ ونتعلّم، نبكي بحرقة ونتعلّم، نتعلّم أن نُصدم، ونُصدم قبل أن نتعلّم. في اللحظات الموجعة نتعلّم أن أمل العام الفائت غبيّ وأن الفخر بالإنجازات مفخّخ وأحياناً نقول إن الفجر غيّر موعده.
نصدم بأنظمة تحت الأنظمة، نصدم بالتسلّح بالجهل، بالجهل من دون أن يكون سلاحاً، بالأرواح «المتخشّبة» والأرواح الخائفة إلى حد سحق ضمائرها، هي أرواح بلا ضمائر، أرواح أمام الشاشات تعدّ أرواحاً تتساقط داخل الشاشة، داخل الساحة، داخل الميدان، داخل الحيّ.
الأحياء يختبئون خلف الموتى، ونحن هنا سعداء بموسم الشتاء السياحي، بأضواء العيد، بوطن رغماً عنا سمّيناه وطن العيد، بلد يهدأ مصادفة ويشتعل مصادفة، أو هذا ما نظنّ أنه يحصل، فلنتفرّج منه على العالم الذي ينتمي إليه، نتفرّج ونحار بين الحسرة عليه وعلينا وبين أن نعتبره رغم كل شيء محظوظاً لتنوّع الانتماءات فيه ولصغر حجمه وقلّة ثرواته.
ستبقى الكلمات واسعة غامضة والنهايات السعيدة ليست قريبة، لكنها غير بعيدة أيضاً.
في صفحتي هذه ستبقى الكلمات واسعة، فالمكان هنا غير مناسب تماماً لتحديد المعاني ورصّ الكلمات. المكان غير مناسب والعام الجديد يريد أن نؤمن به، من حقّه أن نؤمن به.
هناك أصوات صديقة، فلننضمّ إليها ولتنضمّ إلينا في رحلة العام الجديد، ثورة العام الجديد. لا لم يكن الأمل الفائض يوماً سذاجة، كان أملاً طفلاً، وقد كبر عاماً وتعرّض لحروب شرسة ووسخة خلال عام. يمكن أن نقول إنه في العام الجديد أصبح أملاً أنضج، أمل ما بعد الصدمة.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024