تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

الأمل الموجع

صفاء
استقبلني في القرية الأوروبية صباح سحريٌّ انقطعتُ خلاله عن رعب الأحداث الجارية في المنطقة، منطقتنا، وعن الأمل الموجع لأن رائحة الخيبة تسابقه.
استسلمتُ إلى الهدوء والانسجام بين ما صنعه ويصنعه الإنسان وما صنعته الطبيعة، وجلست في غرفة من زجاج يزيّنها القشّ وأوانٍ بُعثرت بإتقان واهتمام شديدين.
أحببت البيانو المستلقي بالقرب من الباب الخشبي المطليّ بلون القشدة، والفوانيس الملوّنة التي تتدلّى من السقف، والجرن الذي يكاد يحضن قدميّ والملوّن بلون الأرض، وباقات الصبّار التي تتوسط طاولات مربّعة.
وانسجمتُ مع موسيقى المكان يعزفها التناغم بين ما تضمّه جدرانه الخشبية. جلست وحدي إلى طاولة مستديرة يلفّها نور الشمس ودفء الوجوه القليلة التي رأيتها في المقهى.
وكنت لا أزال أهضم انبهاري بجمال المكان حين واجهت نفسي بحقيقة أنني أعيش هنا الآن أصفى اللحظات. ثم غادرت إلى حيث أستطيع اكتشاف الجمال مرة أخرى.
أردت أن أمشي. مشيت قاطعة مسافة طويلة قبل أن أجلس من دون حرج بين الأشجار حيث رأيت مشاة يحملون كتباً ويطوفون بها. لم يكن ثمن سعادتي باهظاً، أحسست بها أيضاً حين رأيتُ عجوزاً تمشي في ثوب أحمر دافئاً حاملة باقة من الزهور الطويلة الملفوفة بورق شفاف تزيّنه خطوط خضراء. رأيتها تبتسم لدهشتي، ولم أكن أحلم.  

إحساس
كيف يستطيع الموت أن يشتهي كل هؤلاء؟

بعد أن تشاهدَ أفلامَ الموت الحيّ على الفايسبوك تخجل من إحساسها برغبة قاتلة في الحياة.  

الممثلة الفرنسية
أهرب من باب المدرسة. أختار طريقاً أخرى. على حافة الطريق الأخرى أصطدم بلوحة أُلصقت عليها صورة الممثلة الفرنسية وأبتسم. أنقذني وجه الممثلة الفرنسية نفسها من صباح يوم مدرسي كئيب.
أذكر دهشتي لرؤية تفاصيل وجهها حين انتقل بنا المعلّم في المدرسة من غرف الصفّ إلى غرفة واسعة في الطبقة الثالثة والأخيرة من المبنى التاريخي.
كانت مباني المدرسة عالماً غريباً قائماً على الدهاليز والممرّات والغرف السرّية. جلسنا في الغرفة الواسعة نشاهد فيلماً عن العشق في مدرسة الراهبات.
ما كنا نعلم أن الأستاذ يحضّر لانقلاب في مدرسة الفتيات بدأ بعدما استمعنا إلى النشيد الوطني وشممنا رائحة الخبز المدهون باللبنة وعطراً كانوا يبلّلون به شعر التلاميذ الصغار.
كان ذلك الصباح عادياً. وكان قد سيطر عليّ الإحساس اليومي بالغثيان حين طلب منا الأستاذ الثائر أن نلحق به، فلحقنا به. وفي تلك الغرفة السرّية الواسعة اكتشفت علاجاً للغثيان.

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077