تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

احتمال

في ذاكرتها أكثر من عطرٍ رجالي ضمّخ عباءتها على مدى العشق. عبروا أعتاب وعيها منفردين الواحد تلو الآخر، مُخلفين على جدران روحها التوّاقة أحافيرَ من أسماءٍ وتعاويذ. يُمررُ العابرون راحاتهم عليها بوجلِ محاولين فك طلاسم تاريخها الضارب في الولع، ثم يخرجون وقد ازدادوا بها جهلاً.

لم يُحسن عابروها يوما صنعةً «فك الخط». وما اعتادت أن تمنح عفوها لمُرتكبي إثم الأُمية. وأمام زخات العُمر المنهمر بغزارة من روزنامة غفلتها  بقيت مجرد «احتمال»!

«هي كِتاب» زعم أحدهم.

 علّق نظارةً مستديرةً على انفه وقرأ بزهوٍ رسائلها النصية على حشد من أصدقائه نزقي الإدراك. خال انه يكشف عنها ضُرّ الستر، هللوا طويلا رافعين له أنخاب الفضيحة والصخب. وبينما يقف أمامهم في مهبّ النشوة يستقبل وابلا من نظرات الإعجاب المغمسة بالحسد عُصِف به  فجأة من حيث لا يعلم لأن آخر في مكان ما زعم أنها «إعصار».

لا تشبه سيرتها شيئا مما هي عليه. تنبثق لمُقلّبي صفحة يومياتها وجوه لأطياف وَجَدت بهم، وعبقوا بها ردحا من العشق ثم مضوا. أعادوا بمباركة منها تدوين أساريرها تبعاً لأنانية مراياهم. عنونوا سِفْر حياتها زوراً مهيمنين على كل فاصلة، كل (ضمّة) و كل (سكون). وتحت غيمة من رضاها كتبها كل منهم كما يرى نفسه. ولم يستطع يوما أن يقرأها أحد.

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077