تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

تاريخ

هذا الصباح سألت عن باقة ورد. أحب الصباح والورد أيضاً، لذا أظن أن يومي سيكون عادياً. وأحب اليوم العادي الذي لا يحيرني خلاله بحثي عن أجوبة مقنعة عن أسئلة غير مقنعة «تطرح نفسها»، كما يقولون. ترتبط أسئلتي برغبتي في أن تشبه حياتي رواية بسيطة عادية. أغمضت عيني وألقيت عليك تحيتي الصباحية، لكنك كنت تزهو بأزياء غريبة تشبه الأزياء الباكستانية الأسلوب. كان قماش الزي الأسود مزيناً بخيوط رفيعة بيضاء، فبدوت نحيلاً وهو أمر استغربته حتى أضحكني. ألقيت عليك التحية الصباحية لكنك لم تبال بحركة يدي وابتسامة عيني. كان الحلم قصيراً، ربما شغل الدقائق العشرين التي سبقت مغادرتي السرير. تمسكت بساعدك القوي في حلمي القصير، لكنك كنت منهمكاً في أداء دور المنهمك في مشيته، وكنت تخطو نحو درج الحديقة كأنك تخطو نحو منصة تتويجك ملكاً أونحو لحظة انتخابك نائباً في البرلمان.

هذا الصباح سألت عن باقة ورد ثم جلست في مقعد جلدي أقرأ رواية يمتزج فيها التاريخ بالخيال أو بالواقع كي لا أقول الحقيقة، لأن رواية التاريخ بعيدة عن الحقيقة. هكذا أعيش اليوم الأول من عطلة نهاية الأسبوع أو «الويك أند» وأتذكر ما قالته لي صديقة لم تعد صديقتي: «الملل أول الشرور». قالتها بالانكليزية طبعاً، فقد كنا ندرس معاً لامتحان مادة «القانون الدولي» حين فاجأتني عبارتها تلك. صدّقتها وقررت أنني اكتشفت «صديقة» مميزة ثم أضعتها. وبينما كنت منهمكة في إعداد أوراق تسجيلي في صفوف الدراسات العليا في اللغة العربية رأيتها فجأة أمامي حاملة بطناً مكورة في يدها، فاستغربت المشهد، خصوصاً أنها طالما أشبعتني محاضرات عن ضرورة أن نحقق  لأنفسنا وجوداً ما بعيداً عن سلطة أهلنا أو سلطة رجل مجهول يقرر أن يشاركنا الحياة.

هذا الصباح سألت عن باقة ورد في محل الورد القريب من الرصيف حيث اعتدت أن أراك تتسكع أو تتأمل البحر كما يحلو لك أن تقول. لمن تركت الجريدة على الطاولة التي تحتل الزاوية الملتصقة بالباب الخارجي للمحل الذي يقدم الحلوى والقهوة وأغان فارسية؟

رأيتك، لكنني قررت أن أنتظر اللحظة المناسبة التي تسمح لي بأن أجلس إلى جانبك إلا أنك غادرت فجأة. لمت نفسي لأنني أخفق في التعامل مع اللحظة التي أكون قد انتظرتها طويلاً.  ربما لأنني أحب أن أترك أموري تقودني إلى نتيجة لم أتوقعها. وأعتقد أن في تصرفي هذا نوعاً من الغباء المبطّن بالتشويق.

بعد محل الورد عدت إلى روايتي «التاريخية الواقعية الفانتازية»، فقد احترت فعلاً في تحديد الفرق الحقيقي بين الكلمات الثلاث. كتبت أسماء أبطال الرواية على ورقة مزقتها من دفتري الأزرق. واكتشفت أنني أستطيع أن أتسلى في اليوم الأول من «الويك أند» في الوصف. ما بقي لي إلا وصف البيت الذي أحب أن أعيش فيه ووصف  خوفي الهستيري من الموت ولقائي المقبل بك دون أن تتعرف إليّ ولون الأرض في مدرستي القديمة. 

وبعد أن أكتب نتف روايتي التي أنوي كتابتها في شكل جدي، أقرأ لنفسي حكاية ما قبل النوم قبل أن يبدأ عرض المسلسل الكوميدي الأميركي. فماذا لو غفوت خلال الدقائق الأخيرة من المسلسل؟ لا أريد أن أنام دون أن أسمع حكاية ما قبل النوم.

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077