كفّي مجونَك
تَعِب الهوَى، أمْ إنّ قَلبي مِن هَواهُ قدْ تعِبْ؟
أمْ إنّهُ هَجَر الضُّلوعَ مُحلّقاً فوقَ السّحبْ؟
قَدْ ملَّ مِنْ سِجْن المَلامةِ والتّجَنّي والرِّيَبْ؟
أتُراهُ في قِمَم الذُّرَى يَهْفو إِلَى عِزِّ الأرَبْ؟
ويُغَازِلُ النّجْمَ البَعيدَ، وَلا يُبالي بالشّهُبْ
وتَراه يَهْزأُ بالثُّلوجِ، وَبِالرّيَاحِ، وباللَّهَبْ
ويُعَانِقُ الكَونَ الرّحيبَ، مِنَ التّجَلّي فِي طَربْ
ويُداعِبُ الجَوزاءَ في العَلياءِ، لاَ يَخْشَى الغضَبْ
وإِذا رَأى فِينُوسَ تَطلُبهُ الهوى، حَصَل الطّلَبْ
هَذا فُؤادي هَائمٌ، رُوحٌ سَرى خَلْفَ الحُجُبْ
هَذا فُؤادي الحرُّ، سُكنَاه الذُّرى فَوْقَ الرُّتَبْ
يَا فتنَةَ الثّقَلَينِ، قَدْ تَعِبَ الفؤادُ مِنَ اللَّعِبْ
مَا عَادَ يُغرِيهِ التّودُّدُ بالوعودِ وبالكذِبْ
وسَئِمتُ مِنْ لهوِ السّرَابِ، إِذا تَلأْلأَ أو خَلَبْ
كُفِّي مُجونَك عنْ جُنوني، فَالحِجَى عَنِّي احْتَجَبْ
كُفّي خَيالَك عَنْ جُفونِي، لَم أنَمْ ليْلي حِقَبْ
كُفّي عَنِ القَلْبِ المعَذَّبِ بالتدَلّلِ والهَرَبْ
كُفّي هَواكِ، فمَا أنا ذَاكَ المتيَّمُ بالعتَبْ
حَطَّمْتُ كَأسِي وَانْتهَى، وَكَفَاهُ قَلْبي مَا شَرِبْ
إِنّي رَحَلْتُ عنِ الْهَوى، وَزَجَرتُه لمَّا اقْتَربْ
خَاصَمْتُ حُبَّكِ فارْحَلي، خَاصَمتُ قَلبي فاغْتَرَبْ.
٭ ٭ ٭
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024