تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

سيداتي آنساتي-4 صديقتي (أ)

لا تشغل صديقتي (أ) رأسها الجميل بقضايا المرأة. ولم اسمعها يوما تدلي بدلوها في قضايا من نوع  «هل على المجتمع الإذعان لفكرة  السماح للمرأة بقيادة السيارة أم أن عليه التمسك بمخاوفه مما يجهل وإبقاء الحال على ما هو عليه».  وحين يشتد النقاش حولها بين المعسكرين (إياهم) في حوار سقيم، وتعلو فيه الأصوات، ويكثر فيه  التصنيف فإنها تبقى وحدها على الحياد تنظر بلا مبالاة شديدة  للمتنازعين أمامها، وقد تسحب هاتفها النقال بهدوء وتبدأ دردشة عادية لا تمت للمعركة الدائرة حولها بصلة  مع احد أصدقائها على الفيسبوك مثلا.

وتعيش صديقتي (أ) حياة  تبدو متحررة بمقاييس العائلة المحافظة التي تنتمي لها، والتي لا تختلف كثيرا عن باقي العائلات التقليدية التي تشكل ألاكثرية في مجتمعنا السعودي. فهي مثلا لا تغطي وجهها كباقي نساء العائلة. ولها أصدقاء وصديقات من الجنسين. وحين تشاهد صور إجازتها الصيفية التي تمضيها أحيانا خارج البلاد فانك لن تتمكن من تحديد ما إذا كانت تلك الصبية التي ترتدي الجينز وترفع شعرها الطويل على هيئة ذيل حصان، وتسير مع مجموعة من الأصدقاء من أكثر من جنسية هي فعلا (أ) الأصيلة، "بنت الحمايل" أم أنها مجرد إنسان عادي  يمضي إجازته الصيفية وحسب.

السبب كما تقول (أ) أنها لا تشغل نفسها كثيرا بموافقة المجتمع من عدمها. ولا تبادر بالاستئذان في كل مرة ترغب فيها بالتصرف على سجيتها والتي غالبا لا تتوافق والسائد في عائلتها. ولا تحاول طرح رغباتها كقضايا عالمية على المجتمع أن يقبل بها قسرا ويطبقها على جميع أفراده قبل أن تبدأ هي بتحقيقها.

"رغباتي الخاصة هي رغباتي الخاصة وليست قضايا ورغبات كل امرأة  محكوم عليها أن تحمل نفس جنسيتي. وعندما لا أرغب بتغطية وجهي فاني ببساطة لا أفعل بدون أن أفكر إن كان على "المرأة " عموما أن تفعل أم لا. وحين  تراني والدتي وتأمرني بغضب فاني أوفر على نفسي حديثا طويلا ستلقيه على مسامعي أن لم انصعْ لأمرها وذلك بأن أنصاع فعلا لأمرها ثم أعود ما أن تنصرف".

ولا يبدو أن صديقتي (أ) تغضب  كثيرا حين نتهمها بالازدواجية والنفاق. ولا تشترك معنا حين ننقسم حول موقفها إلى قسمين متخاصمين،  قسم يدافع عن رأيها الخاضع لمبدأ الحرية الشخصية التي لا تخرج عن الإطار الحق الإنساني المجرد. وقسم  يرى في لا مبالاتها نفاقا وأنانية وتخليا عن قضية بنات جنسها. هي فقط تتفرج علينا بينما نفنّد النقاط ونضع النظريات ونشرح الحقائق، وما أن تعلو الأصوات حولها وتكثر التصنيفات وإلقاء التهم حتى تسحب بهدوء هاتفها النقال وتبدأ دردشة عادية جدا حول خطط إجازتها المقبلة مع أحد أصدقائها على النت.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077