سمكة
أريد أن أكون (سمكة) بلا ذاكرة ولا مشاعر ولا هدف.مجرد شيء صغير وذهبي. أسبح بسلام في محيط واسع لا تهمني كثيراً أبعاده.
«تسبحين بسلام في محيط واسع ثم تبتلعك فجأة سمكة كبيرة من حيث لا تعلمين»
«لن افهم حينها ما يحدث فانا مجرد سمكة».
«أغرب الأشياء التي سمعتها في حياتي سمعتها منك»...
تقهقه بسخرية ثم تسحب الريموت كونترول بلا مبالاة واضحة، تسند ظهرها إلى الكنبة وتضيف:
«مُفلسة..» ثم تبدأ بتغيير المحطات بطريقة تبدو لي (سمكية) للغاية.
تضحكني الفكرة لثوانٍ قبل أن يهبط قلبي فجأة من الحزن ما أن تنبثق في وعيي صورة المكتب وعشرات البحوث التي علي تقييمها والأشخاص الأغبياء الذين عليّ أن أتملقهم،
و..«متى يعود زوجك؟»
..وزوجي...
- «منذ يومين..»
- «ديمقراطية والله..»
أتجاهل نبرة السخرية التي لم يعد أحد من أهلي وصديقاتي يكلف نفسه بتبطينها. أمد يدي إلى «البلاك بيري» الملقى منذ الصباح على الطاولة، تختفي فجأة جميع المحادثات المتراصة بلا رد وتبقى كلماته
«happy new year»
ابتسم بامتنان واكتب «لا تبدو كذلك». اقرأها مرتين ثم امسحها وأكتب: «شكراً، ولك أيضاً».
وتتوالى العبارات العادية كزخة مطر منعشة في يوم صيفي، لا نملك الـ(قدرة) على منعها من الهطول ولا الـ(رغبة) في ذلك.
يسألني عن عملي، طالباتي، موعد إجازتي. يقترح مدنا، أفلاماً، عناوين كتب. يشرح موقفاً سياسياً ويضحك على آخر. وفي دردشة متمردة على المفهوم الفيزيائي للزمن لا يبدو أننا نتمكن من قول كل شيء. انهي المحادثة أخيراً بوجه (مبتسم) على شاشة الجهاز و(غارق في الذنب) على صفحة وجهي. أمد يدي إلى الريموت كونترول واسحبه بهدوء من اليد الغارقة في النوم منذ مدة لا أعرفها. أغلق التلفاز، و بوجل أفتح قلبي.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024