معاني الأسئلة
ما الذي نتعلّمه من الأحداث التي نشهد عليها في العالم العربي؟ المشاهد الليبية وحدها ترسم علامات استفهام حول كلّ ما تعلّمناه وتربّينا عليه. ما الذي نتعلّمه الآن؟ نتعلّم دروساً في الواقعية أم هي دروس في اللا واقعية؟ عرفنا منذ كنا صغاراً نقرأ قصص الصغار أن الحقّ لا ينتصر بالضرورة، هذا ما فهمناه ولم يقله لنا أحد مباشرة في وجوهنا.
الحق لا ينتصر في معظم الأحيان، بل يُسحق ويُنفى ويُخبّأ. وما هو الحقّ أصلاً؟ أَهو حقّ الأقوياء؟ ومَن هم الأقوياء؟ كيف أجيب ابني عن أسئلته وهي أسئلتي أنا أيضاً؟ ماذا نقول لأولادنا؟ أنقول إن الحقّ حقّ حين يستفيد منه القوي، والحق باطل إذا كان الضعيف ينادي به؟ سيسألني ابني: ومَن هو الضعيف؟ ماذا نقول لأولادنا؟ أنقول لهم ما قاله أهلنا لنا مؤكدين على النهايات العادلة والسعيدة أيضاً؟
أهم ما يجب أن نقوله لأولادنا هو إن الناس في الأرض يتشابهون وإن ما يجمعهم أقوى بكثير مما يفرّقهم. الآن أكثر من أي وقت مضى أحسّ بأنني أصبت في العودة إلى بلدي، وأن قرار رفض العيش في البلدان التي تُسمّى «متحضّرة» هو قرار حكيم.
وقد كنت خلال مشاهد مختلفة من مشاهد الحياة اللبنانية المعقّدة والسخيفة والبائسة في الوقت نفسه، أحلم بالعيش في جزيرة حيث الناس غير "مفروزين" على أساس طائفي وحيث المؤامرات هي مؤامرات على التخلّف والجهل. لكننا لم نستسلم للقرف، وقررنا ألف مرة أننا باقون في الوطن، بغض النظر عمّا يعنيه الوطن بالنسبة إلينا، وعن عدم اتفاقنا على تحديد معنى له. والآن أكثر من أي وقت آخر أرى أننا نحتاج إلى أن نكون هنا وليس هناك.
نحاول بالمنطق أن نستدلّ على ما يجري ولا نقدر لأن ما يحدث غير منطقي وغير مفهوم. ويتركنا تسارع مشاهد القتل عاجزين عن مجرّد متابعتها، وكل ما يمكن أن نفعله هو أن نتفرّج على مشاهد الظلم هذه ونأسف لأنها حقيقية ونقول للقتلى في لحظات اليأس القصوى: هذه هي الحياة. أهذه هي الحياة فعلاً؟ لا، ما حدث في مصر وتونس وما نستمع إليه من بعض الشباب هنا وهناك في لبنان، وفي أماكن مختلفة من العالم العربي، يفرض علينا الأمل.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024