واقعيون
لسنا أمواتاً. أخيراً تأكدنا من أننا لسنا أمواتاً، ولن نخجل بعد الآن من إنسانيتنا. وليس الآخرون الفخورون بإنسانيتهم أفضل منا، ليسوا أرقى، بل حاولوا ويحاولون أن يحرمونا ما يعتبرونها أغلى قيمهم: الحرية. ومثلما يتسع العالم للجميع، الحرية أيضاً تتسع للجميع.
لن نقول عن أنفسنا إننا خارج الحاضر، نحن الآن أبناء الحاضر وصنّاعه. يليق بنا كلّنا الأمل، حتى نحن أبناء البلد الصغير المريض بالطائفية، نحن الذين ندّعي الحرية. يحقّ لنا أن نحلم بحريّة حقيقية، فلا يكون كلّ منا رهن انتمائه الطائفي الضيّق الذي يحشره تحت راية أمير حرب سابق. لن نقول بعد الآن إننا بائسون، يمكن أن نثور على النظام الطائفي، يمكن أن نثور على أنفسنا.
أما الـ"نحن" الواسعة، الـ"نحن" العربية، فقد تنفّستْ أخيراً. تنفسنا أخيراً قبالة شاشات التلفزيون (بالرغم من قرفنا من بعص المحطات العربية) والكومبيوتر، على موقع فايسبوك تنفسنا. أخيراً يمكننا أن نقول إننا محظوظون، ويمكننا أن نسعد بأن أولادنا الصغار تعرّفوا مبكراً إلى أصوات الحرية، يمكننا أيضاً أن نتخلّى عن خوف آبائنا من الخيبات، الخوف الصريح أو المبطّن بما يسمّونه «الواقعية».
الشباب الواعون لحقوقهم والباحثون عنها وعن الاستفادة من الوسائل التي أتاحتها تكنولوجيا الاتصالات، هم الواقعيون، هؤلاء الشباب يتوجهون بجرأة نحو حاضر يريدونه مختلفاً وغدٍ يجب أن يكون أفضل من الحاضر. هؤلاء الشباب واقعيون، فالواقع يُصنع ولا يُستسلم له. فلنتوقف عن الخجل، ولنفخر بأن شباباً بيننا، شباباً يشبهوننا، آمنوا بالأمل وتحكّموا بالواقع وقرروا ونظّموا وتحرّكوا وصرخوا وصفعوا... الصفعة حقيقية وواقعية، هي البداية، بداية واقع جديد.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024