تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

قصة

كجزيرتين صغيرتين ومنسيتين في محيط من سكون الانتظار يقبعان لا يجمع بينهما سوى وعد الحب القادم.

-«اعرف انه موجود. كل الحكاية أنني لم التقِ به بعد».

تُعدُّ نفسها له كعروس منذ أن كانت في الثامنة، حين سقطت دميتها المفضلة من بين يديها بينما تتلقى وحي الحب الأول  في غفلة من السامعات المتحلقات حول ابنة عمها النابضة بالصبا وهي تهمس لهن بقدسية:

- «اليوم قابلته..»

يضيء قلبها الصغير بينما تسترق السمع إليهن بوحي سماوي وتزهر روحها كحديقة. وفي  جو من الروحانية الساحرة تعلو إلى بُعد جديد حيث كل شيء أحبته يبدو طفوليا وسخيفاً. الشوكولاتة، الفساتين المبطنة بالتُل ، ومجموعة الدمى التي تشاركها غرفتها وأحلامها.

- «قال لي أنتِ لي وألبسني خاتما»

تتعالى الصيحات اليافعة والمكبوتة وتتلقف الأيدي  كفها الصغيرة بالكثير من النشوة والحسد. 

تقترب ما أن تخفت ضحكاتهن محاولة اجتياز عتبة الطفولة الساذجة إلى عالمهن المغري بصنوف النشوة والعنفوان و الصبا. فيجفلن ما أن يرينها تقف بصمت يقطر توقا خارج دائرتهن الواعدة قبل أن يتطايرن كعصافير برية تتردد في المكان أصداء ضحكاتهن.

«ممكن أشوفه؟»

تنظر إليها بتوجس مخفية يديها خلف ظهرها وتنوي أن تنكر روحها إن لزم الأمر.

«الخاتم، بس أبي أشوفه...» 

شيء ما في عينيها الدائريتين يجعلها تسترخي، وشيئا فشيئا تمدُ لها كفها النابضة بالوعد. تلقي إليه نظرة  طويلة و متأملة شيمتها اللهفة فيَشمُ  قطرهُ الذهبي قلبها إلى الأبد.

«حلو؟»

تهز رأسها الصغير فتنتثر ضفيرتها إلى الأبد. تسحب محدثتها يدها وهي تبتسم قبل أن ترحل مسرعة مستجيبة لنداءات صويحباتها. تغيب في دائرتهن كملكة مخلفة وراءها قلبا ينضج للمرة الأولى  وإصبعا مغمسا بلعنة الانتظار. يقف صامدا أمام كل عروض الزواج المبتذلة التي تحدثها عنها والدتها وخالاتها والصديقات المبتليات بالزواج، تقول لهن بحسم:

«لا!»

وتنتظر أن تلتقيه. ان يقول لها أنت لي ويلبسها خاتما.

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077