تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

دراما

«على الحب أن يكون شيئا لطيفا بالمجمل أو أن لا يكون».

تقولها كطير أدرك مبكراً مغزى الأجنحة.

«عندما يغشى الألم روحك مبللا إياها كإسفنجه ومفتتاً كيانك حتى آخر عظمة في هيكل إنسانيتك، فهذا يعني انك في موعد مع طبيب الأسنان تخلعين ضرس العقل للمرة الأولى ولست في موعد غرامي يا عزيزتي!»

تقول ذلك بهدوء بعد أن تغلق هاتفها النقال على صوت أحدهم كمقصلة بدون أن يرف لها قلب، ملقية إياه بنفاد صبر إلى مزبلة الذاكرة . ثم تنصرف بأقل قدر من الدراما إلى حياتها البسيطة بمسراتها ومشاكلها، تخوض معاركها اليومية  فتربح أحيانا وتخسر أخرى. وحين تعود مساء إلى غرفتها وتغطس وحيدة في حوض الاستحمام الدافئ فان قصة عاطفية تستنزف بغباء ما تبقى من طاقتها هي بالضبط ما (لا تريده).

«في نهاية يوم آخر عادٍ وطويل، ليس بالأكثر (قرفا) ولا بالأشد (انشكاحا) فان آخر ما نحتاجه هو صوت  مُدرّسة أنهكها نصاب الحصص تشرح لنا ما علينا أن نفعل وما علينا ان نقول، أو صوت  (والديَن)  غير قابلَيْن للرضا نخسر أمامهما جميع معارك (البر) الظالمة يعيدان تجربة تربيتنا الفاشلة. ما نحتاجه ببساطة هو صوت مُنعش وحبيب يقول لنا بأقل قدر ممكن من الدراما  «أحبك تصبحين على خير»!  إذا كنت تعتقدين أن هذا بالشيء الكثير فقد تم تظليلك».

وتبدو هادئة أمام اتهامات القسوة التي تلوح خلف التعليقات الجبانة ذات المعنيين التي يغدقها عليها الأخريات المسحوقات تحت أقدام (المتاح من الحب)،  قبل أن ينخرطن من جديد في دوامة من التسويات العاطفية المجحفة تجعل من حقيقة أن «اللي يجرا عليهم ما يجرا عليها» أكثر وخزاً.

«لا تبيعي راحتك في سوق الـ(مُعتاد) انسياقا خلف الإعلانات التسويقية التي يروج لها الكاسدون، الحياة ابسط من ذلك»

«خليها تنفعك!»

تقولها والدتي بعد كل صفقه تفشل في عقدها ، تحاول فيها بدون أن تدرك بيع روحي لشيطان الستر المزيف  كتقليد عائلي لا يتحدث عنه أحد ، تكنس فيه نساء عائلتنا جيلا بعد جيل تعاستهن بكل همة تحت سجاد الواجبات الاجتماعية ثم يستلقين ليلا على سرير العُرف ليصنعن الأطفال وحيدات بالكامل.

تعنفني بغضب وتقول: «ستنتهي وحيدة وتعيسة وستنتهين مثلها!»

فأكاد أقول  بأنها تبدو لي أكثر وحدة منك، وقد عرفتك منذ شبابك الأول تعلمين نفسك أن تحتاج فقط ما يمكنها الحصول عليه وتزهد في الباقي، أكاد أراك بعيني مراهقة في السادسة عشرة تقفلين علبة مجوهراتك الفاخرة، ترفعينها فوق دولاب ملابسك وقد ارتديتِ كل ما فيها باستثناء تلك القطعة المهجورة التي تسمينها (قلبك). إذا كانت الوحدة قدرنا على كل حال فلا شيء يمنعنا من أن نحياها «مرتاحات».

الحياة ابسط بكثير من جميع المسلسلات التي ننغمس في فصولها بغباء لنصنع لأنفسنا دورا بطوليا لا ينتبه له أحد . والمسلسل الوحيد الذي انوي الانغماس فيه لابد أن يكون «شيئاً لطيفا بالمجمل، أو أن لا يكون».

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077